وأما قصة الماء:
(وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به , ويذهب عنكم رجز الشيطان , وليربط على قلوبكم , ويثبت به الأقدام). .
فهي قصة مدد آخر من أمداد الله للعصبة المسلمة , قبيل المعركة .
قال علي بن طلحة , عن ابن عباس قال:
نزل النبي [ ص ] حين سار إلى بدر والمشركون بينهم وبين الماء رملة وعصة ,
وأصاب المسلمين ضعف شديد
, وألقى الشيطان في قلوبهم الغيظ يوسوس بينهم:
تزعمون أنكم أولياء الله تعالى وفيكم رسوله , وقد غلبكم المشركون على الماء ,
وأنتم تصلون مجنبين ?
فأمطر الله عليهم مطراً شديداً , فشرب المسلمون وتطهروا ,
وأذهب الله عنهم رجز الشيطان ,
وثبت الرمل حين أصابه المطر , ومشى الناس عليه والدواب ,
فساروا إلى القوم , وأمد الله نبيه [ ص ] بألف من الملائكة , فكان جبريل في خمسمائة مجنبة , وميكائيل في خمسمائة مجنبة "
.
.
"والمعروف أن رسول الله [ ص ] لما صار إلى بدر نزل على أدنى ماء هناك أي أول ماء وجده
- فتقدم إليه الحباب بن المنذر فقال:يا رسول الله هذا المنزل الذي نزلته , منزل أنزلك الله إياه فليس لنا أن نجاوزه ,
أو منزل نزلته للحرب والمكيدة ?
فقال:" بل منزل نزلته للحرب والمكيدة " .
فقال:يا رسول الله , ليس بمنزل ,
ولكن سربنا حتى ننزل على أدنى ماء يلي القوم ونغور ما وراءه من القلب
ونسقي الحياض فيكون لنا ماء وليس لهم ماء .
فسار رسول الله [ ص ] ففعل ذلك " .
ففي هذه الليلة - وقبل إنفاذ مشورة الحباب بن المنذر -
كانت هذه الحالة التي يذكر الله بها العصبة التي شهدت بدراً
. . والمدد على هذا النحو مدد مزدوج:مادي وروحي .
فالماء في الصحراء مادة الحياة , فضلاً على أن يكون أداة النصر .
والجيش الذي يفقد الماء في الصحراء يفقد أعصابه قبل أن يواجه المعركة .
ثم هذه الحالة النفسية التي صاحبت الموقف ووسوس بها الشيطان !!!!!!!!!!!!!!
حالة التحرج من أداء الصلاة على غير طهر لعدم وجود الماء
[ ولم يكن قد رخص لهم بعد في التيمم , فقد جاء هذا متأخراً في غزوة بني المصطلق في السنة الخامسة ] .
وهنا تثور الهواجس والوساوس ,
ويدخل الشيطان من باب الإيمان ليزيد حرج النفوس ووجل القلوب !!!!!!!!!!!!!
والنفوس التي تدخل المعركة في مثل هذا الحرج
وفي مثل هذا القلق تدخلها مزعزعة مهزومة من داخلها !!!!!!!!!!!
. .
وهنا يجيء المدد وتجيء النجدة . .
(وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به , ويذهب عنكم رجز الشيطان , وليربط على قلوبكم , ويثبت به الأقدام). .
ويتم المدد الروحي بالمدد المادي ; وتسكن القلوب بوجود الماء ,
وتطمئن الأرواح بالطهارة ;
وتثبت الأقدام بثبات الأرض وتماسك الرمال .
ذلك إلى ما أوحى الله به إلى الملائكة من تثبيت الذين آمنوا ;
وإلى ما وعد به من إلقاء الرعب في قلوب الذين كفروا ;
وإلى ما أمر به الملائكة من الاشتراك الفعلي في المعركة:
(إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم , فثبتوا الذين آمنوا , سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب , فاضربوا فوق الأعناق , واضربوا منهم كل بنان). .