ملتقى الفيزيائيين العرب - عرض مشاركة واحدة - هل نحن نيام و نحن لا ندري ؟
عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 04-08-2009, 16:59
الصورة الرمزية طالب علم
طالب علم
غير متواجد
فيزيائي متميز
 
تاريخ التسجيل: Sep 2005
المشاركات: 302
افتراضي رد: هل نحن نيام و نحن لا ندري ؟

السلام عليكم:

الإخوة الكرام: حياكم الله تعالى..

لقد تم طرح هذه المسألة على صفحات هذا المنتدى الأغر منذ زمن..
وجاء فيها العديد من التساؤلات التي وردت هنا
وقد شاركتُ في الإجابة عليها على وجه الإجمال, ومما قلتُه حينها:

أولاً:
لننظر في المثال (الشجرة) الذي ذُكر في المشاركة الأولى
ولنفرض أن الشجرة شجرة تفاح
فإذا كان ما يصل إلينا منها عبارة عن فوتونات تتَرجَم عبر حواسنا إلى إشارات كهربائية ليتم تصويرها في الدماغ
وعند اقترابنا منها وملامستها, نشعر بوجود جذع وأغصان وأوراق وثمار لها
وإذا كنا نشعر بالألم عندما نُشاك بشوكها
وإذا كانت تخرج من أجسادنا الدماء عندما نحتك بها بشدة وتحدث لنا جروحاً
وإذا كنا نقطف ثمارها.. ونأكلها.. ونتلذذ ونتغذى بها
وإذا كنا نأخذ ما خرج منها من بذور, ثم نغرسه في الأرض.. ونسقيه ماء.. ثم تنبت به شجرة نظيرة للأولى
..... إلخ

إذا كان كل ذلك يحدث (أي: تبادل التأثير في الأمر المرصود)
فقد تعارف العقلاء على تسمية هذا الأمر ب (الحقيقي أو الواقعي)
فسمِهِ أنت ما شئتَ
واقعيا.. وهميا.. حقيقيا.. افتراضيا.. ماديا.. معنويا..
فلا مشاحّة في الاصطلاح..

ولكن ! يبقى عليك أن تذكر التعريف كاملاً, كلما ذكرتَ المصطلح الذي ترضاه, وكان مغايراً لما تعارف عليه الناس
لكي لا تختلط الأمور, ويعلم محدثك عن أي شيء تتحدث ..

ثانياً:
في قولك: ((... الآن ، لنفترض أننا استطعنا أن نولد هذه الإشارات الكهربائية و نرسلها للدماغ ، و لنقل مثلا ً أننا استطعنا بطريقة ما صنع إشارات كهربائية تشبه الإشارت الناتجة عن صورة شجرة مثلا و أدخلناها للدماغ فسيرى الدماغ شجرة أمامه ، لكن في الحقيقة ليس هناك شيء... ))

أقول :
نعم ! أخي الكريم ..
فإن شعور الإنسان الذي يتم توصيل دماغه....
بجهاز يحاكي بإشاراته إشارات حدث ما
إن شعوره سيكون مطابقاً لوقوع الحدث الحقيقي (حسب التعريف السابق)
ولكن !
كم سيستمر هذا الشعور؟
وهل سيتفاعل معه كما تفاعل مع (مثال الشجرة) ؟ أي: هل سيتبادلان التأثير ؟

فإذا لم يتبادلا التأثير
فهذا ما يسمى ب ( التخيل )
والتخيل (وهو توهم وجود أشياء غير موجودة) ينشأ إما عن خلل في الجهاز العصبي
وإما عن وجود مؤثرات خارجية (غير تبادلية) تحاكي مؤثرات الأمر الواقعي (كالسراب الذي يحسبه الناظر إليه ماء)
- والخلل, أو الأمراض, التي تصيب الجهاز العصبي وتجعل صاحبه يتخيل أشياء لا وجود لها في الواقع - كثيرة
وقد حدثنا القرآن المجيد عن شيء من المؤثرات الخارجية (غير التبادلية) التي تحاكي مؤثرات الشيء الحقيقي
قال الله تعالى في سورة طه:

﴿ َقالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى ( 65 )
َقالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى ( 66 )
فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى ( 67 )
قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَى ( 68 )
وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى ( 69 )
َفأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى ( 70 ) ﴾

فقد استطاع السحرة أن يبتكروا مؤثرات تحاكي حركة الأفاعي
ويجعلوا الناظر إليها يتخيل أنها تتحرك وتكاد تصل إليهم

ولما ألقى موسى , على نبينا وعليه السلام , ما في يمينه, وأخذت تتفاعل مع ما حولها ﴿ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا ﴾
أدرك السحرة أن الأمر حقيقي وليس سحراً ولا تخيلاً, فأذعنوا له, وكانوا أول من أسلم من الشاهدين ﴿ فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى{70} قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَى{71} قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا{72} إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى{73} ﴾

خلاصة ما تقدم:
تعارف الناس على أنه
إذا كانت المؤثرات متبادلة , فالوجود واقعي حقيقي
وإذا كانت من طرف واحد , فالأمر تخيلي.


ولكم تحياتي
رد مع اقتباس