السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ابتداءا اود ان اشكر الاستاذة هوائية على هذا الموضوع ...
اختي وجهة نظري حول ( السببية والاسلام ) هي في النقاط التالية:
اولا/ اقتبس من كلامك (( وليس الاتكال على الله وحده بمانع من اتخاذ الأسباب فالمؤمن يتخذ الأسباب من باب الإيمان بالله وطاعته فيما يأمر به من اتخاذها ولكنه لا يجعل الأسباب هي التي تنشئ النتائج فيتكل عليها إن الذي ينشئ النتائج ( كما ينشئ الأسباب ) هو قدر الله ))
احسنت اختي كلام صحيح, ويبرهن بصورة واضحة جدا على مبدأ السببية ومن ثم الحتمية, والسبب في ذلك بسيط وهو: ان الله سبحانه وتعالى هو الذي خلق هذه الطبيعة, وجعل الطبيعة ككل تسير وفق قوانين منسقة تدل على عظمة خالقها, وهذا يعني بالتأكيد ان الله هو من ابتدأ الاسباب والنتائج, لكن هذا لايعني اننا لانأخذ بالاسباب التي ولدت النتائج !!! لانننا نعلم يقينا ان هذه الاسباب والنتائج هي ترجع بالنهاية الى المسبب الاول وهو الله سبحانه وتعالى , وهذا يتضح علميا اذا اخذنا المثال التالي: ما هو سبب غليان الماء ؟؟ الجواب/ هو بسبب الحرارة, لكن نحن نعلم يقينا ان الله هو من اوجد السبب ( الحرارة ) لكي يسبب النتيجة ( غليان الماء ) وهكذا بالنسبة لبقية الاسباب والنتائج, فنحن من الخطأ الفصل بين الاسباب والنتائج على اساس اننا نتكل عليها !!!.
ثانيا/ اقتبس من كلامك (( ولقد ظلت الجاهلية "العلمية ! " الحديثة تلج فيها تسميه "حتمية القوانين الطبيعية " ذلك لتنفي "قدر الله" وتنفي "غيب الله" حتى وقفت في النهاية عن طريق وسائلها وتجاربها ذاتها , أمام غيب الله وقدر الله وقفة العاجز عن التنبؤ الحتمي ))
اختي اسمحيلي ان ابين ان هذا الكلام غير صحيح, لاننا نخلط هنا بين عالم الغيب وبين عالم الشهادة ( اي عالم الطبيعة ) فنحن بالتأكيد لا نستطيع ادراك ( غيب الله ) هذا شيء منته منه لانه مختص بعالم الغيب ونحن نعرفه من القرأن حتى قبل التطور التجريبي والعلمي, لكن هذا لايعني اننا لانستطيع كشف اسرار وحكمة الله التي اودعها في عالم الشهادة ( عالم الطبيعة ) ونستدل بذلك عن طريق اساليب التجربة فنقول ان الانسان عاجز عن التنبؤ الحتمي !!!.
اختي الكريمة: يجب ان نميز بين عجز الانسان لمعرفة الحقائق , وبين ما موجود فعلا في الواقع الخارجي, فالانسان هو بالفعل قاصر فنحن لانحتاج للتجربة لكي تخبرنا ذلك , لكن هذا لايعني ان الكون غير حتمي بسبب ان الانسان لايستطيع ان يكشف ذلك !!! فالفرق واضح.
ثالثا/ وهنا اود ان ابين شيئا في غاية الاهمية وهو اننا نغفل عن الحقيقة التالية: ان نفس علماء الكم الاحصائي يقرون ان في فيزياء نيوتن واينشتاين توجد هناك حتمية, لكن في فيزياء الكم لاتوجد مثل هذه الحتمية, الى ماذا يشير هذا الشيء ؟؟ فهل يشير الى وجود شرخ وعدم تناسق في صنع الطبيعة ؟؟ ام ان البشرية وصلت الى الخط الاحمر الذي لايمكن تجاوزه؟؟ فأن كان السبب هو وجود الشرخ والخطأ في صنع الطبيعة, فهل يصح نحن كمسلمين ان نصدق قول ان الطبيعة غير متناسقة !!! وفيها قوانين حتمية وغير حتمية في ان واحد!!! وان كان السبب هو وصولنا الى خط احمر للمعرفة لانستطيع تجاوزه, فأن ذلك يعني الاعتراف الصريح ان السببية والحتمية موجودة في صميم الطبيعة وان السبب الوحيد في عدم وصولنا الى ايجاد القوانين الحتمية هو بسبب قصورنا وقصور ادواتنا واساليبنا لكشف المعرفة في الوقت الراهن على الاقل.
رابعا/ اقتبس من كلامك (( وما يمكن أن يتحرر "الإنسان" أصلاً إذا بقي عبداً للأسباب "الحتمية " وما وراءها من عبوديته لإرادة الناس أو عبوديته لإرادة ( الطبيعة ) فكل "حتمية " غير إرادة الله وقدره ,هي قاعدة لعبودية لغير الله وقدره ))
اوضحنا اننا عندما نقول بالحتمية فأننا لانعني بعبودية الطبيعة, ويجب ان نفرق بين الحتمية التي اودعها الله في الطبيعة لتنسيقها وانتظامها, وبين غيب الله وارادته, فنحن نعرف ان النجار عندما يصنع الكرسي نعرف ان الكرسي المصنوع ( الذي هو نتيجة ) انما جاء بسبب النجار, فالسبب والنتيجة في مثالنا هذا لايختلف عليه اثنان ابدا, لكن وحسب كلامك فهل يصح القول اننا عندما نقول ان النجار سبب لصنع الكرسي انما هو عبودية لارادة الطبيعة ؟!! وهل يصح انه عندما نقول ان الحركة ستسبب تباطؤ الزمن هي عبودية لارادة الطبيعة وانها غير ارادة الله سبحانه وتعالى ؟!! وهل يصح اننا لانستطيع دوما القول بأن الحديد يتمدد بسبب الحرارة لاننا اذا قلنا ذلك فأننا نقر بعبوديتنا لحتمية الطبيعة, الى اخره من الامور. ثم اننا عدم كشفنا لشيء ( خصوصا في المستوى الذري ) لايعني انه غير موجود. والا يصبح كشفنا للمستوى الذري مجرد صدفة ولغو لااكثر من ذلك ولا اقل.
ارجو من الجميع المشاركة .. واسف على الاطالة ..
ولكم خالص التقدير.