ملتقى الفيزيائيين العرب - عرض مشاركة واحدة - يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
عرض مشاركة واحدة
  #295  
قديم 20-10-2009, 16:20
الصورة الرمزية محمد يوسف جبارين
محمد يوسف جبارين
غير متواجد
فيزيائي نشط
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
الدولة: أم الفحم..فلسطين ...تحت الاحتلال الصهيوني
المشاركات: 51
افتراضي رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟

على عتبات المصير

بقلم : محمد يوسف جبارين(أبوسامح) .. أم الفحم ..فلسطين



شروق كلمة الوعي بالحرية على الشفاه التي تشققت ، من عذاب الجوع والعطش ، الى الحركة الواحدة الجامعة، لكل فئات الشعب في ارادة واحدة، وعلى غاية واحدة، هي الأسمى بين الغايات وهي التحرر من الاستعمار، فكل الآمال دامعة، تروي بدموعها ترابها، لتقوى على صلب عودها ومد ذراعها، الى مسح ذبول، يشيع في ابتسامة الأزهار.
وثمة مقتضيات تستوجب فهم الدعوة الى الحرية، في مثل هذا الحال، على أنها دعوة فكاك الواقع من قيود وحواجز وسجون، وتحرير علاقة العقل بالواقع وبالاحداث، من المرور عبر ثقافة تخللها عبث شوة هذه العلاقة، وبهتها فأضاف لها أرباكا، ما كفل لها هلهلة مجتمع، وأغتمام رؤيته لمستقبله، بأغراقه بتشاحن وتطاحن فضعف بعد أن كان قد استذرى غناء، من جراء نمو في قدرته. فالزام الحركة الى الامام، دعوة وعي متمرد على واقع يراه أمامه.
فالحاجة قصوى الى تغيير، أو يبقى الحال كما هو، فاستنقاع يهدد مسألة المصير . فلا بد من ميلاد جديد.. الى انثى تلد الوجود، وقد تجددت ملامحه، فأصبح بكامل وعيه يرى مواقع خطاه، ويحث السير، فيصير الى ما يحلم بان يصير اليه.
فالمشروع الوطني أولا، وليس الحزب أولا. فالدولة مشروع شعب يسعى بقيامها، الى تنظيم حياته، على ما يحقق له آماله في التطور. فالحزبية منافسة في تحصيل الدولة، ومنافسة في تنمية القدرة على تسريع الدفع لعجلات التطور.
فالهيكلة الدائمة للواقع، بالاضافة الدائمة في قدرته على السير في الزمان، في عملية تطوير، في اتجاه الآمال، هو هذا النطاق العظيم الذي يتوجب أن تنصب فيه الجهود كلها.
وهكذا شروق، فاصلة بين ليل ونهار، بين وعي يلفه الليل ويتخبط في ظلماته، فلا يعرف مواقع خطاه، وبين وعي ثاقب البصيرة في الواقع ينظر فيه عميقا، ويقرأ العلاقات السائدة في العالم مليا، ويدري كيف يتناول الواقع، ويتدرج به، الى أن يقدر على هيكلته وتضمينه بما يستقر به على دولة، كانت مأمول وجدان شعب فأصبحت موجودة، فهو واحدها وانسانها الذي تدمع عيونه حبا، كلما نطق اسمها.
فاستيلاد حتمية لشروق دولة، يستوجب رسو الوعي على الواقع بآليات تنشئة للأسباب، التي باجتماعها، تتكون ظروف، تفسح المجال أمام استنبات مشروع ، تمضي به الارادة في سياقات مرحلية ،الى تكوين الدولة كجغرافيا ومجتمع وتنظيم قانوني لهذا المجتمع.
ما يستدعي، من أول خط السير الى الدولة، وعلى طول امتداده، رؤية صحيحة لصلة الفعل بسمو الأهداف، ما يعني انتشال الآمال والاستذراء بها الى ذرى ترتسم عندها الأهداف، وصلاتها بالارادات ويستضاء بها في اضاءة خط السير من أوله والى حيث الآمال. فالوضوح الفكري تأثيث لاحاطة بكل المتغيرات، وتمييز كل منها وتحديده وربطه بغيره، فلذلك هو ضرورة استواء على الرأي الصحيح، فتحديد الموقف يتأتى على تقدير، مستند الى واقع، وهذا بالاضافة الى امكانيات يقتضيها نفاذ الفعل، لزوم فاعلية في الاداء، حين بذل الطاقة في الفعل، فكذلك صواب البذل، بمأمول ترتب عليه فكذلك تتالي الخطوات، بتواصلية بنائية، حريصة على الرسو، في مستقبل أيامها، في ميناء الأمل، الذي يبرر لها ما هي عليه.
فأما اغراق العقل بمتغيرات ليست سائدة في الواقع، وانما مستمدة من واقع آخر، لربما متشابه معه في تيارات تهب عليه، أو اغراقه بمتغيرات مستوحاة من حركة حوادث في تاريخ ماض.
وقد سعى دوما الاستعمار الى تفكيك قدرة الشعوب على مواجهته، فبسط سيطرته على امكانياتها، وحاول استكشاف مناطق ضعفها، حيث يمكنه أن يشتري اختراقا، او خلخلة وزعزعة، في البناء الاجتماعي. وذلك حماية لاستمراره في طلاقة قدرته في ما يريده من بسط سيطرته. فتحقيق الأطماع رهن بالسيطرة، فاذا هذه وهنت، ضعفت مقدرته على بلوغ ما يريد، فيتم تفكيك السيطرة، أو يتأتى تفكيك الارادة التي تسعى الى تفكيكها، ولذلك نرى الاستعمار لا يتردد، في استعمال القوة في أبلغ تأثير لها، حين يحس تراجعا حقيقيا في مقدرته على السيطرة، ظنا منه، بأنه بذلك يسترد هيبته وهيمنته.
ولم تكن العشائرية وحدها التي لفتت انتباه الاستعمار، كمناطق جذب له في استنبات الصراع بينها. فحركة الاستشراق قد وفرت له قراءات عميقة الدلالات، فانتبه الى الطائفية والمذهبية، والحركة الممتدة في الرغبة، في النهوض من جديد، بالعودة الى تجديد حضارة كانت.
ولعل مشهد اللقاء بين عبد العزيز ملك السعودية، وبين روزفلت رئيس الولايات المتحدة، بعد مؤتمر يالطا، يدل على الفارق بين عالم يعيش خارج علاقة العقل في الطبيعة، وبين عالم أنهك الطبيعة بعقوله، وأنطقها في تحقيق تقدمه وتطوره، فحاجاته سعت به، وبما بيديه من مقدرة الى فرض ارادته وبسط سيطرته على غيره. فقد كان الملك العربي على ظهر جمل، وقد جاء ومعه خناجر وسيوف مرصعة باللؤلؤ، يقدمها الى روزفلت، بينما هذا على ظهر سفينة، هي قاعدة حربية تمخر البحار والمحيطات، ومن فوقها طائرات تركب الهواء. وبين ظهر الجمل وبين الطائرة كانت ترتسم ملامح مستقبل لمنطقة عربية بحالها. ولعله فيما قاله الملك العربي.. كنا أبا عن جد نستعمل هذا الزيت (البترول) لجرب الجمال فجاءنا الانجليز.. وفيما قاله روزفلت.. الانجليز أعطوك سيارة وأنا سوف أعطيك طائرة، مثل تلك، أنظر اليها... كانت تتراجع امبراطورية، لتحل محلها امبراطورية اخرى، وتتشكل سيطرة وتبعية، وأنظمة حماية لأنظمة حكم هي فرصة الاستعمار في بلوغ ما جاء اليه، وما يترتب على ذلك من أنظمة دفاعية، لاستبقاء هذه العروش، وتوفير المناخ المريح للمصاصات الاستعمارية، كي تشفط ما تشاء وكيفما تريد. ولمواجهة التيارات القومية والتقدمية والنهضوية التي ترتفع أصواتها في المنطقة ضد الاستعمار وعملائه.
وقد أفصحت خبرات المستعمرين في السيطرة، عن أساليب، مدرارة النفع، تلائم أهدافا يراد تحقيقها في المنطقة. وراح المال يتدفق الى مناطق الفقر والحاجة، يؤدي دورا يريد شيئا واحدا ، هو تطويق وتحطيم كل الذين يناهضون الاستعمار والعروش التي يستعملها ، كأدوات في تحقيق أغراضه.
وامتلأت آذان الناس ، بكل ما بدا بأنه مبادئ وثقافة موظفة وأقيمت جامعات وكليات، ودور نشر وصحافة، وتم استقطاب الحاقدين والزعلانين، والذين تسبقهم كروشهم الى ما يريدون، وبدأ خط انتاج، وخط تصدير للعملاء.. مثل تربية الدجاج والبط ... وراح الحبر يسيل من الاقلام المأجورة ، وملأت الكتب الأسواق، وبدت الذاكرة الجماعية كمن يواجه أخطر تشويه عرفته في التاريخ .
وانساق كل ذلك في سياقات تنشئة الجماعات في كل مكان، فالمال يتقدم، والتوجيه يملي، والاشارات توحي.
ويكاد يكون فن التفريخ الاستعماري للعملاء رهيبا في خدمته لأغراضه، فهو يعرف ما يريد، ولكن الذين يتحركون بالايحاء غير المباشر، من جانب الاستعمار، هم هؤلاء الذين ليس فيهم الوعي العميق الذي يدركون به، بأنهم يقدمون خدمات للاستعمار، لم يكن في مقدوره هو أن يحققها. وتبرز هنا جماعة، وأخرى هناك، من نوع من ترى في ذاتها نهاية التاريخ، تماما مثل ما رأى فوكاياما في الغرب نهاية التاريخ. بفارق أن الغرب لديه نتاج علاقة العقل بالطبيعة، وبها بدل وجه الحياة، وليس أمام العالم من طريق سوى أن يأخذ. وأما جماعة كهذه فليس لديها ما تعطيه سوى ادعاء الحرص على جملة من ماض، تريد ارغام الحاضر على التشكل بها، ظنا منها بأنها بذلك تجدد تاريخ أمة وتعيدها الى قيادة التاريخ.
فكل ما عداها خارج نطاق الانتماء اليها، ممن ليس منها، فهي ليست معه. والآخرون لا بد من استدراجهم فاحتلالهم ليصبحوا نسخا من كتاب هذا النطاق. فهكذا انغلاق وتعصب أعمى الرؤية الثاقبة للآخرين. ومن تبرير التعصب والغاء الآخر، كراهية الآخرين، وقد تصل الى اباحة دمهم، وخاصة عندما تضيق الجماعة ذرعا بهم، كأن يكونوا عقبة شديدة المراس في طريقها. وهي اذ تفعل ذلك، فانما تسفك دم باطل وتنتصر للحق. ما يدل على تفريغ التعصب الأعمى للنفسية، من الحس بقيمة دم الآخرين. وثمة قراءة في خطاب جماعة كهذه تجده مليئا بصراخ عنيف، واتهامات تخرج من أفواه تتوتر، ووجوه تعبس، وأجسام تنتفض، ما يفيد الناظر والمستمع، بأن نفسية كهذه مليئة بالنزعة الى العنف والكراهية.
فبكذا تهييج وترويج كلامي عنيف، يراد انتاج ضلال يجعل الأحباب والأصدقاء أعداء. كأنما يراد بتطرف يتجاوز حدود القدرة، وحدود الفعل، انتاج انغلاق فانقسام حاد في المجتمع، فانسداد كل باب تفاهم على الحدود بين الأقسام ما يستبعد في مستقبل الايام، وحدة صف، حول مواقف في مسائل المصير، وهو المطلوب، فلا يريد الذين لا يريدون لشعب أن يقرر مصيره بنفسه، أكثر من أن تتشقق وحدة هذا الشعب، فلا يكون في مقدوره، أن يطالب بتقرير مصيره. واذا طالب بعضه بذلك، فبعضه لا يتفق مع بعضه في المطالبة. فحق تقرير المصير يحتاج وحدة، ولا يجدها. فمشهد شعب كهذا يبعث السرور لدى الأعداء. وأمام العالم يبعث على الدهشة والرثاء.
وحتى الحوار كشاف عن الارجاف الذي تحدثه العقلانية، وقد يفاجأ، من وجدوا فيها فنا يتفنون به، فعساه يكون لهم جسرا الى السلطة ، فاللافعل استحال سلطة . فهذه أزمة سياسة، أو تكون سياسات تناطحت فأنتجت أزمة، فغالبا ما تغيب متغيرات أو يتم تغييبها، فيجد من يتوهم نفسه السياسي بأنه في أزمة، وفي مقابل هذا هناك السياسي الذي يرى كل المتغيرات، ويعتمد على غفلة الأول، وبحركة فاهمة ما تريد.. يصوغ له أزمة، وفي السياسة، صناعة الأزمة مفتاح استخراج موقف، باستعمال امكانيات قوة متاحة.
فحال اللافعل، كحال مقيم في زنزانة، كلما هرب من واقعه، عبر عقله، الى داخل، الى فكر وخيال، يسبح فيه، جاءت طرقات السجان على الباب، أو صاحت المعدة، بما بها من خواء، لتعيده الى واقعه. فكيف تلاقى السجان، مع جسده عليه، هو هذا الذي يذبح في وعيه، ولا يقبله.
فاذا العبث الاستعماري بمصائر الشعوب مبرر، من وجهة نظر الاطماع الاستعمارية، فهو بالتأكيد لا يجد ما يبرره من وجهة نظر الشعوب. فالسيطرة في مواجهة التحرر، والمحاصرة للاضعاف والخلخلة والتفكيك، في مواجهة التساند لا التعاند.
فاذا ثمة صلابة بدأت تتشكل في مواجهة الاستعمار، فهو من داخل أنظمة تابعة له، يسعى الى اختراق، حتى يصل الى التحكم عن بعد، فهذا استعمار يجيد تحريك الصواريخ والاقمار الصناعية عن بعد، بينما عرب لم يتجاوزوا تحريك شيء الا بالامساك به، بالمقود، بالرسن. وهذا ما أبقى الغفلة تأخذهم أحيانا، في قراءة حركة حوادث، تجري أمامهم، يرون ولا يفهمون، واذا أفهمتهم، يصخبون ويرجفون ولا يفهمون.
واذا افترضنا، أن ما تريده أمريكا، هو ما تريده اسرائيل، وسألنا ماذا تريد، لأجابت بتاريخها، بأفعالها، بمفكريها، بجهاز الأمن فيها، وبأفصح لسان، بأنها لا تريد أن ترى وجودا أسمه شعب فلسطين. ولا تريد دولة فلسطينية في الضفة والقطاع. واذا فاهت بكلمة كهذه فهي تعني حكما ذاتيا، لا يملك من قريب أو بعيد حتى أمنه الذاتي، فالأمن كله تريده بين يديها، وعلى حكم ذاتي كهذا تكون مكرهة، فان حصل، فهذا حصاد تاريخ يجب تأمله باستمرار، ووضعه تحت المراقبة الدائمة، والبحث الدائم عن عناصر القوة الامنية التي تجعله خاضعا، وقابلا للتفكيك. ولذلك لا بد من السيطرة على أسباب نموه، والتحكم بها. فحدود أمن اسرائيل ممتدة الى المصادر التي يمكنها أن تصب، في نمو وأمن حكم ذاتي ، أو دولة للفلسطينيين.
فأين ارادة العرب، وأين ارادة الفلسطينيين، فهذه التي يراد السيطرة عليها، فهذا أمن اسرائيل . فلتكن الوحدة الشاملة، لكل الفصائل الفلسطينية، في حركة شاملة في اتجاه هدف واحد، هو اقامة دولة فلسطين . فهذه تضفي عليها الهيبة، ونوعا من القداسة لدى أبناء فلسطين . فالمشاعر تتيقظ والارادات تتأهب لواجب يوشك أن ينادي عليها. ما يبعث يقظة في الشعور واستنفار في الارادات، لدى شعوب المنطقة، ويتنبه العالم. فهذا ما توجبه مرحلة التحرر الوطني.
فكذلك يكون تصور قيام جبهة تحرير، فالتهيؤلا ستقبالها، بما يستبعدها، أو يفرغها من قدرتها باحالتها شكلا فضفاضا عاجزا عن بلوغ أغراضه، بمحاصرتها على كل صعيد، وذلك بحركة واسعة التنفاذ في المنطقة، وفي الساحة الفلسطينية، مستفيدة مما أبدعته أمريكا وبريطانيا سابقا، بسياسات الاحتواء والتفريخ والتنشئة لجماعات وقامات، من ذوات الكعب العالي، واللسان الطويل، في الحرص على الحق المطلق، بينما في الخفاء انكباب على فتات موائد اللئام. فثمة قدرة مكونة من عناصر عربية، بها جاهزية لقائمة أوامر تأتيها فتؤديها كخدمات للحركة الصهيونية، حتى ولو كان مؤداها كارثيا على الحركة الوطنية الفلسطينية.
فاسرائيل عازمة على تشكيل عدم الاستطاعة، لشعب فلسطين، فلا يصير الى ما هو يريد أن يصير اليه. فهي تقترب من ارادته، ومن الارادة العربية، وتسعى الى تفكيكها، وتود لو تتحكم بها فتقرير مصير هذا الشعب تريده بين يديها.