ملتقى الفيزيائيين العرب - عرض مشاركة واحدة - الفيزياء وأحكام اللغة العربية !
عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 17-11-2008, 15:08
الصورة الرمزية ناصر اللحياني
ناصر اللحياني
غير متواجد
المُشـــرف العـــام
أبو صــالح وجُمــانة وراشــد
 
تاريخ التسجيل: Feb 2006
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 14,476
افتراضي رد: الفيزياء وأحكام اللغة العربية !

6- قانون الشدة واللين في الأصوات:

[align=justify]يقصد بالصوت –من الناحية الفيزيائية- الأمواج الصوتية، والموجة تحتوي على تضاعف وتخلخل، وبما أن الأمواج يختلف بعضها عن بعض من حيث السعة (Amplitude) والتردد (Frequency)، فإن الأصوات يختلف بعضها عن بعض تبعا لذلك (48).

برز هذا المبدأ في الأصوات اللغوية، حين ميز العلماء بين الأصوات من حيث السعة والتردد، يهديهم إلى ذلك مخرج الحرف الذي يحدث الصوت. ذكر ابن جني أقسامها، قال: "اعلم أن للحروف في اختلاف أجناسها انقسامات، فمن ذلك انقسامها في الجهر والهمس، وهي على ضربين: مجهور ومهموس… فمعنى المجهور أنه حرف أشبع الاعتماد في موضعه، ومَنَع النفَسَ أن يجري معه حتى ينقضي الاعتماد ويجري الصوت…

وللحروف انقسام آخر إلى الشدة والرخاوة وما بينهما… ومعنى الشديد أنه الحرف الذي يمنع الصوت من أن يجري فيه، ألا ترى أنك لو قلت: الحق والشط، ثم رمت مدّ صوتك في القاف والطاء لكان ذلك ممتنعاً… والرخو هو الذي يجري فيه الصوت ألا ترى أنك تقول: المس والرش والشح، ونحو ذلك فتجد الصوت جارياً مع السين والشين والحاء…"(49).

وتتناسب شدة الصوت طرداً مع كثافة مادة الوسط الذي يجري فيه، فشدة الصوت في المواد الصلبة كالحديد أعلى منها في الغازات ومعظم السوائل… ولهذا كان الصوت الشديد في المادة اللغوية يحمل في طياته الحدث الشديد، وقد برز ذلك جلياً في مواد العربية.

ذكر ابن جني في باب "إمساس الألفاظ أشباه المعاني"، "وأما مقابلة الألفاظ بما يشاكلها من الأحداث فباب عظيم واسع، ونهج مُتْلَئِبّ عند عارفيه مأموم. وذلك أنهم كثيراً ما يجعلون أصوات الحروف على سمت الأحداث المعبر بها عنها، فيعدلونها بها ويحتذونها عليها… من ذلك قولهم: خضم وقضم. فالخضم لأكل الرطب، كالبطيخ، والقضم للصلب اليابس، نحو قضمت الدابة شعيرها ونحو ذلك، فاختاروا الخاء لرخاوتـها للرطب والقاف لصلابتها لليابس، حَذْواً لمسموع الأصوات على محسوس الأحداث"(50).


ويحدث أحياناً تحول صوتي في بنية اللفظة، فلا يستطيعون تفسيره تفسيرا لغوياً مقنعاً، من أمثلته "قلبهم الحروف عن جهاتها ليكون الثاني أخف من الأول، نحو : ميعاد ولم يقولوا موعاد…(51) وعلة ذلك أنه أمر فيزيائي، لا يخضع لقاعدة نحوية، بل لظروف طبيعية معينة من جوار صوتي وتنبير وغيرهما (52).[/align]

======================

([align=justify]48) السيوطي: همع الهوامع، ج2، ص109.
(49) ينظر ابن الأنباري: الأنصاف في مسائل الخـلاف، ج1، ص68.
(50) T. Becherrawy cours De Physique General ( Mécanique) P. 150.
(51) ابن جني: سر صناعة الإعراب، دراسة وتحقيق د. حسن هنداوي، دار القلم، دمشق، ط1، 1405هـ-1985م، ج1، ص60-61.
(52) يراجع ابن جني، الخصائص، ج2، ط 2 ص157-158.[/align]
رد مع اقتباس