تفسير الآية الثانية من سورة الكهف
من تفسير السعدي
"لينذر بأسا شديدا من لدنه "
أي : لينذر بهذا القرآن الكريم ، عقابه الذي عنده ، أي : قدره وقضاءه ، على من خالف أمره ،
وهذا يشمل عقاب الدنيا ، وعقاب الآخرة ، وهذا أيضا ، من نعمه أن خوف عباده ،
وأنذرهم ، ما يضرهم ويهلكهم .
كما قال تعالى ـ لما ذكر في هذا القرآن وصف النار ، قال :
" ذلك يخوف الله به عباده يا عباد فاتقون "
. فمن رحمته بعباده ، أن قيض العقوبات الغليظة على من خالف أمره ،
وبينها لهم ، وبين لهم الأسباب الموصلة إليها .
" ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا "
أي : وأنزل الله على عبده الكتاب ، ليبشر المؤمنين به ، وبرسله ، وكتبه ، الذين كمل إيمانهم ،
فأوجب لهم عمل الصالحات ، وهي : الأعمال الصالحة ، من واجب ، ومستحب ،
التي جمعت الإخلاص والمتابعة .
" أن لهم أجرا حسنا "
وهو : الثواب الذي رتبه الله على الإيمان والعمل الصالح ، وأعظمه وأجله ،
الفوز برضا الله ودخول الجنة ،
التي فيها ، ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر .
وفي وصفه بالحسن ، دلالة على أنه لا مكدر فيه ، ولا منغص ، بوجه من الوجوه ،
إذ لو وجد فيه شيء من ذلك ، لم يكن حسنه تاما . ومع ذلك فهذا الأجر الحسن
" ماكثين فيه أبدا "
لا يزول عنهم ، ولا يزولون عنه ، بل نعيمهم في كل وقت متزايد ، وفي ذكر التبشير ،
ما يقتضي ذكر الأعمال الموجبة للمبشر به .
وهو : أن هذا القرآن ، قد اشتمل على كل عمل صالح ،
موصل لما تستبشر به النفوس ، وتفرح به الأرواح .