تعليقي:
الحركة التراجعية للكواكب كانت معروفة لدى البابليين بإعتبار أنهم هم الاوائل في علم الفلك ، وكانت معروفة أيضا لدى الاغريق والرومان وكذلك العرب والمسلمين ومن يقرأ علم الفلك القديم سوف يضحك على
الرسالة بمجرد قرائته للحقائق الموجودة فيها.
يمكن القول بأن الحركة التراجعية للكواكب كانت من أبرز المعضلات والهم الذي شغل علماء الفلك القدامى لقرون عديدة ، دعونا نرى هذي الحركة من خلال هذي الصورة التي اخذت في فترات متقاربة للحركة التراجعية للمريخ وكذلك الحركة التراجعية لورانوس خلف المريخ خلال عام 2003 كمثال :
الموقع :
http://cseligman.com/text/sky/retrograde.htm
وهذي الصورة خلال عام 2005
تاريخ الحركة التراجعية للكواكب:
أرسطوطاليس (384 - 322 قبل الميلاد) :
يعتبر أرسطو أحد أبرز فلاسفة الاغريق على مر العصور ، الكثير ينسب اليه فكرة مركزية الارض ، ولاننسى ايضا فكرة تسارع الاجسام الى الارض بتسارعات مختلفة ، وكذلك انجذاب الاجسام الى الكهرمان ((
الكهرباء الساكنة)) ، تأثر بفلسفته علماء مسلمين كثر منهم ابن سيناء والفارابي وابن رشد ، قال بأن الأرض تقع في مركز العالم فيما تكون الشمس والقمر والكواكب الخمسة المعروفة على عهده (وهي عطارد والزهرة والمريخ والمشتري وزحل) متحيزة في كرات أثيرية شفافة متمركزة بعضها فوق البعض الآخر.
استطاعت هذه النظرية الأرسطية تفسير الحركة الظاهرية للشمس والقمر والكواكب والحركة اليومية لنجوم القبة السماوية من الناحية المبدأية العامة ، ولكنها لم تفسر الحركة التراجعية نهائيا.
كلاوديوس بطليموس (85 ـ 165م ) :
وهو عالم مصري من أصل يوناني ولد في صعيد مصر نهاية القرن الأول الميلادي ، لقد تمكن هذا الرجل من أن يرقى بعلم الفلك إلى مستوى جديد من خلال نظرياته الفلكية الهندسية التي استطاع التحقق من الكثير من معطياتها من خلال الرصد ، ولعل أشهر أعماله هو كتاب المجسطي Almagest أو الأعظم الذي اشتمل على كافة المواضيع الهندسية والفلكية. وقد تُرجم كتابه هذا إلى العربية واعتمده الفلكيون العرب المسلمين. وقد استطاع بطليموس تفسير الحركة التراجعية للكواكب السيارة وفق نموذج جعل من الأرض مركزاً، فيما يدور الكوكب في فلك يسمى "فلك التدوير" يقع مركزه في نقطة تقع على محيط الفلك الذي تكون الأرض مركزه وهو المسمى الفلك الحامل.
ظل هذه النموذج مقبول على مدى 15 قرنا تقريبا.
نيكولاس كوبرنيكوس ( 1473 - 1543م ):
وضع العالم البولندي كوبرنيكوس نموذجا مختلف تماما عن نموذج بطليموس يقر بمركزية الشمس بدلا من الارض ، (( الكواكب الستة تدور حول الشمس والقمر يدور حول الارض والارض تدور حول نفسها )) ، ويعطي تفسيرا اخر للحركة التراجعية (( الكثير من المصادر والمعلومات تؤكد أن كوبرنيكوس كان على علم بما توصل اليه إبن الشاطر المدشقي بإعتباره غير راض عن نموذج بطليموس كما ورد في مخطوطات ورسوم وجدت في بولندا )) .
ايضا عرض جافا في هذي الصفحة :
http://www.astro.uiuc.edu/projects/data/Retrograde/
يعطي هذا النموذج تفسيرا مقبولا للحركات الارضية وكذلك الحركة التراجعية بإعتبار ان المريخ والارض تدوران حول الشمس وتدور الارض اسرع من المريخ (( هذي الفكرة مهدت السبيل للعديد من النظريات والقوانين كقوانين كبلر ونيوتن )) ، بدلا من أفلاك التدوير المعقدة التي قالها بطليموس.
لاقت فكرة كوبرنيكوس في البداية انتقادا كبيرا بإعتبار ان الكواكب تدور حول الشمس في مدارات دائرية متساوية وهذا يخالف الرصد والحساب ، ولكن العالم الالماني كبلر استفاد من نموذج كوبرنيكوس وكذلك أرصاد وحسابات العالم تيكو براهي بإعتبار كبلر كان مساعدا له ، ولكن كبلر قام بتعديل المدارات الى مدارات اهليجية متوافقة مع الرصد والحساب ونشر نظرياته الثلاث المتعلقة بمدارات الكواكب والتي كانت البداية الحقيقية لعلم الفلك الحديث والسبيل الى قانون الجذب العام لنيوتن.
كل هذي المعلومات والتواريخ توكد ان الحركة التراجعية للكواكب كانت المحرك الرئيس لادراك الكثير من الحقائق والمعلومات التي توصل اليها العالماء على مدى مئات السنين من قبل الميلاد وحتى العصر الحديث ، من نموذج ارسطوطاليس الى النظرية النسبية لاينشتاين ، ولاحظ التواريخ (( مئات السنين )).