شاهدت المنافسة بين الاخوة
بقلم : محمد يوسف جبارين( أبوسامح)..أم الفحم..فلسطين
شاهدت المنافسة بين الاخوة مصر والجزائر ، في حضرة جماعة يزيد عددهم على خمسة عشر فردا ، ما بين ذكر وانثى ، وتتراوح أعمارهم ما بين عشرين سنة الى ما يزيد على الستين عاما ، وكان ذلك في بيت من بيوت ام الفحم في فلسطين المحتلة ، والملفت في كل ذلك الحضور ، هو اني الوحيد الذي لا أفهم في كرة القدم ، ومشاهدتي لعبة كرة قدم لربما تكون الثانية أو الثالثة ، فمنذ ما يزيد على عشرين عاما لم أرى فيها كرة قدم ، وكان هذا في صالحي ، فالكل من حولي يريد أن يشرح لي ، فأنا في حال التلميذ الذي يدخل الروضة ، وكانت اللعبة تمر على الشاشة ، بينما الصمت هو سيد الموقف ، تخترقه شروحات لي ، لكي أفهم حركة هنا وحركة هناك ، فلما أدخل جول في شباك مصر ، هب الجميع دفعة واحدة في صرخة داوية ..جزائر ..جزائر .. وقيلت أسماء لاعبين لا أذكرها ..وراح الهتاف لجبال الأوراس ، بومدين ... بن بلا .. وما الى ذلك فهذا يقفز وهذا يصرخ وهذا يعتصر نفسه فرحا ، وأنا مذهول في مكاني التفت الى هذا والى ذاك ، ولاحظت بأن أحدهم قام وأحضر علما عرفت مباشرة بأنه علم الجزائر والتف به وهو يقول : هذا حبيبي ، ولست أدري لم شدني شكل هذا الشاب وغيره ، فهو يشبه وجوها جزائرية مرت على الشاشة أمامي ، ولقد سبقني الى القول أحد الحاضرين ، اذ قال بأن كثيرين في أم الفحم لهم جماجم ووجوها تشبه هذه التي نراها على الشاشة ، وسارعت من جانبي الى القول ، بأن الاسلام قد مزج ما بين الخلائق عندنا في المنطقة العربية ، حتى بات يصعب على أحد أن يشير الى أصل له سواها العروبة والاسلام ، ، الا أن المشهد بدا أكثر جاذبية عندما كادت مصر تدخل جولا ، و لم تفعل فبدا أسف شديد على بعض الحاضرين ، لكن وجوما ما كان يمكنه الا أن يفترش كافة الوجوه ، ولما انتهت اللعبة ، بدا المشهد أكثر غرابة ، فمع الفرحة للجزائر والتي بدت في قيام أحدهم ليوزع الحلوى ، راح غيره ليقول بأنه حزين لأن فريق مصر لم يفلح في المشاركة في المنافسة العالمية فهو جدير بذلك ، وكان يمكنه ويمكنه ..وانهال فجأة الجميع بكل الثناء على فريق مصر وبدت محبة جارفة لأبوتريكة ، ولاحظت عندها دموعا في عيون أكثر من واحد من الحاضرين ، ولما بدا الأسف واضحا على وجه المذيع المصري ، رأيت أحدهم يجهش بالبكاء وتحضنه أمه وتلحق به بدمع لم تستطع اخفاءها ، وهكذا كان حال هذه المشاهدة التي أفضت بدلالات على وحدة مشاعر وفكر ممتدة من أم الفحم الى مصر والى الجزائر ، بل وفي كل اتجاه في مناحي الوطن العربي .