يدخل الضوء ضمن علم البصريات الذي مر بمراحل عدة بدأت بآراء فلاسفة الإغريق :
كانت آراء فلاسفة الإغريق هي أول ما سجله تاريخ العلم في محاولة تفسير حاسة الإبصار وفهم طبيعة الضوء وتعليل ظواهره ،وهو ما عرف في لغتهم باسم (الأوبطيقا ) optics أي (البصريات ) لكن بحوثهم في هذا المجال لم تكن وافية والموضوعات التي عالجوها لم يتعمقوا كثيرا في دراستها ولهم في هذا عدة آراء منها :
1- أفلاطون : اعتقد أن إبصار الموجودات يتم بخروج النور من العين.
2- أرسطو : خالفه في الرأي وزعم أن الضوء ليس له وجود في ذاته وأن الإبصار يتم بانطباع صور الأشياء في العين.
3- أبيقور : تخيل أن للمرئيات أشباحا أو صورا تنخلع عنها وتبعث منها بصورة مستمرة ويتم الإبصار بورود هذه الصور إلى العين.
4- الرواقيون : اعتقدوا أن الإبصار لا يتم إلا بالاتصال المادي بين العين وبين الجسم المرئي عن طريق شعاع يخرج من العين ويلامس الجسم المرئي.
وهكذا تعددت آراء الفلاسفة الإغريق (الصورية ) بدون الاعتراف بدور الحواس في تحصيل المعرفة .
منهج جديد في العصر الإسلامي :
استطاع علماء الحضارة الإسلامية أن يعثروا على منهج علمي جديد لإنتاج المعرفة وتطويرها يعتمد على الملاحظة والتجربة ويستخدم الفروض للوصول إلى نتائج أعم و قوانين أشمل يمكن التحقق من صحتها ويسمى هذا المنهج بالمنهج التجريبي الاستقرائي. وهنا تكمن عظمة المنهج العلمي الإسلامي في أنه تجريبي عقلي في آن واحد ، يدعوا إلى إعمال كل الملكات الإدراكية التي منحها الله للإنسان وحمله مسؤولية استخدامها كوسائل للعلم وأدوات للمعرفة . قال تعالى : (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون ).
ومن الذين حققوا الريادة في هذا المنهج ...الحسن بن الهيثم (354هـ /965م -340 هـ/ 1039 م ).
ينسب إليه تأسيس علم البصريات بأكمله ، فقد صنف فيه مصنفات عديدة اشتهر من بينها كتابه ( المناظر ) الذي نهل منه كل من جاء بعه ودعا الاهتمام العالمي به إلى وضع ترجمة لاتينية كاملة له عام 1572م أخذ عنها الكثير من علماء الغرب ومن أهم ما قام به ابن الهيثم :
1- وضع حدا للخلافات القديمة حول تعريف الضوء وتفسير حاسة الإبصار
2- ناقش ناقش عملية الإبصار وبين في ذلك تركيب العين من الناحية التشريحية ووظيفة كل جزء
3- بحث في ظاهرة انكسار الضوء
4- بحث في ظاهرة انعكاس الضوء
إضافة إلى الكثير من البحوث العلمية كان حريصا على إظهار الجانب العملي التطبيقي في بحوثه العلمية .