ملتقى الفيزيائيين العرب - عرض مشاركة واحدة - قصة المشروع النووي المصري يرويها مستشار الرئيس عبد الناصر
عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 12-06-2006, 15:29
الصورة الرمزية aymanabdeen
aymanabdeen
غير متواجد
فيزيائي جـديد
 
تاريخ التسجيل: Jun 2006
المشاركات: 2
افتراضي مشاركة: قصة المشروع النووي المصري يرويها مستشار الرئيس عبد الناصر

* ما أول مبادرة جادة لإقامة مشروع نووي بمصر؟

** كانت أول مبادرةٍ للواء صلاح هدايت الذي كان يرأس هيئة الطاقة الذرية في هذا الوقتِ من عام 1964م، 1965م؛ وذلك عندما أرسل لي وكنت رئيس قسم الهندسة النووية، أنا أمام عقدين من أكبر الشركات العالمية (وكان في ذلك الوقت لا يوجد قيود فكانت فقط منافسة اقتصادية بين الشركات الغربية في إقامة المحطات النووية)، العرض الأول محطة 150 ميجا وات، وقرَّرنا أن ننشئها في الضبعةِ باليورانيوم المخصب، لتدريب الفنيين فقط، ولا تخدم في أغراضِ السلاح النووي بطريقة سريعة، وكان ثمنها 150 مليون دولار، عندما كان الدولار بحوالي 70 قرشًا تقريبًا، والعرض الثاني محطة 30 ميجا وات باليورانيوم الطبيعي، تستخدم لأغراضٍ كثيرةٍ مثل تحلية مياه البحر وإنتاج الكهرباء، وهذه كانت المحطة رقم 1؛ لأنها هي التي تخدمني في الحصول على وقودٍ محترقٍ من اليورانيوم الطبيعي في المفاعل لاستخراج البولوتنيوم الذي كان في ذلك الوقت أكفأ مادة للسلاح النووي، وكان سعرها 30 مليون دولار فقط، وكان هذا العرض إنجازًا كبيرًا جدًّا وبسعر ضئيل جدًّا مقارنة باليوم.



وكانت هذه الشركة تتمنى ذلك بأقصى سرعة حتى لا تنافسها شركة أخرى، وجاء هنا دور أعضاء التنظيم السري والطليعي والانتهازيين الموجودين بهيئة الطاقة الذرية، ودخلوا صراعًا مع اللواء صلاح هدايت، وقالوا: إن هذه المشروعات (لن تنفع) ولم يستطع عبد الناصر في ذلك الوقت اتخاذ القرار، وكان معذورًا لأنه لم يستطع أن يُصدِّق هدايت أم أعضاء التنظيم السري، وقام بتكليف كمال رفعت من (الضباط الأحرار) لبحث ذلك الموضوع لمعرفةِ مَن الصحيح ومَن الخطأ، إلا أن أعضاء التنظيم السري كانوا أغلبية على صلاح هدايت فأخذ كمال رفعت برأي الأغلبية، وتمَّ صرف النظر عن أول مبادرة جادة لإقامة المشروع النووي المصري، واستطاع هؤلاء الأفراد إبعاد صلاح هدايت عن رئاسةِ هيئة الطاقة الذرية، ومنذ ذلك الوقت انتهى دور هيئة الطاقة الذرية.


الزعيم الهندي نهرو




وفي مؤتمر عدم الانحياز في الخمسينيات قابل عبد الناصر (نهرو) (وفي ذلك الوقت كانت هناك الهند قد بدأت معنا المشروع النووي ووصلت بالفعل إلى نتيجة)، فقال نهرو لعبد الناصر أرسل لي علماءك النويين لأخذ أي خبرة أو معلومات من عندنا، فأرسل عبدالناصر لهيئة الطاقة الذرية خطابًا بذلك فأرسلت الهيئة أربع من "البهوات" أعضاء التنظيم السري (عناصر القمع)، وذهبوا دون مشروع مدروس مستمعين فقط (صم بكم لا يتكلمون)، وليس لديهم أي أسئلة مجهزة، ثم عادوا بخفي حنين، فعبد الناصر قال آنذاك إذا كان علماؤنا كذلك فماذا نفعل؟!



القوى المضادة

* هل لو تمَّ إرسال علماء مخلصين لنهرو كانت مصر بالفعل وصلت إلى المشروع النووي الحقيقي؟

** نعم كنا وصلنا له بالفعل خاصةً عبد القادر أيوب وصلاح هدايت وغيرهم من هؤلاء العلماء المخلصين الوطنيين، إلا أن عبد الناصر لم يكن يثق فينا، ومن هنا بدأ نادي أعضاء هيئة التدريس أول صراع ضد ديكتاتورية النظام، وأسمانا عبد الناصر في خطاباته بالقوة المضادة.



* عندما أنشأت قسم الهندسة النووية هل كان هناك خبرات بين الأساتذة لتدريس الطاقة النووية؟

** عندما أنشأت القسم ذهبت إلى لبيب شقير- وكان في ذلك الوقت وزير التعليم العالي- فقال لي: أنا سمعت عنك كثيرًا يا عصمت، وأنت (عامل لي صداع في دماغي، وكان نفسي أشوفك من زمان) فقلت له: أنا أنشأت القسم، ويوجد عندي تلامذة بالفرقة الثانية، ولا يوجد أستاذ مؤهل ليدرس لسنة ثالثة ورابعة، فماذا أفعل، فقال لي وماذا تريد، فقلت له: لي طلبان:

الأول بصفتك وزير التعليم العالي وقيادة سياسية بارزة وأنت المسئول الأول عن الطاقة الذرية كوزير، فأعطِ أوامرَ بأن تكون معامل ومكتبة الطاقة الذرية تحت تصرف قسم الهندسة النووية كاملة، فقال لي من الغد اعتبر معامل وإمكانات الهيئة تحت أمر القسم.



أما الطلب الثاني: بما أنه لا يوجد أساتذة للتدريس فسوف أجمع أساتذة من الشباب المتميزين وأوزع عليهم الكتب والمقررات لدراستها ثم تدريسها في العام القادم للطلبة.



ولكي أشتري هذه الكتب أحتاج إلى عشرة آلاف دولار، فنادى شقير لمحمد صديق وكيل الوزارة وقال له حوِّل للدكتور عصمت شيكًا بعشرة آلاف دولار، وكان يتقدَّم لي 700 طالب للهندسة النووية أختار منهم 30 أو 35 فقط، جميعهم امتياز وجيد جدًّا مع مرتبة الشرف، وهم الآن رؤساء لأعلى مناصب التكنولوجيا النووية في الولايات المتحدة، وهم تخرجوا عام 1967م، ومن هذه الدفعة الدكتور عبد العزيز عبده المشرف على أكبر مشروع للاندماج النووي على مستوى العالم الذي ينتج من ماء البحر طاقة نووية اندماجية، وهذا المشروع يشترك فيه أمريكا وإنجلترا وإيطاليا وفرنسا واليابان، ولا تستطيع كل دولة القيام به على حدة، ومثَّله 32 عالمًا على هذا المستوى، منهم العالم محمد الصوان الذي حصل على أفضل جائزة في الأبحاث النووية على مستوى الجامعات الأمريكية، والدكتور أحمد أبو زهرة الذي قام بعمل دراسة لقسم الهندسة النووية لاستخراج اليورانيوم من الرمال السوداء من ساحل رشيد، وكانت أول دراسة تمهيدية بدائية لتحضير الوقود النووي في مصر، وأصبح محمد أبو زهرة من أكبر خبراء الوقود النووي في العالم.



* لماذا لم يتم الاستفادة من خريجي هذه الدفعة؟

** بعد تخريج هذه الدفعة جاءت حرب 1967م وبعدها يئس عبد الناصر وعرف أنه لن يُسمح أن تقوم بمصر دولة مستقلة لها إرادة.



وكانت ضربة قاضية لمصر تعاني منها حتى الآن؛ فعبد الناصر يئس والسادات استسلم ومبارك باع، وكل مَن تخرَّج من قسم الهندسة النووية هم الآن من أكبر العلماء النووين على مستوى العالم.



أمل النووي

* بعد كل ذلك هل هناك أمل في قنبلة عربية مشتركة؟


الرئيس الراحل محمد أنور السادات


** السادات أنشأ الوزارة الاتحادية باتحاد الجمهوريات العربية مصر وسوريا وليبيا، وكان في ذلك الوقت صلاح هدايت هو وزيرَ البحث العلمي في هذه الوزارة، وعملتُ مع صلاح هدايت على استثمار إمكانات هذه الوزارة في عمل مشروع السلاح النووي، والقذافي كان يريد عمل مشروع نووي، ولديه الإمكانات المادية، لكن ليس لديه أي كوادر أو خبرة، وطلب منا كثيرًا عمل مشروع نووي في مصر بإمداد مادي من ليبيا وإمداد علمي من مصر من خلال الوزارة الاتحادية.



وفكَّرنا في عمل محطة نووية لزيادة ملوحة الماء واستخراج طاقة منها واستخدامها في مجالات مختلفة، وفعلاً الليبيون أعطونا كل الدعم المطلوب إلا أن عناصر القمع القديمة أجهضت المشروع، ليس لتعطيله؛ ولكن لأنهم لن يكونوا في الصورة، فذهب الليبيون لتمويل المشروع الباكستاني، ونجح المشروع، وأرى أن إفشال هذا المشروع خيانة عظمى لمصر.



* هل تستطيع مصر إحياء مشروعها النووي الآن؟

** مرفوض تمامًا لدى كل دول العالم أن يوجد في مصر مبادئ التكنولوجيا النووية إلا في الاستخدامات الطبية والزراعية وفقط، وأي نشاط نووي في مصر ما هو إلا تطبيقات بدائية لا ترتقي إلى مشروعات الهندسة النووية الحقيقية، وأكثر من ذلك ليس هناك أي دولة عربية مسموح لها بذلك أيضًا.



نووي إيران

* ما تقييمك للتجربة النووية الإيرانية؟


معمل تابع للمفاعل النووي الإيراني


** إيران قامت بعملية مهمة جدًّا، وهي تخطط لمشروعها النووي الممتد الذي لا يقتصر على محطة أو اثنتين فقط، ليكون بديلاً لمصادرِ الطاقة التقليدية، والمعلومات تؤكد أن إيران نجحت في الحصول على اليورانيوم الطبيعي الخام 338 الذي يوجد به شوائب رفيعة جدًّا يورانيوم 235، وهذا هو الأساس في صناعة السلاح النووي، ولكن هذا يحتاج إلى آلاف من الخلايا ومدة طويلة جدًّا، والوكالة الدولية للطاقة الذرية ليست متأكدةً من هذه المعلومات، والإيرانيون غامضون في هذه النقطة، ومن المعلومات التي نحصل عليها في تصوري أن إيران أمامها فترة لتصنيع السلاح النووي، وهناك تقريرٌ أكد أن إيران تبني سردابًا طويلاً تحت الأرض، والسرداب يكون بتجريب القنبلة النووية, إذا كان ذلك مؤكدًا بالفعل فإما أن تكون إيران أوشكت على الوصول للقنبلة النووية، وإما أن يكون ذلك مجرد تهويش.



* بالنسبة للعالم العربي.. أيهما يمثِّل خطورةً عليه: القنبلة النووية الإيرانية أم القنبلة الصهيونية؟

** أمامك شيئان.. إما أن يكون الكيان الصهيوني أقوى دولة أو إيران أقوى دولة، لو استطاعت إيران صدَّ الصهاينة وأمريكا فلا خوف من إيران، وإذا خوفتني من إيران فلمَن تُسلمني.



* أليست إيران لها طموحات دولية وإقليمية؟

** جائز أن إيران لها طموح، لكن لماذا لا يكون هناك تفاهمٌ وتعاونٌ بين العرب وإيران، فنحن نحتاج إلى إيران، وإيران تحتاج إلينا، فنحن لدينا الأسواق والخبرات، وإيران عندها الأسلحة المتطورة.



* ألا ترى أن القنبلة النووية الإيرانية ستهدِّد المنطقة العربية؟

** التخوف من إيران يعتبر بمثابة تطرف في التشاؤم، وإيران عندي أسلم من الصهاينة، ولا أظن أن إيران ستهددني بالقنبلة الذرية لأن هذا عبث، وأتوقع أن إيران ستستخدم القنبلة النووية لأغراض توسعية فقط، واستخدامها كسيطرة سياسية ليس واردًا وإنما هو بمثابة سلاح ردع لحمايتها.



* وما رأيك في قنبلة عربية مشتركة؟ وما الدول العربية المرشحة لدخول النادي النووي؟

** هناك حاجة ملحة لوجود قنبلة عربية، وهناك محاولات منذ ثلاثين سنة لعمل ذلك، ولكنها لن توجد، ولا توجد على الإطلاق أي دولة عربية مرشحة للوصول للسلاح النووي.



* وما رأيك في الخبرات المصرية حاليًا؟

** التكنولوجيا والمشروعات النووية أساسها الهندسة النووية، لكنها تحتاج للإلكترونيات وميكانيكا وكيمياء ومختلف التخصصات، وإن كانت الجامعات قد خربت الآن وتراجعت، إلا أن مصر تستطيع أن تستردَّ نفسها خلال خمس سنوات، وهذه ليست مشكلة، أما الخبرات النووية الأصلية (منهاج الطاقة الذرية) فهي محدودة جدًّا، وكل الكوادر والخبرات هاجرت إلى الخارج.



* هل يمكن تجميع هذه الكوادر للاستفادة منها في الوصول للقنبلة النووية؟

** أنا أستطيع في ظرف سنة أن أجمع 250 عالمًا من الكوادر والخبرات المقيمة في الخارج؛ لأن هؤلاء تلامذتي من خريجي قسم الهندسة النووية دفعة 1967م، وأعرفهم جيدًا، وأعرف أن لديهم حسًّا وطنيًّا متميزًا، وهؤلاء على أعلى مستوى من الخبرة العالمية، ولكن بشرط التحرر السياسي وتوفير غطاء أمني من القيادة السياسية لحمايتهم، لأنه لو توفرت الإرادة السياسية وتم تجميع العلماء سيبقى الصراع مع المخابرات الأمريكية التي إن علمت بذلك ستقتلهم، وهي تعرفهم بالاسم.



* هل يعني ذلك أن مصر لا يمكن أن تصل لإنتاج السلاح النووي؟

** بهذه المقاييس لا يمكن.

انتهى المقال
رد مع اقتباس