بسم الله الرحمن الرحيم الحي القيوم لا اله الا هو وهو على كل شيء قدير وصل اللهم وبارك على سيدنا ومولانا محمد عبدك ورسولك وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد:
اخي العزيز لقد واجهت نفس حالتك وساحاول ان اشرح لك بعض ما توصلت اليه
قوانين الفيزياء كلها مبنية على وجود عدد محدد من الكميات المنحفظة التي لا تتغير خلال العمليات الفيزيائية ما دامت الجملة معزولة - كمثال بسيط خذ المال الذي هو في جيبك الان فان تحركت داخل غرفتك و تفقدته و وجدت بعضه فقد فان متاكد ان هذا المال المفقود ليس ببيت الجيران ولا في المريخ بل هو في غرفتك قد وقع منك - اذن فهذه الكميات المحفوظة تعطى فرصة جيدة لدراسة الطبيعة اذ ان الزخم المفقودة من جسم في تصادم مع جسم اخر هو بضرورة نفسه المكسوب من الجسم الاخر مل داما بعيدين عن التاثيرات الاخرى وهذا الضخ للزخم لا يتم بالتلامس الماكروسكوبي بالمعنى الحرفي بل هناك الية تدعى التاثيرات المتبادلة مسؤولة عن هذا التبادل في الزخم ، فاذن فاذا عرفت الشروط الابتدائية التي يوجد بها جسم ما - موقعه وسرعته الابتدائية - وعرفت قانون ضخ الزخم اليه - القوة المطبقة - امكنك معرفة مستقبله - مساره- ونفس المحاكمة تنطبق على العزم الزاوي و الطاقة الكلية وغيرهما من المقادير المنحفظة و هي الطريقة التي تعتبر ممكنة من وجهة نظر المكانيكا الكلاسيكية عند اذن نقول ان تطور الجملة الفيزيائية محدد ، السوال المطروح الان كيف نحدد مختلف المقادير التي تجعل حالة جملتنا الفيزيائية و الجواب البسيط طبعا اننا سنقوم بعملية القياس ، طبعا اخي انت تعلم انه اذا كنت بصدد قياس موقع سيارة ما فان اكبر احمق سوف يخطا في متر واحد على الاكثر لكن ما يمثل ذلك المتر امام مئات الكيلومترات التي تقطعها السيارة ، نفس الشي بالنسبة للسرعة و الزخم ، كما هو معروف فان الزخم هو الذي يجعل السيارة تتحرك و بما ان الخلل الذي يحصل في تحديد موضع السيارة بسبب عدم تحديد الزخم بدقة سيكون مهملا امام الموضع الحقيقي فاننا لا نرى اننا في حرج في حياتنا اليومية .
حاول ان تطبق نفس القصة على الالكترون في الذرة طبعا انه لكي تتمكن من رؤيته - وهذا غير ممكن حاليا - فانك بحاجة الى مجهر لكن هناك مسالة طريفة :الية عمل المجهر تعتمد على تسليط الضوء على العينة والضوء هنا كما نعلم عبارة عن فوتونات لها طاقة وزخم مرافق من نفس رتبة طاقة وزخم الالكترون وحسبما نعرف فان هذا الفوتون سوف يتفاعل مع الالكترون مغيرا مداره الى مدار اخر ، و السؤال المطروح هل هذه الحالة التي سوف نراها هي نفس حالة الالكترون الاولية هل يمكن اعتبار تفاعل الفوتون والالكترون مجرد ارتياب تجريبي يمكن تصحيحه وستجيب اخي طبعا بالنفي ذلك ان الطاقة و الزخم المكسوبين من طرف الاكترون كفيلان بابعاده عن حالته الاولى غير المعروفة تماما ، قد ترد اخي بالقول : لم لانعتمد هذه الحالة المقاسة كحالة ابتدائية و اقول لك ان هذا هو ما يعتمده الفيزيائيو ن لكن ان كن قمت بقياس موقع الالكترون في التجربة الاولى ، فان حاولت مباشرة قياس موقعه مرة اخرى فتحصل على نفس موقعه الاول - بعد التجربة الاولى - لكن ان حاولت تطبيق منطق الميكانيكا الكلاسيكية لتعريف زخم الجملة فان الاجابة لن تكون واحدة فلو كان لك الف عينة من التجربة الاولى ستحصل على نتائج مختلفة للزخم كل منها يؤدي الى مسارات مختلفة تماما عمايعطيه بقية القيم للزخم ،ان الزخم و الموضع ليسا متلائمين اي لا يمكن تحصيلهما معا وبدقة اصغر بكثير من رتبة مقادير الاشياء الكمية ، لتوضيح الصورة اكثر لو كانت نظرية الكم تطبق في حياتنا اليومية لقلت لك تتبع حركة سيارة ما معروفة الزخم و لكن موضعها الان بين مكة والمدينة طبعا هذا سوال اخرق لكن لو كانت نظرية الكم مطبقة عندنا وكان لدينا منطق الميكانيكا الكلاسيكية فان هذا السؤال هو ما سنحاول الوصول اليه لكن دون جدوى بالتالي فان منطق الميكانيكا الكلاسيكية منبوذ على المستوى الذرى و كل مانقوم به في فيزياء الكم هو معرفة احتمالات لمقادير كلاسيكية فاقدة لحس التحديد من وجهة نظر التقليدية .
لكن ما العمل لتحديد حالة نظام كمي بصورة دقيقة ، لحسن الحظ فانه توجد فرصة اخرى لمحاولة معالجة مشكل تعدد المسارات الذي نحصل عليه بطريقة كلاسيكية وذلك لوجود مجموعة من المقادير الفيزيائية التي بمكن تحصيلها معا بدقة كبيرة تسمى مقادير متلائمة - طبعا هذه المجموعة ليست وحيدة - وكل المقادير المتلائمة التي نحصل عليها يمكن عندها تحديد حالة نظام كمي بهذه المقادير - خذ مثلا طاقة و زخم جسيم دون عزم ذاتي - و بالتالي معرفة تطور حالته مع الزمن اذا عرفت طبيعة الشيئ الذي يمثل الحالة - اجمع الفيزيائيون على انه دالة موجية يمثل مربعها المركب كثافة احتمالية - و قانون تطورها مع الزمن وهو ماقام شرودنغر بوضع نصه في معادلته المشهورة .
لكن ما هو مصير الميكانيكا الكلاسيكية ما دام العالم مبنيا من تجمع جسيمات كمية في الاساس ؟ ان هناك معيارا بسيطا لمعرفة جواز استعمال الفيزياء الكلاسيكية و هو حساب الفعل مثلا - زخم في موضع- - طاقة في زمن- فان كان هذا الفعل من رتبة ثابت بلانك التي تمثل عتبة - اصغر تغير يمكن ان يلاحظ في الطبيعة - فان الميكانيكا الكمية هي الحل وان كان اكبر بكثير من ذلك كانت الاخطاء في القياس مهملة امام المقادير المقاسة وجاز عندئذ استعمال الميكانيكا الكلاسيكية
تم بعون الله و حفظه و الحمد لله رب العالمين