(إذ يغشيكم النعاس أمنة منه ,
وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ,
ويذهب عنكم رجز الشيطان ,
وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام). .
فما قصة النعاس الذي غشي المسلمين قبل المعركة؟
إنها قصة حالة نفسية عجيبة , لا تكون إلا بأمر الله وقدره وتدبيره
. .
لقد فزع المسلمون وهم يرون أنفسهم قلة في مواجهة خطر لم يحسبوا حسابه ولم يتخذوا له عدته
. .
فإذا النعاس يغشاهم , ثم يصحون منه والسكينة تغمر نفوسهم ; والطمأنينة تفيض على قلوبهم
[ وهكذا كان يوم أحد . . تكرر الفزع , وتكرر النعاس , وتكررت الطمأنينة ]
. .
ولقد كنت أمر على هذه الآيات , وأقرأ أخبار هذا النعاس ,
[align=right]نذكر أن الكلام لسيد قطب[/align]
فأدركه كحادث وقع , يعلم الله سره , ويحكي لنا خبره
. .
ثم إذا بي أقع في شدة , وتمر عليّ لحظات من الضيق المكتوم ,
والتوجس القلق , في ساعة غروب
. .
ثم تدركني سنة من النوم لا تتعدى بضع دقائق
. .
وأصحوا إنساناً جديداً غير الذي كان
. .
ساكن النفس . مطمئن القلب . مستغرقاً في الطمأنينة الواثقة العميقة
. .
كيف تم هذا ?
كيف وقع هذا التحول المفاجىء ?
لست أدري !
ولكني بعدها أدرك قصة بدر وأحد .
أدركها في هذه المرة بكياني كله لا بعقلي . وأستشعرها حية في حسي لا مجرد تصور .
وأرى فيها يد الله وهي تعمل عملها الخفي المباشر . . ويطمئن قلبي . .
لقد كانت هذه الغشية , وهذه الطمأنينة , مدداً من أمداد الله للعصبة المسلمة يوم بدر:
(إذ يغشيكم النعاس أمنة منه)
. .
ولفظ(يغشيكم)ولفظ(النعاس)ولفظ(أمنة). . كلها تشترك في إلقاء ظل لطيف شفيف ; وترسم الظل العام للمشهد , وتصور حال المؤمنين يومذاك , وتجلي قيمة هذه اللحظة النفسية الفاصلة