[align=center]5- القوة (Force) والشغل (Work) وأثرهما:[/align]
[align=justify]عندما يحرك جسم معين، تستعمل قوة لتؤثر عليه، ولا يمكن تحريكه بدون قوة. ومن آثار القوة السحب (PULL) والدفع (Push)(40).
انعكس مبدأ القوة وآثارها المتمثل بالشغل (Work )في النحو بشكل عامل ومعمول، فلا يوجد عمل إعرابي (Work) من دون عامل (قوة Force). برز هذا المبدأ بوضوح في تعريفهم الإعراب: "الإعراب أثر ظـاهر أو مقدر يجلبه العامل في آخر الاسم المتمكن والفعل المضارع "(41).
جدّ العلماء في استخراج العوامل وصنفوها، وجعلوها أنواعاً ما بين لفظي وغير لفظي. قال الجرجاني: " والكلمات المعربة على ضربين: أحدهما ما ليس له عامل ظاهر لفظي، وهو على ثلاثة أضرب، الأول والثاني المبتدأ والخبر، كقولك: زيدٌ منطلقٌ فإنهما مرفوعان وليس معهما عامل ظاهر لفظي، وإنما رفعا بالابتداء… والثالث الفعل المضارع في حال الرفع فإنك إذا قلت: يضربُ مرفوعاً من غير رافع ظاهر. والضرب الثاني ما كان له عامل ظاهر لفظي، كالمجرور بالباء في "بزيدٍ" والمجزوم في "لم يضرب" بلم (42).
وكما حدد علماء الفيزياء آثار القوة العاملة بالسحب أو الجر والدفع، كذلك كانت آثار العامل النحوي الرفع والنصب والجر والجزم، لأن "… كل ما رفع أو نصب أو جر أو جزم سمي عاملاً، والعوامل ثلاثة أنواع أحدها أن يكون من الأفعال والثاني أن يكون من الحروف والثالث أن يكون من الأسماء" (43).
ويبدو الترابط بين النحو والفيزياء على أشده، حين تتطابق المصطلحات(44) بين العلمين. فآثار القوة "السحب" أو الجر" و"الرفع"، وآثار العامل النحوي "الرفع"، وآثار العامل النحوي "الرفع" و"النصب" و"الجزم" و"الجر أو الخفض".
والشغل في الفيزياء يزداد طرداً مع القوة والمسافة التي يتحركها الجسم، يظهر ذلك من خلال المعادلة الرياضية:
ش(الشغل) =ق (القوة المؤثرة على الجسم)×ف (المسافة التي يتحركها الجسم) (45) وقياساً على المعادلة تختلف كمية القوة، وينعكس هذا في كمية الشغل. والأمر نفسه مراعى في الأصول النحوية، فهناك العامل القوي والعامل الضعيف، وقد لخصها ابن الأنباري، بقوله: "وعوامل الأسماء أقوى من عوامل الأفعال"(45)، لاعتبار أن أصل العمل للأفعال بدليل أن كل فعل لا بد له من فاعل(46).
وافترض وجود العامل والمعمول في العملية الميكانيكية الإعرابية بعض الأصول، منها "المعمول لا يقع إلا حيث العامل، ورتبة العمل قبل رتبة المعمول"(47)… وسواهما.[/align]
======================
[align=justify](40) يراجع، ابن جني: الخصائص، ج3 ص124.
(41) M. T. Chehabeddine , N. Dandach, A. Haidar : Mecanique ,u.1(منشر وات الجامعة اللبنانية)، P :101-99.
(42) ابن هشام: شرح شذور الذهب، تحقيق محمد محيـي الدين عبد الحميد، المكتبة التجارية الكبرى، مصر، ط10، 1385هـ- 1965م،ص33.
(43) عبد القاهر الجرجاني: كتاب الجمل في النحو، شرح ودراسة وتحقيق يسري عبد الغني عبد الله، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1410هـ- 1990، ص57-58.
(44) يراجع، عبد القاهر الجرجاني: كتاب الجمل في النحو، ص58.
(45) للمصطلحات خصوصية لغوية، إذ هي أوعية العلم وحافظة له، وفيها الدلالة عليه، ومن هنا لاحظ المستشرق فايل (Weil) أن الفراء يؤسس مذهباً نحوياً خاصاً، لأنه كان يستعمل إصطلاحات جديدة غير التي يستعملها النحاة البصريون… يراجع، د. مهدي المخزومي: مدرسة الكوفة ومنهجها في دراسة اللغة والنحو، شركة مكتبة ومطبعة البابي الحلبي، مصر، ط2، 1377هـ- 1985م، ص 354.
(46) T. Becherrawy : Cours de Physique General (Mécanique) ,P 150.
(47) ابن الأنباري: الإنصاف في مسائل الخلاف، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، دار الفكر، لا.ب، لا تا، ج2، ص558.[/align]