الأخت اسطورة حياك الله
حقيقة لا يوجد تفسير علمي واضح يفسر تحول القوى النووية الشديدة من قوى ترابط إلى قوى تنافر في حدود مسافة 0,4 فيرمي , ولا أريد في هذا المقام أن أطلق العنان للخيال وما تجترحه بنات الأفكار من تخيلات أغلبها يكون مشحون بالعاطفة تؤدي إلى حالة من الإرتكاس العلمي , والسبب في ذلك مرده افتقارنا إلى الوسائل والأدوات التجريبية اللازمة وهي طبعا ليست بالمسألة البسيطة أو يمكن الاستعاضة عنها بأوراق وأقلام رسم , إضافة إلى عدم المواكبة الحثيثة لآخر ما تم التوصل إليه من نتائج علمية وعملية ضمن هذا الموضوع .
فإذا ما عدت إلى الإفتراض موضوع المشاركة والذي يتسآل بالأساس عن سبب تحول قوة الترابط النووي إلى قوة تنافرية في المسافة التي تداني 0,4 فيرمي , وحسب المراجع التي تسنى لي العودة إليها وجدت أن هذا الإفتراض المطروح وما تلاه من تفسيرات فيها الكثير من الإسهاب غير منطقي لأننا بذلك ندمر الدعامة الوحيدة المميزة لهذه القوة وهي الربط بين النوكليونات , أما إذا كان في خلفية التساؤل وجود الفعل المؤثر للقوة الإلكتروستاتيكية ضمن مسافة 0,4فيرمي على اعتبار أن التنافر ميزة من ميزات هذه الحقول , فهذا يتعارض مع ما سلمنا به علميا بأن القوة النووية الشديدة لم تأخذ تسميتها لولا كونها قوة طاغية على أية قوة أخرى يمكن أن تكون ضمن المسافة المحددة لفاعلية تأثيرها .
ولكن رغبة مني في المشاركة الإيجابية بهذا الموضوع
فإنني أقول وبشكل خجول - لأنني في مقام علم الفيزياء النووية المهيب - يمكن أن يوجد تفسيرين والله أعلم:
الأول :
يتمثل بالمسألة التالية وأظنها ليست بغائبة عنك :
وهي أن الأشياء تتفاعل دون تلامس فمثلاً كيف يشعر مغناطيسان كلٍ بوجود الآخر وبناء عليه يتجاذبان أو يتنافران . كيف تجذب الشمس الأرض ؟
ففي الأساس ، ليست القوة شيئاً يحدث للجسيمات . بل شيء يتبادل بينها , ويبدو أن جميع التفاعلات التي تؤثر على الجسيمات المادية ، هي نتاج تبادل جسيمات حاملة للقوة .
إن القوة التي تربط الكواركات مع بعضها البعض في الهادرونات وتربط هذه الأخيرة مع مثيلاتها من الهادرونات هي القوة النووية الشديدة , هذه القوة تعمل أيضاً على ربط كل من البروتونات والنيترونات مع بعضها في نواة الذرة , وتؤثر الكواركات إحداها على الأخرى من خلال قوة ( شديد strong ) عن طريق تبادل الغلونات ( gluons ) , وهي جزيئات طاقية حاملة القوة ( شديد ) , الغلونات تعمل على ربط الكواركات مع بعضها بواسطة تغيير إحدى خصائص الكواركات والتي تدعى شحنة اللون أو شحنة الطابع وتسلك الغلونات سلوك النابض الذي يؤمن ترابط الكواركات من جهة ويحافظ على المسافات الفاصلة بين هذه الكواركات نتيجة مقاومته للانضغاط من جهة أخرى , من هنا يمكن أن يكون تعليل سبب ما سمي (( تنافر )) بين البروتونات أو حتى النيوترونات والتي هي متعادلة الشحنة أي يفترض أنها لا تخضع للتأثير الكولومي , إلى عدم اكتراث تفاعلات الكواركات بالقوة النووية الشديدة على مستوى المسافة التي لا يمكن للغليونات أن تنضغط فيها أكثر ويمكن إذا صح هذا التفسير أن تكون هذه المسافة بحدود 0,4 فيرمي. والله أعلم.
دمت بخير