ملتقى الفيزيائيين العرب - عرض مشاركة واحدة - "الحقيقة الكمية هي حقيقة من بدع الراصد"
عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 04-11-2009, 23:08
الصورة الرمزية تغريـد
تغريـد
غير متواجد
فيزيائي عبقري
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
المشاركات: 873
افتراضي رد: "الحقيقة الكمية هي حقيقة من بدع الراصد"

الإخوة و الأخوات الكرام كما قلت يهمني أن أعرض ملخصا للمسألة كما أراها حتى الأن
لأكون أكثر وضوحا

ما قصدته من خلال قولي عن الطبيعة الاحتمالية بغض النظر عن الراصدين هي وجهة النظر التي تقول بأن المسألة في ميكانيكا الكم مختلفة عن الاحتمال التقليدي في كون الاحتمال التقليدي و أبسط مثال عليه هو حجر النرد حيث أن الوجه الظاهر يخضع لعوامل عديدة تؤثر عليه و نظرا لأنه ليس بالإمكان دراسة تلك العوامل جميعا ندرس المسألة من وجهة نظر الاحتمالات.

و لكنهم يقولون بأن الطبيعة الكمية مختلفة فلا توجد عوامل وراء النتيجة التي تظهر سوي خضوعها المباشر للاحتمالات أي أن الاحتمالات هي القانون الوحيد الذي يحكم تلك النتائج. و يدعون بذلك أن ميكانيكا الكم نظرية كاملة (ليس هناك ما يمكن اكتشافه خارج نطاقها في العالم الكمي) .

ذلك لأنهم يقولون بأن الطبيعة الاحتمالية لميكانيكا الكم لم تنشأ نتيجة لتأثر رصد الأحداث و لا لأخطاء القياس و بالتالي الاحتمالات هي طابع أصيل في ميكانيكا الكم لا يفترضه عجز الانسان عن السيطرة الكاملة علي مجرى التجربة

و هذا بالضبط ما رفضه أينشتين إذ أنه لم يرفض النظرية من حيث أنها قوية و أن لها اسهامات مهمة و عديدة في تطور العلوم و لكنه رفض أن تكون النظرية بهذا كاملة و يؤكد ذلك ما قاله أينشتين و ما تؤكده الفقرة التالية المستقاة من نفس الكتاب السابق


"إن لميكانيكا الكم ما يستوجب الإعجاب، و لكن هاتفا في أعماقي يصيح بأنها ليست حتى الآن هي الشيء الحقيقي ، فالنظرية تقول لنا الكثير و لكنها لا تقربنا في الواقع من سر العليم الخبير"
"و كانت أهم اعتراضاته بأنه غير مؤمن بأن الله يعتمد على الصدفة "

و حتى ماكس بورن لم ينكر عليه ذلك و يبدو هذا جليا في رده على ذلك

"إذا كان الله قد جعل العالم آلية متقنة إلى حد الكمال، فإنه على الأقل قد تنازل عن الكثير لفكرنا القاصر حتى إنه لا يلزمنا حل معادلات تفاضلية لا يحصيها العد للتنبؤ بأجزاء صغيرة من هذه الآلية"



و هذا ما جعل أينشتين

1- يفترض وجود عوامل أو متغيرات خفية هي التي تؤثر في العالم الكمي بدون إدراك من الإنسان و بالتالي تؤدي نفس دور العوامل التي تؤثر على الوجه الظاهر لحجر النرد

2- و يحاول بناء تجارب فكرية تنفي تلك الطبيعة الاحتمالية البحتة لميكانيكا الكم، و تؤكد الطبيعة الحتمية للكون .

ما حدث بعد ذلك؟

أثبت العالم Bell استحالة وجود متغيرات خفية من خلال المنطق التالي:

1- أنه افترض أن هناك متغيرات خفية

2- و أثبت أنه في تلك الحالة يمكن استنتاج متباينات معينة من ذلك الفرض

3- ثم أثبت أن تلك المتباينات غير متحققة في ميكانيكا الكم


و كان الأثرالطبيعي لذلك أن تقلصت نسبة العلماء التي تؤمن بالحتمية إلى حد كبير

و لكن
كما فهمت فإن الحتمية يمكن الدفاع عنها من خلال أمرين

الأول
أننا لو افترضنا أن قوانين النسبية لا تنطبق على العالم الكمي فإن ما أثبته Bell لا ينفي وجود متغيرات خفية و بالتالي لا يتناقض مع الحتمية

و هذا متفق مع ما حاولت التركيز عليه بقولي في مجمل الموضوع
(التي كنت أحاول أن أقول من خلالها أننا لا يمكننا نفي الحتمية )
ما عدا الفقرة الأخيرة
(و التي حاولت من خلالها القول بأني لا استبعد رغم ذلك الراي الآخر القائل بالطبيعة الاحتمالية الخالصة لعالم الكم)

الثاني
أن التجارب الفكرية التي أقامها أينشتين قد فشلت في عهده نعم
و لكن أثرها ما زال باق و قد تم تطويره حديثا من خلال ظاهرة entanglement و التي تؤكد انهيار النسبية في العالم الكمي مما يفتح المجال لظهور المتغيرات الخفية مرة أخرى و يرجح كفة الحتمية
و لكن لاي درجة ؟؟؟؟؟؟؟؟

هذا ملخص لما فهمته من خلال الأبحاث التي قرأتها و لكني لم أتعمق فيها للدرجة التي تجعلني أفهم كل ما فيها فأنا لم استوعب ظاهرة entanglemt بشكل كامل
و لم اجد في نفسي الطاقة لمتابعة متباينات Bell حتى النهاية .


و لكن لي أسبابي الخاصة التي تجعلني أرى أنه لا يمكن أيصاد الباب باتجاه الحتمية

لأن احتمال الخطأ في هذا الشأن قد يوقعنا في أخطاء تجعل فهمنا منغلقا و محدودا

و خاصة أننا في العالم التقليدي الذي نحسه و نتعامل معه قد نجد أمورا لا تنطبق عليها الأسس الرياضية لنظرية الاحتمالات التقليدية

لذا أجد أنه من باب أولى ألا نرفض النظرة التقليدية للاحتمالات في عالم الكم لمجرد أن ميكانيكا الكم خالفت تلك الاسس.

و للأسباب التي ذكرتها في المشاركة الأخيرة و في موضوع تفسير كوبنهاجن تفسير فلسفي أيضا لا أرفض النظرة الثانية و أرى أنه من الاجدر ترك الاحتمالات مفتوحة

أما القول بأن الحتمية و المتغيرات الخفية ما هي إلا رؤية فلسفية فأقول لا يمكن للمرء مهما حاول أن يكون موضوعيا

أن ينأى بتفكيره عن الفلسفة التي يؤمن بها و العاقل من يجعل في نفس الوقت ذهنه مفتوحا دوما لإمكانية الخطأ

و لكنها الفلسفة هي التي تمدنا بالطاقة للبحث و الاستقصاء وراء الأسباب و السنن

و أنا ربما لا أحب أن أفصل فصلا كاملا بين جوانب العلم و الدين و المنطق

فكلها يجب أن تخدم هدف واحد هو أن يكون الإنسان انسانا يحترم ما وهبه الله من نعم

و الحديث عن المتغيرات الخفية قد يبدوا لنا أنه لا يعدو كونه فلسفة ما

و لكن لنتذكر أن تبني الرأي الآخر يحجر الفكر ليجعله متمركزا في ميكانيكا الكم لا يغادرها لأنه يؤمن بعدم وجود أبعاد أخرى للفيزياء

و هو ما يرفضه أصحاب هذا المبدأ و أحب أن أنوه هنا

بالقول بأن شرودنجر من المقتنعين بمبدأ الحتمية و تجربة القطة كانت لتأكيد مبدأ الحتمية و ليس نفيه كما يعتقد الكثيرون.

و أؤكد أن المسألة ليست فلسفية كما تبدو فهي يتم تناولها اليوم من خلال مجموعة من الأبحاث التي تعتمد لغة رياضية مجردة جدا و لكننا لأننا بعيدون عن تلك الابحاث نظن أن الأمر لا يتعدى كونه فلسفة

و جدير بالقول إن الدفاع عن الحتمية دفاع عن موروث العلم الذي كانت السببية فيه هي القائد

فلا أظن أن هناك غضاضة في التريث قبل إطلاق الأحكام

و الله تعالى أعلم
رد مع اقتباس