ونزل رسول الله [ ص ] أدنى بدر عشاء ليلة الجمعة لسبع عشر مضت من رمضان ,
فبعث علياً والزبير وسعد بن أبي وقاص وبسبس بن عمرو رضي الله عنهم يتحسسون على الماء .
وأشار لهم إلى ظريب
[ تصغير ظرب وهو الجبل الصغير المنبسط في حجارة دقاق ]
وقال:أرجو أن تجدوا الخبر عند هذا القليب الذي يلي الظرب .
فوجدوا على تلك القليب روايا قريش فيها سقاؤهم [ الروايا من الإبل حوامل الماء ]
فأفلت عامتهم - وفيهم عجير - فجاء قريشاً ,
فقال:يا آل غالب , هذا ابن أبي كبشة [ يعني النبي [ ص ] ] وأصحابه قد أخذوا سقاءكم .
فماج العسكر وكرهوا ذلك , والسماء تمطر عليهم .
وأسلم غلام منبه بن الحجاج , وأبو رافع غلام أمية بن خلف , فأتي بهم النبي [ ص ] وهو يصلي .
فقالوا:نحن سقاء قريش بعثونا نسقيهم من الماء .
فكره القوم خبرهم فضربوهم
. فقالوا:نحن لأبي سفيان , ونحن في العير !
فأمسكوا عنهم !
فسلم رسول الله [ ص ] وقال:" إن صدقوكم ضربتموهم , وإن كذبوكم تركتموهم ! "
ثم أقبل عليهم يسألهم ,
فأخبروه أن قريشاً خلف هذا الكثيب ,
وأنهم ينحرون يوماً عشراً ويوماً تسعاً ,
وأعلموه بمن خرج من مكة .
فقال [ ص ]:القوم ما بين الألف والتسعمائة .
وقال:
" هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ أكبادها " .
. . وبني لرسول الله [ ص ] لما نزل على القليب - عريش من جريد .
وقام سعد بن معاذ على بابه متوشح السيف .
ومشى رسول الله [ ص ] على موضع الوقعة ,
وعرض على أصحابه مصارع رؤوس الكفر من قريش مصرعاً مصرعاً ,
يقول:هذا مصرع فلان , وهذا مصرع فلان
. . فما عدا واحد منهم مضجعه الذي حدّ له الرسول .
وعدل [ ص ] الصفوف . ورجع إلى العريش فدخل [ ص ] وأبو بكر رضي الله عنه .
قال ابن إسحاق:وقد ارتحلت قريش حتى أصبحت فأقبلت .
فلما رآها رسول الله [ ص ] - تصوّب من العقنقل [ وهو الكثيب الذي جاءوا منه ] إلى الوادي ,
قال
:" اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها تحادّك ,
وتكذب رسولك ,
اللهم فنصرك الذي وعدتني ,
اللهم أحنِهم الغداة " .