التجربة الأضخم في تاريخ العلوم انطلقت ... عملية «مُصادِم هادرون الكبير» تشهد تضارب موجات نووية بسرعة الضوء ومئة ألف شمس تندلع في أنفاق مغناطيسية ... وقد تدمّر العالم!
«هل يُدمّر «مُصادِم هادرون الكبير» الكُرة الأرضية هذا الصيف»؟ بهذا العنوان الصادِم، قدّمت صحيفة «كريستاين ساينس مونيتور» مقالاً رئيسياً في صفحتها الأولى، عن التجربة الهائلة التي انطلقت في هذا الشهر . ولم يكن ذلك العنوان المثير وحيداً من نوعه، بل جاء في سياق سلسلة من مقالات محملة بالذعر من احتمال نهاية مرعبة للحضارة البشرية على يد أحد أهم التجارب العلمية وأشدها طموحاً. فمنذ بضع سنوات، تتناقل الصحف والمُدوّنات الالكترونية مثل تلك الصيحات المُنذرة والمُثقلة بالتشاؤم.
فالتجربة المقبلة تتضمن تصادماً بين مُكوّنات نووية منطلقة في حُزَم بسرعة تقارب الضوء، فتُصدر طاقة وحرارة تفوقان ما يتفاعل في قلب الفرن الشمسي الهائل بنحو مئة ألف مرة!
فهل يمكن تخيل لحظة اندلاع مئة ألف شمس، في قلب أنابيب هائلة تمتد في أنفاق ضخمة تحت جبال أوروبا الكبيرة؟
وفي تجربة «هادرون»، تُطلق حُزم من البروتونات داخل المُعجّل، الذي يتولى رفع سرعتها لتسير بسرعة تقل قليلاً عن سرعة الضوء. وعند ارتطام تلك الأمواج الضوئية، تندلع حرارة هائلة تفوق آلاف المرات قوة الشمس وحرارتها. وبذا، تتحول أنابيب «هادرون» التي تسير تحت أرض المنطقة الحدودية بين سويسرا وفرنسا إلى أحد أكثر النقاط سخونة في المجرّة. ولعل تلك الحرارة الخيالية هي التي تثير الذعر عند الذين يخشون من أن تنفلت تلك التجربة من السيطرة، فتجر ويلات لا تستطيع البشرية تحمل عواقبها.
وفي المقابل، تتولى أجهزة خاصة تبريد تلك أنابيب «هادرون» العملاقة. إذ تحتاج التجربة إلى تبريد يصل إلى 271 درجة مئوية تحت الصفر. وتأتي البرودة من 120 طناً من غاز الهيليوم السائل، التي تسير بموازاة المُعجّل الضخم، يدفعها جهاز يعمل بضغط عال قوّته 13 ألف أمبير.
وتحوّل الغازات المندفعة بسرعة هائلة، أنابيب «هادرون» إلى أحد أكثر النقاط برودة في المجرّة أيضاً! ويضمن هذا التناقض أن تسير التجربة في أمان كبير.
و قد عقب مدير المشروع بـ : «لم تغب عن حساباتنا كل المخاطر. درسناها ووضعنا جميع الإحتمالات. صحيح أن ثقباً أسود سينشأ من تصادم البروتونات، لكنه يبقى لثوان معدودة فقط قبل أن يتلاشى، كما يجب أن يكون الثقب الأسود الذي يمكنه ابتلاع الأرض كبيراً، وهو ما تلافينا حدوثه».
و إن حدث و نجحت هذه التجربة فستحل الكثير من الأسئلة و من أهمها :
«لماذا يجب أن تكون للمادة كتلة»؟ و»لماذا يزن البروتون 1836 مرة ضعف وزن الإلكترون»، و «ما هي المادة المضادة»؟ و «ما هو الثقب الأسود»؟ و «ما هي الطاقة السوداء»؟ و «ماذا يحدث للبروتونات بعد تصادمها بسرعة الضوء»؟ وغيرها.