وهي تتحدث عن نوعين من وحدات بناء المادة أحدهما " مُكَوْكب يدور "
كالكواكب السيارة ، والثاني " مركز للمراكز " يدور الأول حوله . كما
تتحدث هذه الأبيات عن التعاكس في الشحنة ولكنها تستعمل " العالي "
و " السافل " بدل " الموجب " و " السالب " .
ومهما يكن من أمر ، فإن هذا التشابه في البنية الذي يكاد لا يصدق ،
بين المجموعة الشمسية اللامتناهية في الكبر وبين الذرة اللامتناهية
في الصغر يجعلنا نغرق في التأملبالجوهر الواحد الهذا العالم .
فا لمادة في حالتيها الحية وغير الحية مكونة من ذرات تتحد فيما بينها
وفق علاقات معقدة لتشكل الجُزيئات المختلفة ،
وتنتج من اتحاد الوحدات الأساسية كل الأشياء المحيطة بنا .
ونجد أيضا عند دراسة الأشياء اللامتناهية في الكبر كالنجوم والمجرات
والقبة السماوية نفس النموذج من الذرات مما يشير إلى أن العالم بجموعه
يخضع إلى قوانين الجذب والدفع والطاقة أو المغناطيسية الثابتة والمحددة .
إن أقرب المفاهيم إلى الواقع عن بنية الذرة قد أتى من الفيزياء النووية ،
وهو يعود بصورة موجزة إلى نموذج رذرفورد المدرسي ، حيث تُعْتَبَر الالكترونات
ظاهرة من ظواهر الطاقة كالضوء . وتتميز هذه الالكترونات بأربعة من أعداد
الكُمُوم نستطيع بواسطتها تحديد المكان الذي يُحتمل أن يوجد فيه الإلكترون
في أية لحظة ، في تلك المناطق المحيطة بالنواة والتي تسمى بالمدارات .
وقد يحسن بنا أن نحتفظ بتعبير " المدار " للحديث عن مسار محدد معروف
معين كالذي نراه في مدارات الكواكب السيارة . أما عندما نتحدث عن
الالكترونات فمن الخير أن نتحدث عن " محار " " تحور " فيه الالكترونات
وتدور ، " ويَحَار " الباحث في تحديد مكانها بالضبط ، أو فلنقل " حومة "
تحوم فيها الالكترونات حول النواة طالما أن كل ما نستطيع أن نفعله هو أن
نحدد غيمة أو سحابة من النقاط التي يُحتمل أن يمر بها الإلكترون لا يتعداها .
على أننا سنجد في كل مَحَار أَو حَوْمَة عدداً من الحُوَيْمات ،
تحتوي كلُّ حُوَيْمة منها على إلكترون واحد أو اثنين .
ويعتمد على هذه الحقيقة نشاط الذرة وفعاليتها . فالحُوَيمة أو المدار
الذي يشغله إلكترون واحد فقط ، هو الذي يستطيع تشكيل رباط أو رابطة
مع مدارات حرة جزئياً تخص ذرات أخرى . وبينما تكون المدارات الداخلية
المشغولة بإلكترونين ثابتة دائما ، نجد أن المدارات الخارجية التي فيها شواغر
ملائمة لتشكيل الروابط .
يـتبـع ......