ملتقى الفيزيائيين العرب - عرض مشاركة واحدة - المتفيزق يسرد قصة مدينة الغاز ويروي مغامرات عجيبة للجزيئات المتصادمة!!!
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 14-11-2009, 11:10
الصورة الرمزية المتفيزق
المتفيزق
غير متواجد
أستاذ فيزياء
محاضر في الدورة الثانية لتعليم الفيزياء
 
تاريخ التسجيل: Jan 2007
المشاركات: 1,688
افتراضي المتفيزق يسرد قصة مدينة الغاز ويروي مغامرات عجيبة للجزيئات المتصادمة!!!

لقد شاركت قبل حين بمشاركة عنوانها:
قالت الفيزياء : ما أكبر المسافة بين الجزيئات...قال المتفيزق: ما أصغرها؟؟؟
وهي هنا:
http://www.phys4arab.net/vb/showthre...C7%E1%DB%C7%D2

وقد تحدثت فيها عن إحدى فرضيات النظرية الحركية والتي تقضي بأن جزيئات الغاز (المثالي على الأقل) تكون متباعدة عن بعضها الأمر الذي يمكننا معه اعتبار أن حجم الجزيئات صغير جداً مقارنة بالحجم الذي تشغله...

واليوم وفي موضوع مشابه نتحدث عن فكرة تبدو مناقضة للأولى وهي تحكي قصة عجيبة...

في البداية نقرأ هذه القصة الطريفة... إن معنى أن المول من الغاز يحتوي على عدد أفوجادرو من الجزيئات (يعني نحو 6 ضرب 10 للقوة 23 من الجزيئات) هو أمر مهول ... جد مهول... إن هذا يعني أن أي كمية مهما صغرت في تصورنا تعني ملايين وبلايين من الأفراد!!! ( أقصد الجزيئات) الذين يتحركون في حركة دائبة عشوائية ومع ذلك نقول في المشاركة الأولى إن المسافة بينها كبيرة إلى الحد الذي نعتبر الإناء الذي يحتوي الغاز فارغاً إلا من انشغاله بحركة الجزيئات ... يعني المسافة بين الجزيئات كبيرة جدا قياسا بحجمها (أقصد أبعادها)... يعني خذ الهيدروجين مثلا... إن المول من الهيدروجين يعادل 2جم وزنا وعلى ذلك لو أخذنا جزءا من عشرة آلاف مليار من هذه الكمية (2 جم) من الغاز (يعني جزءان من عشرة آلاف مليار من الجم) فإن الجزيئات التي بداخله ستكون أكبر من سكان العالم كله!!!!!!!!!!!!!! وفي هذا إشارة إلى معنى جميل أحاول أن أبينه للطلاب عند دراسة الفيزياء الإحصائية وهو أن هذا العدد المهول يشي بضرورة استخدام المفاهيم الإحصائية والاحتمالات عند دراسة تصرف الغازات ... وذلك أن هناك أخلاطا كثيرة واختلافات لا تحصى بين السرعات الفردية والاتجاهات والطاقات الامر الذي يجب معه أن نستخدم التقريب والتوقع والاحتمال ...

والآن نقرأ القصة الثانية ...إننا نعرف قانون الغازات العام ... PV=nRT حيث n = N/A هي عدد المولات وهي تساوي العدد الكلي للجزيئات مقسوما على عدد أفوجادرو ... وبذلك يمكن التعبير عن معادلة الحالة للغاز المثالي بالعلاقة : PV=NkT حيث k حاصل قسمة R على عدد افوجادرو والمعروفة بثابت بولتزمان...
دعنا نفترض أن لدينا 1متر مكعب من الغاز في درجة حرارة 300 كلفن (27 مئوي) وتحت ضغط جوي واحد (لاحظ أن الضغط الجوي يعادل تقريبا 10 أس 5 نيوتن/متر مربع) ... فإذا عوضنا في المعادلة السابقة سنجد أن :
PV=NkT ومنها N = PV/kT ... احسبها ستجد أن : N=2.4 x 10 ^ 25 ... ياالله!!!!! إن هذا يعني أن عدد سكان المتر مكعب من الغاز (يعني الجزيئات بداخل هذا الحجم) يفوق عدد سكان العالم بألف ألف ألف ألف ألف مرة!!!!!!!!!!
نعم كل هؤلاء يسكنون المتر المكعب ... ونعم وبرغم ذلك يعتبر الفراغ المتاح كبيرا جدا بحيث يمشي الجزيء مسافات طويلة حتى يجد جزيئا آخر يصدمه... نعرف ذلك من معرفتنا بما يعرف بمتوسط المسار الحر والذي يمكن أن نعبر عنه بالمعادلة:
1 على (جذر2 × العدد في المتر مكعب × مساحة الدائرة التي نصف قطرها هو قطر الجزيء نفسه ) ....
لا داعي هنا لإثبات ذلك ...دعنا نأخذه مسلما به ونحسب المسافة التي يتحركها الجزيء حرا دون تصادم لنجد أنها تقريبا 10 للقوة -7 من المتر ... وذلك عندما نعتبر أن سرعة الجزيئات حوالي 500م/ث وأن قطر الجزيئات في حدود 10 أس -10 من المتر ... لا تمر على الموضوع بسرعة ... إن هذا يعني أن الجزيء يتحرك مسافة تساوي قريبا من ألف مرة من طول قطر الجزيء كي يضرب جزيئا آخر !!!!!! وهذا أيضا من العجب ...
دعنا نقرأ القصة مرة أخرى ... إن لدينا جزيئات تتحرك عشوائيا وهي تعد بملايين مليارات المليارات في المتر المكعب ومع ذلك الازدحام المتبادر إلى الذهن فإن الجزيء يعاني كثيرا حتى يجد جزيئا آخر يتفاعل معه بالتصادم أو ربما ليقبله بعد عناء السفر !!!

وتظل القصة الثالثة وهي أيضا غاية في العجب ... إننا لو قسمنا المسافة الحرة التي يمشيها الجزيء على سرعة الجزيئات فإننا نحصل على الزمن الذي يتحرك فيه الجزيء حرا... ولو عكسنا الزمن (زمن تصادمين في الواقع) فإننا نحصل على تردد التصادمات ...يعني عدد التصادمات في الثانية ... ولو ذهبنا نحسب ذلك فسوف نجد أن عدد التصادمات في الثانية الواحدة يقترب من ... انتبه جيدا ... قد لا تصدق !!! إنه يقترب من مليار تصادم في الثانية الواحدة ... الله أكبر !!! مليار تصادم ... نعم مليار تصادم...
والأن نقرأ القصة مرة ثالثة ...
ملايين المليارات من المليارات من الجزيئات يسكنون في متر مكعب من الهواء مثلا ... وكلها تتحرك حركة عشوائية ونتحدث عن مليار تصادم بالثانية ومع ذلك نقول إن سكان هذه المدينة يتحرك أحدهم مسافة تزيد عن (طوله) ألف مرة كي يلتقي بزميل آخر ...
ما هذا العجب !!!
بقي أن أقول إن العطر الفواح من هذا العريس الذي مر قبل قليل بجانبنا من مسافة 20 مترا كان يجب أن يصلنا في أقل من 4 من مائة من الثانية لكنه لم يصلنا إلا بعد ثانيتين أو ثلاثة ... وهذا لن يصبح الان عجيبا إذا فهمنا أن الجزيء المسكين قد داخ سبع دوخات وهو يصطدم مليارات المليارات من التصادمات قبل أن يصل إلى أنوفنا لكي نهتف من قلوبنا : ليتنا نحن العرسان...
إلى اللقاء
رد مع اقتباس