ملتقى الفيزيائيين العرب - عرض مشاركة واحدة - يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
عرض مشاركة واحدة
  #209  
قديم 05-08-2009, 12:52
الصورة الرمزية محمد يوسف جبارين
محمد يوسف جبارين
غير متواجد
فيزيائي نشط
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
الدولة: أم الفحم..فلسطين ...تحت الاحتلال الصهيوني
المشاركات: 51
افتراضي رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟

وردة

بقلم محمد يوسف جبارين( أبوسامح) .. أم الفحم..فلسطين

وردة يانعة ، رائعة ، ما أجملها ، تنتعش الصدور لمرآها . تبدو عند الصباح ، وقد افترشتها قطرات الندى ، وزاورتها أشعة الشمس ، ريانة ، فرحانة ، مرصعة باللالىء ، تتمايل بها النسائم الناعمة ، تلاعبها فترقصها ، فتبهر الأنفاس ، تأسر النفوس ، تخلب الألباب ، انها آية من الجمال الآسر، فسبحان من خلق الجمال فسواه نعمة وهناءة وسرورا .
وردة بيضاء أوراقها خضراء
ريحانة شماء أريجها ضياء
تحيا في خميلة غناء ، وارفة الظلال ، يأتيها الاطفال ، كل نهار ، يتحلقون حول الوردة الجميلة ، يتأملون ، يرقصون ، يتغنون يصدحون :
نغني للحياة ، نقرأ الحياة ، نفهم الحياة.
تحيا القراءة
نبتسم للحياة ، بنا الحياة تبتسم .
نبني الحياة ، بنا الحياة ترتسم .
أقرأ الحياة ، تفهم الحياة ، تحب الحياة.
تحب الابتسامة.
وفي يوم من الايام ، بينما النهار يتثاءب ، جاء الى الخميلة طفل غرير ، وأسمه سامح ، رأى الوردة الجميلة ، فطابت نفسه لمرآها ، اشتم عطرها ، فانتعش صدره ، جرت في وجهه بشاشة ، رسمت شفتاه ابتسامة ، غناها أغنية الزهور .
وسوست له نفسه ، اقتلعها من موضعها ، خذها ، ازرعها عندك ، تبقى لك وحدك دون غيرك ، تراها ، تهنأ بشذاها في كل الأوقات .
طابت له الفكرة ، مد يديه الى الوردة ، نبش التراب من حول جذورها ، اجتثها ، احتملها بين راحتيه ، وخف بها الى داره ، وهناك زرعها في تراب آخر ، واهتم بها كثيرا .
ويوما بعد يوم ، راح الذبول يعتريها ، وشذاها ينضمر ، فارتاع من ذلك ، وطفق حائرا مدهوشا ، لا تلمع في وجهه بارقة ابتسام .
وانه لكذلك ، اذ لمحه ابوه ، فسأله عما ينغصه ، فقال سامح ، وهو حائر النظرات ، مشتت الذهن ، تعلو جبينه سحابة من الكآبة والحزن ؛ يا أبتي ، انها وردتي تذبل على عظيم اهتمامي بها ، وانني أذوب في حبها ، أحب لها الحياة .
ردد أبوه نظره في وجهه هنيهة ، وقال ورنة الحكمة في صوته ، يا بني ، لا تزرع نبتة في غير ترابها فكل نبات وله تراب .
توترت أعصاب سامح ، وأرسلت عينه دمعة ساخنة ، ثم أخفى وجهه في راحتيه وبكى بكاء مريرا ، فالتاع ابوه لحاله ، فاجتذبه من قميصه ، احتضنه الى صدره ، وقال والحنو يشيع في محياه ، لو كنت سألتني ، وأخذت رائي ما ندت عينك دمعة واحدة ، على شيء تعلقت نفسك به ، ولو أنك ترهف السمع ، تسمعني وتطيعني فيما أنصحك فيه ، لتمنيت عليك أن توافقني الرأي ، تنهض الآن فتعيد النبتة الى ترابها ، فما زالت أوراقها خضراء ، فيها الحياة ، لم يفترشها اصفرار ، وان مسها ذبول ، فلعلها تزهر وتثمر وتطرح بذورها في ترابها ، فتضمن استمرارها في الزمان .
رفع سامح رأسه ، ومسح دمعته بأنامله ، وسأل بلهفة ، أحقا تحيا ، ان أنا عدت بها الى ترابها وأجوائها الجميلة في الخميلة ؟! .
قال أبوه نعم ، هيا ، قم ولا تتبلد . وما تلبث سامح لحظة ، انطلق من فوره ، وهو يقول في نفسه ، لقد ارتكبت خطأ فظيعا حين أرغمت النبتة على الحياة في الغربة والشتات ، كيف فعلت ذلك ؟!.
تبا للانانية ، انها هي السبب ، أنا مفارق الانانية – بعد الآن- الى الأبد ، فهي التي باعدت بيني وبين أصدقائي ، وكادت تقتل الوردة فأبكتني .. بعد دقائق معدودات تكون الوردة في ترابها فتحيا ، فنفرح بها جميعا ، أنا وغيري ..
لكي أفرح ، لا يجب أن أسترق الفرح من عيون الآخرين .