ملتقى الفيزيائيين العرب - عرض مشاركة واحدة - دروس في الفيزياء النووية
عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 02-09-2005, 14:18
الصورة الرمزية no1
no1
غير متواجد
مشرف المنتدى العام ومنتدى التجارب ومنتدى الفيزياء النووية.
 
تاريخ التسجيل: Sep 2005
المشاركات: 1,003
افتراضي

و تساءل دى بروجلي لماذا لا نفرض نفس الشئ لسيل من الجسيمات المادية – و لتكن من الالكترونات مثلا ؟ - فهذا السيل هو سيل من الجسيمات , فلماذا لا نفرض بأن له صفات موجية أيضا , و أنه في حركته يشيه حركة مجموعة من الموجات المتتابعة ؟ و قد أمكن لبعض العلماء التجريبيين التحقق من هذا الفرض و أثبتوا صحته علميا ؛ و بذا أصبحت الخواص الموجية للجسيمات الصغيرة شيئا ثابتا بالتجربة ؛ و قد أدى الفرض الجديد إلي زيادة فهمنا لحركة الالكترونات حول النواة و انتقالاتها , و حلت جميع مشاكل الالكترونات تقريبا علي أساس هذه النظرية التي تسمي ب " الميكانيكا الموجية " .

و ما يهمنا الآن هو ذكر الصورة أو النظام الذي كشفت عنه هذه النظرية , و الخاص بنظام حركة الالكترونات حول نواة الذرة .

فقد أثبتت النظرية أن الالكترونات التي تدور حول النواة إنما تدور و تتحرك علي سطوح ( كل منها يشبه القشرة الخارجية للبيضة ) تحيط بالنواة , و لنسم هذه السطوح بالقشور و أن هذه السطوح أو القشور التي تحيط بالنواة لا تستطيع أن تسمح غلا لعدد معين من الالكترونات بالبقاء فيها ؛ فالقشرة الأولي لا تحمل سوى إلكترونين , و الثانية لا تستطيع أن تسمح لأكثر من 8 الكترونات بالبقاء فيها و هكذا ,فالهيدروجين مثلا و تشمل ذرته إلكترون واحد , يستطيع هذا الإلكترون البقاء علي القشرة الأولي "أ" و كذلك الهيليوم و له إلكترونين , و لكن في ذرة الليثيوم و بها ثلاث إلكترونات تدور حول نواتها , فإنه لا يمكن للثلاثة الكترونات البقاء في القشرة الأولي , و لذا فإن أثنين منها تبقي في هذه القشرة و يشغل الثالث مكانا في القشرة التالية و التي بها ثمانية أماكن , و هكذا ؛ و بهذا أمكن معرفة كيفية توزيع الإلكترونات في حركتها حول النواة ؛ ثم لوحظ بعد ذلك أن العناصر التي تشغل جميع كهاربها كل الأماكن الموجودة في قشرة أو أكثر شغلا تاما , تتميز بثبات كبير و أن إلكتروناتها تجذب إلي النواة بقوة كبيرة ؛ و كذلك لوحظ أنه لا يوجد لهذه العناصر آي ميل للإتحاد بأي عنصر آخر , بل تبقي مكتفية بذاتها ؛ و قد عزى هذا الخمود إلي امتلاء قشرتها بالالكترونات و عدم وجود أماكن شاغرة لإلكترونات أخري .

هذا في حين أن ذرة كذرة الهيدروجين و بها إلكترون واحد يتحرك في القشرة الأولي , فإنه ما يزال بهذه القشرة مكان خال يمكن أن يشغله إلكترون آخر , و لذلك نلاحظ سرعة ميلها للإتحاد بغيرها من العناصر كي تحصل علي إلكترون آخر يشغل هذا المكان الشاغر ؛ و كذلك أيضا الحال في ذرة الكلور و لها تسعة الكترونات تدور حول نواتها , فإن هناك مكانا شاغرا في قشرتها الثانية , و لذلك نلاحظ أن الكلور ميال دائما للإتحاد بغيره من العناصر حتى يملأ هذا المكان الشاغر , فتتحد مثلا بذرة مثل الهيدروجين التي عندها إلكترون واحد في قشرتها ؛ و هكذا كان علماء الطبيعة - حتى سنة 1932 – قد تمكنوا من الكشف عن خواص الالكترونات و فهم كل غوامضها ؛ في حين كانت معلوماتهم عن نواة الذرة ما تزال بدائية لا تختلف كثيرا عن الصورة التي وضعها راذرفورد قبل ذلك بعشرين عاما ؛ و لم يكن المعروف عنها يعدو كونها تحمل شحنات موجبة تساوي عدد الالكترونات التي تدور حولها , و بأن النواة تحتوي علي البروتونات – و هي نوي ذرات الهيدروجين الموجبة الشحنة ؛ و لكن في سنة 1932 حدث اكتشاف ضخم له قيمته ألا و هو اكتشاف جسيم جديد له كتلة البروتون تقريبا و لكن لا يحمل أية شحنة كهربائية و لهذا سمي بالنيوترون ؛ و حيث أن النيوترون قد نتج من ضرب نوي بعض العناصر بجسيمات ألفا ، فقد ظهر أنه لابد أن يكون له دور في تركيب النواة و سرعان ما وضع العالم الألماني هيزنبرج صورة في ( سنة 1934) لتركيب النواة علي أنها تتكون من بروتونات و نيوترونات متماسكة ببعضها بقوي نواوية كبيرة ؛ و أن مجموع وزن البروتونات و النيوترونات يطينا وزن الذرة ؛ كما أن عدد البروتونات يحدد نوع نواة العنصر ؛ فنواة فيها بروتون واحد فقط هي نواة الهيدروجين و إذا أضيف إليها نيوترون في حالة و في حالة نيوترونين في حالة أخري فإنها في هذه الحالات جميعا نواة هيدروجين ؛ و لكنه هيدروجين ثقيل , إذ أن وزن ذراته قد زاد و كذلك الحال في بقية العناصر الأخرى ؛ و طبيعي أن لكل من هذه الذرات من الهيدروجين – التي تسمي بالنظائر – إلكترون واحد يدور حولها ؛ و نظرا لعدم وجود شحنة علي النيوترون فمن السهل ضرب نوى الذرات به ؛ و لذا فقد أجريت – و مازالت حتى الآن – آلاف التجارب بضرب النوى بالنيوترونات و إحداث نظائر جديدة معظمها غير ثابت , أي سرعان ما ينهار بناء نواته فيقذف إلي الخارج بجسيمات إشعاعية تتحول بعدها إلي نواة مستقرة .

و لكن هذا الانتصار الجزئي ليس كاف ؛ فقد عرفنا أن النواة تتركب من بروتونات و نيوترونات و أنه من السهل تغيير عدد النيوترونات في النواة عمليا فينتج نظائر مشعة جديدة , تقذف بجسيمات ألفا ( التي هي عبارة عن نواة ذرة الهيليوم آي 2 بروتون + 2 نيوترون ) أو جسيمات بيتا السالبة ( و هي إلكترونات ) أو أشعة جاما ( و هي كالضوء ) ؛ و لكن كيف توجد البروتونات و النيوترونات معا في النواة ؟ أيمكننا مثلا ـن نشبه النواة بقطرة السائل التي تكون فيها الجزيئات متلاصقة دون فراغ ؟ أو هل يمكن أن تكون كمجموعة من السدم أو النجوم تقترب من بعضها في أماكن و تبعد في أماكن أخري ؟ للإجابة علي ذلك تحتم علينا أن نعين كثافة نوي العناصر المختلفة ؛ فإن كانت الكثافة ثابتة فيها كلها , فإن ذلك يعني أن البروتونات و النيوترونات ملتصقة ببعضها كجزيئات السائل ؛ أما إذا لم تكن ثابتة فإنها تكون أشبه بمجموعة النجوم ؛ و في الاستطاعة عمليا تعيين وزن و حجم النواة , و بالتالي تعيين كثافتها ؛ فوجدت أن الكثافة ثابتة لجميع النوى ؛ و لذا فإننا نستطيع تشبيه نواة عنصر بقطرة سائل ؛ و لعلنا جميعا نلاحظ أنه إذا كانت لدينا قطرة صغيرة من سائل فإنها تكون كروية الشكل , و ذلك لوجود قوة التوتر السطحي علي سطح السائل , و هذه القوة تعمل علي جعل سطح القطرة أصغر ما يمكن و لذلك تأخذ الشكل الكروي ؛ و إذا يجب علينا أن نفرض نفس الشئ في حالة نوي الذرات : آي أن القوي السطحية تعمل علي أن تكون هذه النوى كروية الشكل ؛ و لكن هناك فرق بين قطرة من السائل و نواة الذرة , لا يجب أن يغيب عن بالنا , و هو أن جزيئات السائل لا تحمل شحنات كهربية في حين أن مكونات النواة بروتونات تحمل نفس الشحنات الكهربية و لذا فإنها تتنافر فيما بينها .

و عندما أكتشف العالم الألماني أوتوهان ظاهرة الأنشطار النووي التي نتج عنه طاقة هائلة فتحت آفاقا كبيرة أمام التطور الاقتصادي الهائل في المستقبل , اقترح العالمان ميتز و فريش إمكان تفسير هذه الظاهرة علي أساس نظرية تمثيل النواة بقطرة السائل ؛ و قد وضع تفصيل هذه النظرية علي أساس رياضي العالم نيلز بوهر ( و هو الذي وضع النظرية الذرية الأولي في سنة 1913) مع العالم الأمريكي هويلر ؛ و لنفهم النظرية دعنا نتأمل في الطريقة التي تنقسم بها قطرة من سائل إلي قطرتين صغيرتين بتأثير قوة خارجية عليها .

إذا كونا قطرة صغيرة من سائل فإننا نلاحظ أن هذه القطرة ستكون كروية الشكل "أ" ( أنظر شكل "1" ) و عندما تؤثر عليها قوة خارجية سيتحور شكلها إلي الصورة "ب" ( آي ستصبح ذات شكل بيضاوي ) فإذا توقفت القوة الخارجية الآن عن التأثير فإن قوة التوتر السطحي سترجع بالقطرة إلي شكلها الكروي الأصلي "أ" ؛ أما إذا استمرت القوة في التأثير ف‘ن التحوير سيزداد و تأخذ القطرة الشكل "ج" و حينئذ يصبح من المستبعد أن ترجع القطرة ثانية إلي الوضع البيضاوي "ب" , و لكنها ستمضي إلي الحالة "د" فتنقسم إلي شطرين مع احتمال انتثار بعض قطيرات صغيرة من ؟أثر عملية الانقسام النهائي التي تتم بعد شد و جذب في الجزء الدقيق الذي يصل بين نصفي القطرة ؛ هذا هو ما يحدث لقطرة السائل عند انقسامها بتأثير شد و جذب .
الصور المرفقة
نوع الملف: gif Untitled-4.gif‏ (2.5 كيلوبايت, المشاهدات 1228)
رد مع اقتباس