ملتقى الفيزيائيين العرب - عرض مشاركة واحدة - انقسمت حياتي بعد ذلك اليوم الى فصطاطين ايام مضت وايام مقبلة
عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 01-03-2008, 03:14
الصورة الرمزية ربانة
ربانة
غير متواجد
مشرفة أقسام المنتديات الخاصة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2006
الدولة: المملكة العربية السعودية
المشاركات: 4,993
افتراضي رد: انقسمت حياتي بعد ذلك اليوم الى فصطاطين ايام مضت وايام مقبلة




الفصل الثاني

:: وقفة تأمل ::

خرجت من بيت ذلك الرجل إنساناً آخر فكلماته عملت في نفسي عملها وكان حديثي طوال شهري ذاك الذي سبق محنتي في البحر عن هذا
الرجل وعن آية مرضه. ومما أذكر من قوله: "كم من الإشارات الحمراء قطعنا مع الله ولو شاء لأصابنا بمخالفاتنا حوادث وآلاماً ومحناً ونستحق والله هذا العقاب،
ولكنه غفور رحيم حليم تواب".كان شهري ذاك هو شهر إعادة حساباتي واسترجاع لشريط أحداث حياتي. أما صديقي الذي سأبقى مديناً له لأنه عَرَّفَني على هذا الرجل،
فقد اكتشف أنه مصاب بسرطان القولون وتم استئصال السرطان وجزء من الأمعاء وبقي تحت العلاج الكيميائي، فكان بمثابة آية ثانية لي ورأيت فيهما رسالتين كأني
أنا المعني بهما، فبدأت أنظر للحياة نظرة أخرى، فمثلاً بعد أن كنت أتكاسل عن رؤية وَالِدَيَّ أصبحت أحرص على أن أراهما يومياً ولو لبضع دقائق.وجاء يوم الخميس
الموافق الثامن عشر من شهر مايو لعام 2006م، وقد اعتدت مع صديقين لي أن نَذهب للغوص والصيد مرتين في الشهر، وفي هذا اليوم أنهيت عملي متأخراً وخشيت
أن أؤخر صديقيّ ولكنهما انتظراني، أما الصديق الأول "طلعت مدني" فقد اعتدت الذهاب معه منذ عام 1994م، أما صديقي الآخر فاسمه "Manning" فلبيني الجنسية، وقد أسلم قبل عام وسمى نفسه ب"يوسف". وخرجنا للبحر كعادتنا، وسجلنا في مكتب حرس الحدود بأبحر وقت عودتنا كما توقعناه آنذاك الساعة السابعة من مساء نفس اليوم، واتجهنا بالقارب لمنطقة تسمى "الوسطاني" وهي حوالي 20 كيلو متراً غرب جدة ووصلنا في الساعة الثانية عشرة والنصف بعد منتصف النهار وأنزلنا المرساة الأولى ولكنها لم تثبت بسبب الأمواج إلاَّ بعد عدة محاولات فوضعنا مرساة أخرى إضافية زيادة في الحِرص، حيث كان لي قبل عدة سنوات تجربة قاسية انفصل فيها القارب عن المرساة ولكنني استطعت بفضل الله أن أصل إليه بعد(5) ساعات من السباحة المتواصلة. تأكدنا من تثبيت المرساتين ونزل ثلاثتنا للغوص وكان هذا الخطأ الأول إذ إننا لم نترك واحداً منا على ظهر القارب فقد غلبتنا رغبتنا في أن نكون سوياً تحت البحر وألهتنا الثقة الزائدة بالنفس عن أخذ الحيطة نظراً لخبرتنا الطويلة بالغوص، وكان الموج قوياً ذاك اليوم وكان الصيد وفيراً، وبعد 40 دقيقة صعدنا إلى ظهر القارب للراحة، وقُلت لصاحبي طلعت - وقد أرهقتنا مشقة الغوص وجهد الترتيبات التي تسبقه مما يجعل الجهد مضاعفاً-: "يظهر أننا نحتاج إلى رياضة أخرى فقد كبرنا في السن على هذه الرياضة المرهقة" فأجاب طلعت مطمئناً إنه لازال أمامنا عشر سنوات أخرى في هذه الرياضة فإنني أعرف من ناهز الستين من العمر ومازال يمارس الغوص، تأكدنا مرة أخرى من ثبات المرساتين ثم نزلنا للغطسة الثانية الساعة الثالثة والنصف ظهراً وكعادتنا طلبنا من أحدنا أن يغوص قريباً من المرساة،وبعد 30 دقيقة وجدت أن المرساة مقطوعة فذهب "طلعت" للتأكد من المرساة الأخرى فلم يجدها، ولم أستطع الصعود لأنني أحتاج إلى دقيقتين لتحقيق تعادل الضغط، وعند صعودي رأيت في وجه "طلعت" الذعر وهو يصرخ القارب "الذي صار على بعد 300 متر تقريبا" وقاربنا "Boston Whealer"طوله حوالي23 قدماً- فتبادر إلى ذهني تجربتي التي حدثت قبل (5) سنوات وكيف أنني استطعت الوصول للقارب بعد(5) ساعات من السباحة المتواصلة، وهنا كان خطأي الثاني وخدعتني مرة أخري ثقتي الزائدة بالنفس، ولو أنني استقبلت من أمري ما استدبرت لأدركت في تلك اللحظة أن الأمر اليوم مختلف تماماً، فقد كان الجو آنذاك أفضل والأمواج أهدأ، بل والذي ساهم في لحاقي بالقارب آنذاك أن المرساة المتدلية من القارب اصطدمت بصخور فأبطأت حركته، أما هذه المرة فليس ثمة صخور ولا شُعب مرجانية بل بحر مفتوح وأمواج قوية، وبدون تفكير وحرصاً مني على أن أكسب كل دقيقة ألقيت بسترة الغوص (الطفوية) واسطوانة الهواء والبندقية وانطلقت في اتجاه القارب بأسرع قوة، وفي هذه الأثناء مَرَّ قارب صيد بيني وبين القارب فصرخت بأعلى صوتي ولكنهم لم يروني أو يسمعوني فأكملت السباحة وكان الوقت الرابعة عصراً، ولكني سرعان ما أدركت أن الموج مختلف هذه المرة، وبعد سباحة ساعة وجدت أن المسافة بيني وبين القارب ثابتة لا تتغير وبعد ساعتين في تمام الساعة "السادسة مساءً" أدركت أن المهمة لن تكون سهلة، فقد تغير مسار القارب عدة مرات وبدأت المسافة بيني وبين القارب تزداد
.




.
.
نواصل الى الفصل الثالث

ويتبع
__________________
https://twitter.com/amani655
رد مع اقتباس