بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة
أعتذر لتأخري في الرد ولكن طلبك مهم جداً ويستحق أن يعطى الاهتام والمعالجة الصحيحة.
أولاً: من المفيد أن تكون البداية عن أهمية الجاذبية في حياة الإنسان. لأنها مسؤولة عن بقائنا (بفضل الله) على قيد الحياة. إذ أن قلب الإنسان يضخ الدم بقوة معينة لموازنة ثقل الدم المتدفق في الشرايين. ولو أن قيمة تسارع الجاذبية الأرضية صارت ضعف قيمتها الحالية لما استطاع القلب أن يحرك الدم بالسرعة اللازمة ليصل للدماغ. ولهذا يفقد بعض الطيارين وعيهم عند القيام بحركات دوران بهلوانية شديدة في الاستعراضات الجوية نتيجة تعرضهم لقوى مركزية تجعل وزنهم الظاهري أكبر بأضعاف من وزنهم الحقيقي (وهذا يشمل الدم في الجسم) فلايصل الدم للدماغ ويفقد الطيار وعيه.
فالجاذبية لها دور أساس في الحياة ومن فضل الله علينا ونعمه التي لاتحصى أن جعل أجسامنا متكيفة مع هذه القوة المهمة.
وأما طاقة الوضع الناتجة عن الجاذبية فأجمل مثل عليها أن تضعي كتاب دراسي (كبير ما أمكن) على أرض قاعة المحاضرات وتسألي الطالبات: هل هناك خطر من وجود الكتاب على الأرض؟ وسيكون الجواب: لا طبعاً. ولكن لو حملتي نفس الكتاب ورفعتيه فوق رأس إحدى الطالبات (مع الانتباه أن لايسقط من يدك !!) وعندها تعيدي السؤال: هل الكتاب خطر في هذه الحالة؟ والجواب هو نعم لأنه إن وقع على رأس الطالبة فسيؤذيها (لاسمح الله). وهنا تعللي هذا بملاحظة الفرق في وضع الكتاب. ففي الحالة الأولى لم يكن هناك خوف منه لأن ارتفاعه عن الأرض كان صفراً، بينما اضطررت أنت لحمله ورفعه في الحالة الثانية (أي أنك قمت بشغل وصرفت طاقة لرفع الكتاب) وتعبت بعض الشئ بسبب ثقل الكتاب نتيجة تأثير قوة الجاذبية عليه والتي تريد منعه من الارتفاع. ولهذا قامت قوة الجاذبية الأرضية "بسرقة شغلك وتعبك" إلا أنها لم تضيع هذا الشغل وإنما "خبأته" في الكتاب (وبالأصح المنظومة المؤلفة من الكتاب والأرض). ولهذا عندما صار فوق رأس الطالبة وفيه هذه الطاقة الكامنة (المخبأة) فإنه صار خطراً. ومن المهم أن ننبه إلى أن هذه الطاقة الكامنة التي "سرقتها" الجاذبية منك لم تذهب هباء بل يمكن استعادتها لو تركت الكتاب يسقط وتتحول لطاقة حركة تكسب الكتاب سرعة مع نزوله للاسفل.
هذه أفكار سريعة آمل أنها مقبولة وسهلة الشرح.
مع كل التحية والتقدير