علم الحرارة
استقطبت ظاهرة الحرارة اهتمام العلماء وتجلى هذا الاهتمام بشكل مكثف مع بدء الحركة العلمية التجريبية في أوروبا في القرن السابع عشر الميلادي ، وأول من سعى إلى تصنيف الحرارة ككمية فيزيائية هو الطبيب الاسكتلندي جيمس بلاك الذي ظن أن الحرارة عبارة عن سائل ينتشر في كل الأجسام المادية ووفقاَ لهذا التصور فإن الأجسام الحارة تحتوي على كمية كبيرة من هذا السائل الذي أطلق عليه اسم (كالوريك) وبالرغم من أن كل القياسات فشلت في إيجاد وزن هذا السائل الحراري إلا أن هذه النظرية هيمنت لفترة طويلة من الزمن .
وكان لأحد المغامرين الأمريكان ويدعى رومفورد دور هام في تهديد نظرية السائل الحراري وإبعادها عن الساحة العلمية وذلك في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي حيث قادته بعض الملاحظات أثناء إشرافه على صناعة المدافع إلى الاهتمام بظاهرة الحرارة، فقد لاحظ أن عملية خرط مواسير المدافع تولد كمية هائلة من الحرارة تكفي لغليان حجم من الماء موضوع في تجويف المعدن ، كما لاحظ أن بإمكانه بهذه الطريقة أن يولد كمية مستمرة من الحرارة طالما كان المثقب مستمراَ في الدوران ومحتكاَ بالمعدن . هذا الأمر جعل رومفورد يتساءل "هل من المعقول أن سائل الكالوريك الموجود في المعدن لا ينفد أبداَ ؟" وفي هذا الشأن كتب رومفورد ( ما هي الحرارة ؟ إنها لا يمكن أن تكون شيئاَ مادياَ،إنه من الصعب علي إن لم يكن من المستحيل أن أتخيل كون الحرارة أي شيء سوى ذلك الشيء الذي تم تزويده باستمرار أثناء هذه التجربة ، وأدى إلى ظهور الحرارة وذلك الشيء هو الحركة ) .
وهكذا اتضح رومفورد أن هناك علاقة مباشرة بين حركة المثقب وبين الحرارة المتولدة في المعدن وصرح بإمكانية تحويل الطاقة الميكانيكية إلى طاقة حرارية واقترح أن الحرارة نوع من أنواع الطاقة الحركية وأنها ليست إلا حركة الجزيئات داخل المعدن فالمثقب ينقل
الحركة إلى جزيئات المعدن بواسطة قوى الاحتكاك وكلما زادت الحركة زادت
الحرارة .
ثم قام العالم جيمس جول بإكمال جهود رومفورد فقاس الحرارة المتولدة في
الماء والزئبق عند تحريك بعض العجلات المغمورة في كل منهما كما تمكن
من تحديد قيمة المكافئ الميكانيكي الحراري الذي سمي بمكافئ جول .