ملتقى الفيزيائيين العرب - عرض مشاركة واحدة - اللطيف الخبير
الموضوع: اللطيف الخبير
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 27-11-2008, 13:27
الصورة الرمزية mysterious_man
mysterious_man
غير متواجد
مشرف منتدى الفيزياء النسبية
 
تاريخ التسجيل: Nov 2005
الدولة: مصر
المشاركات: 3,213
افتراضي اللطيف الخبير


السلام عليكم
قياس النظام يغير من حالته
إن المُطلع على علم الفيزياء لا يُخطئ حقيقةً هامةً ألا وهي أن قياس أي نظام طبيعي لابد وأن يعبث بحالته الأصلية فتكون النتيجة أننا لا نستطيع أن نرى نتيجة قياس مطابقة تماماً لواقع النظام الطبيعي قبل عملية القياس. وهنا تتجلى حقيقة أخرى مرتبطة بالأولى ألا وهي أنه كلما زادت رغبتنا في الحصول على نتائج أدق يزيد تلقائياً العبث بحالة النظام وبالتالي قلت دقة قياس النظام!! والعكس صحيح فكلما قل العبث بالنظام أثناء القياس قل تأثيرنا على حالة النظام الأصلية ولكن قل معه تمكننا من القياس لهذه الحالة الأكثر قرباً للواقع. وهنا تأتي الحقيقة الأكثر إيلاماً في علم الفيزياء أننا كبشر لا نستطيع أن نحصل على قياس دقيق أبداً لأننا لا نستطيع القياس بدون تغيير موضوع القياس وهو النظام الفيزيائي.
في عبارة موجزة:
كلما ترفقنا (تلطفنا) في التأثير على النظام أثناء قياسه كلما قلت "خبرتنا" بهذا النظام فيستحيل علينا كبشر أن نتلطف مع الخبرة فإما نتلطف ونفقد خبرة وإما لا نتلطف ونفقد أيضاً خبرة كما أوضحنا اعلاه!! فيال ضعفنا ويالجهلنا المغروس في خِلقتنا!!
أمثلة واقعية للتوضيح
1- قياس موضوعاً كمياً في العالم الذري (الكمي). إن الكتروناً قد يكون زخمه الزاوي له اتجاهان متعاكسان متراكبان في نفس الوقت فقد يكون اتجاه هذا الزخم لأعلى بنسبة 40% واتجاهه لأسفل بنسبة 60%. ولا يُعد هذا تناقضاً في عالم ميكانيكا الكم فالالكترون يمكن أن يلعب عدة أدوار على مسرح الكون في آن واحد طالما لم يقسه بشر!! فإذا هَم بشرٌ بأن يعلم (يخبر) حالة الالكترون وقع للالكترون شئ نسميه "انهيار الحالة الكمية". ففي حالتنا مثلاً تنهار الحالة الكمية للزخم الزاوي عند القياس لتكون إما لأعلى أو لأسفل باحتمالية 40% إلى 60% بالترتيب.
ماذا حدث هنا؟
لقد تغيرت حالة الالكترون عند القياس لأننا لم نتلطف في القياس!! فعلمنا بحاله يؤثر على حالته حتى لو لم نستخدم أي قدر مذكور من الطاقة في قياسنا!! وبالتالي فإننا نقيس حالة غير التي كان عليها. أما إذا تلطفنا فإننا لن نقيس وبالتالي لن نحصل على أية معلومة!!! ياله من تناقض مكتوب علينا نحن البشر بين اللطف والخبرة!!

2- مثال أقرب للعالم الماكروسكوبي وهو مثال استخدام مقياس لفرق الجهد في دائرة كهربية. إن آلة قياس فرق الجهد بين نقطتين في دائرة كهربية تحتاج الى تيار وإن قل لكي يديرها. هذا التيار يعبث في حالة الدائرة المقاسة وبالتالي فإنه لابد إن أردنا من قياس فرق جهد بين نقطتين ألا تكون الكمية المُقاسة هي نفسها الكمية الحقيقية قبل القياس. فإذا تلطفنا في جهاز القياس وجعلناه لا يستهلك تياراً, كانت النتيجة أن يتوقف عن القياس ولم نستطع أن نختبر فرق الجهد المُراد قياسه!!!
ياله من مثال آخر يوضع عجزنا عن الخبرة بدون عبث بالمُختبر لأننا لن نكون لطفاء معه إذا أردنا فعلاً قياسه!!!

اللطيف الخبير
اللطف في العمل هو الترفق فيه (مُختار الصحاح). يفاجئنا القرءان الكريم بهذه الآية التي تدفع من يتدبرها أن يخر ساجداً لله اعترافاً بعظمته وقدرته على كل شئ
قال تعالى:
أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ
صدق الله العظيم
إن الله تعالى هو الوحيد الخبير بحال كل شئ في هذا الكون خبرةً أصيلة بدون التأثير على حالته مع علمه به لأنه لطيف سبحانه. أن الله تعالى هو خالق الكون بأسره وهذا هو سر علمه به بدون الحاجة لقياسه فهو خبير لأنه الخالق ولطيف لأنه لايحتاج إلى القياس أصلاً حيث أنه عليمٌ بحال خلقه بداهةً.
فسبحان الله اللطيف الخبير الذي تفرد بهاتين الصفتين مجتمعتين دونا عن الوجود بأكمله.

والله أعلم

تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم
رد مع اقتباس