ملتقى الفيزيائيين العرب - عرض مشاركة واحدة - القوى الأربعة وعلاقتها بالفزياء النووية
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 06-02-2010, 22:50
الصورة الرمزية وائل حسن عبده
وائل حسن عبده
غير متواجد
فيزيائي جـديد
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
الدولة: ام الدنيا < مصر >
المشاركات: 26
القوى الأربعة وعلاقتها بالفزياء النووية

القوى الأربع !


رغم ما يبدو من أن الطبيعه تنطوي في الحياة اليومية على تشكيلة كبيرة من أنواع

القوى ، يمكن في حقيقة الأمر إرجاع أية قوة إلى احدى قوى عددها أربع فقط .

أكثر هذه القوى شيوعا هي الثقالة ، وقد كانت أول قوة حظيت بنظرية منهجيه على يدي

نيوتن * . والثقالة وحدها قوة عالمية شاملة ، أي انها تفعل فعلها بين كل الجسيمات

بدون استثناء . ومنبع الثقالة كتلة الجسيم مهما كان شأنه . فالثقالة إذن قوة

تتراكم فتشتد كلما ازدادت كتلة منابعها ، وهي باستثناء ظروف دخيلة ، تجاذبية دوما

.

يقال إن الثقالة قوة ذات " مدى طويل " لأنها لا تستطيع أت تفعل فعلها على مسافات

محسوسة - في المدى الكوني واقعيا . وسبب ذلك أن شدتها تتناقض بازدياد المسافة

تناقصا بطيئا نسبيا - وبدقيق العبارة تتناقض متناسبة مع مقلوب مربع المسافة لدى

ازديادها . فالقوة الثقالية بين إلكترون وبروتون ، مثلا أضعف من القوه الكهربائية

بينهما قرابة 10^40 ( 10 أس 40 ) مرة . ولهذا السبب لا يبدو أن الثقالة تؤدي دورا

مباشرا يُذكر في فيزياء الجسيمات دون الذرية . لكنها على كل حال واحدة من القوى

الأساسية الأربع في الطبيعه ولابد من تدبير مكان لها في أية نظرية توحد في هذا القوى

كلها .

إن في الفيزياء مفهوما هاما في توصيف القوى كلها هو مفهوم الحقل .

كان نيوتن يفهم الثقالة بأنها "فعل عن بعد" أي بتعبير أوضح أن الفعل الثقالي

للجسيم يؤثر مباشرة في جسيم آخر قافزا فوق المسافة بينهما . لكن الفيزياء الحديثة

ترى أن كل جسيم منبع حقل قوة - حقل ثقالي بصددها ما نحن فيه - يحيط بالجسيم ،

والجسيم الآخر يعاني من جراء وجوده في هذا الحقل ، قوة متناسبة مع شدة الحقل في

النقطة التي هو فيها . ويعزى تناقص شدة الثقالة بازدياد المسافة إلى تضاؤل الحقل

تدريجيا لدى الابتعاد عن منبعه .


وفي عام 1915 استبدل أينشتاين بنظرية نيوتن الثقالية نظرية النسبوية العامه وفي

هذه النظرية الحقل الثقالي يفسر بتشوه الزمكان أو انحنائه أي إنه مفعول من طبيعة

هندسية صافية . وهذا التتفسير يعزل الثقالة عن القوى الثلاث الأخرى .

وفي المحل الثاني ، بعد نظرية نيوتن الثقالية ، ظهرت القوة الكهرطيسية التي حظيت

بأساس نظري . فقد دُرست القوتان الكهربائية والمغناطيسية ، في التجارب المخبرية

بوضوح وكانتا مغروفتين من القديم . لكن الرابطة البنيوية بين الكهرباء

والمغناطيسية لم تُكتشف إلا في القرن التاسع عشر بفضل أعمال فارادي وسواه . عندئذ

نجح مكسويل في صوغ مجموعة معادلات وحدت الاثنين في نظرية " كهرطيسية " واحدة فخطا

بذلك أول خطوة على طريق نظرية توحد قوى الطبيعة .

إن منبع الحقل الكهرطيسي هو الشحنة الكهربائية . لكن الجسيمات ليست كلها ذات شحنة

كهربائية " فالقوة الكهرطيسية " بخلاف الثقالة ليست قوة عالمية لكنها تشبه الثقالة

في طول مداها - القوتان ، الكهربائية والمغناطيسية ، تخضعان كالقوة الثقالية

لقانون التربيع العكسي . بيد أن القوة الكهرطيسية كما ذكرنا أشد بكثير جدا من

الثقالة لكن وجود نوعين موجب وسالب ، من الشحنات الكهربائية يجعل مفعوليهما

الكهرطيسيين متفانيين عموما في الأجسام المحسوسة أي إن القوى الكهرطيسية لا تتراكم

بما يزيد في شدتها بل يعدل بعضها بعضا ، ولهذا السبب كانت الثقالة أحرى من القوة

الكهرطيسية بالسيادة في المدى الكوني الواسع رغم التفوق الكبير المتأصل في

الكهرطيسية .

أما القوتان الأساسيتان الأخريان فلا يُحس بهما في الحياة اليومية لأن مداهما لا يتعدى

الأبعاد دون الذرية . أولى هاتين القوتين وتدعى النووية الشديدة مسؤولة عن ترابط

البروتونات والنترونات معا في نوى الذرات ، وهذه القوى تتلاشى تماما بعد مسافة من

رتبة 10^-15 (10 أس سالب 15 ) مترا وقصر مداها يميزها تمييزا حادا عن القوتين ،

الثقالية والكهرطيسية وليست البروتونات والنترونات وحدها هي التي تحس بالقوة

الشديدة ، بل الهدرونات كلها . لكن اللبتونات لا تشعر بها .


إن شكل القوة بين الهدرونات معقد جدا ، لأن كل الهدرونات ليست جسيمات أولية (

عنصرية) بل مجموعات كواركات وأن القوة بين الكواركات هي التفاعل الأساسي . وهذه

القوة تشبه ، في جوهرها ، القوة الكهرطيسيةرغم أنها أشد منها بكثير . وهذا

التعقيد ناشئ عن أن القوة الشديدة بخلاف القوة الكهرطيسية التي هي بين جسيمين

مسؤولة عن تماسك ثلاثة كواركات معا في الباريونات . وهذا يتطلب معالجة أكثر تعقيدا

لمفهوم الشحنة . فبدلا من النوع الواحد للتفاعل بين الشحنات الكهربائية يوجد هنا

ثلاثة أنواع من الشحنات من أجل القوة الشديدة .وهذه المنابع المعروفة باسم الألوان

أعطيت الألقاب الاعتباطية حمراء ، خضراء ، زرقاء .


أما آخر القوى الإأساسية الأربع فمعروفة باسم الضعيفة. إنها تؤثر في الكواركات

واللبتونات جميعا ، وبشده أضعف من الكهرطيسية، لكنها أشد بكثير من الثقالة .
وتتجلى القوة الضعيفة رئيسيا من خلال تدخلها في التحولات الجسيمية أكثر من ظهورها

كقوة جاذبة أو دافعه مباشرة .
لقد طُرحت هذه القوة في البدء لتفيبر التفكك البيتاوي وهو ضرب من النشاط الإشعاعي

تبديه بعض النوى الذرية القلقة . ونموذج هذا النشاط تحول النترون إلى بروتون

وإلكترون ونترينو مضاد . وهذه العملية التي تقودها القوة الضعيفة تتمثل بتغير

نكهة الكوارك ففي حال النترون مثلا يتحول أحد كواركية السفليين إلى كوارك علوي .

والقوة الشعيفة قادرة على تغيير نكهة الكواركات واللبتونات كليهما . ففي حالة

اللبتونات يمكن للإلكترون أن يتحول إلى نترينو وهكذا !

لا تخضع النترينوهات إلا للقوة الضعيفة ( بالإضافة إلى الثقاله طبعا ) وعلى هذا فهي

زاهدة جدا في التفاعل ، ومعروف أن النترينو يستطيع أن يقطع عدة سنين ضوئية في

رصاص صلب قبل أن يتوقف ، ومع ذلك يمكن اصطياد نترينوهات كثيره من الاندفاعات

الغزيرة التي تصدر عن الكوارث التي تطرأ على النجوم وهي في النزع الأخير قبل الموت

.
ففي كل واحدة من مجرات هذا الكون ينفجر نجم كل بضعة عقود من السنين فيما يعرف

بمستعر فائق ( السوبرنوفا) وفي القرون الماضية شهد سكان الأرض عدة انفجارات من هذا

القبيل وقد رئي آخرها سديم ماجلان ( وهي مجرة صغيره قريبه منا ) في ربيع عام 1987

وكان واضحا من الأرض .

يبدأ المستعر الفائق بارتصاص انهياري مفاجئ سريع لقلب النجم تحت وطأة ثقله . وفي

أثناء الإنفجار نحو الداخل تنشأ نفثة غزيرة من النترينوهات وتكون كثافة المادة

النجمية هائلة لدرجة أن هذه الجسيمات - مع أنها شبحية - تستطيع التأثير بشده تكفي

لنسف غلاف النجم الخارجي للفضاء ، مولدة بذلك طبقة متوسعه من الغاز المضيء ن وفي

أكثر الأرصاد إثارة في العقد الأخير تم اكتشاف نفثة نترينوهات المستعر الفائق

المذكر عند سطح الأرض قبل ظهور نوره ببضع ساعات .


إن مدى القوة الضعيفة قصير لدرجة بالغة . فعندما اتضحت هذه القوة أول مرة كان

المظنون أن التفاعلات شبه نقطية لكن المعروف اليوم ان مداها لا يتعدى قرابة 10^-17

(10 اس سالب 17 ) .


( بتصرف )

المصدر كتاب : الأوتار الفائقة نظرية لكل شيء .
إعداد : بول ديفيس - جوليان براون .
ترجمه : د. أدهم السمان .
رد مع اقتباس