أولا : كلمة ( جسد ) لقد وردت هذه الكلمة في أربعة مواطن :
الموطن الأول والثاني: في وصف العجل [ التمثال ] الذي صنعه ( السامري ) من الذهب لبني إسرائيل ودعاهم إلى عبادته مستغلا غيبة نبي الله موسى – عليه السلام –
قال تعالى : {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكَانُواْ ظَالِمِينَ} (148) سورة الأعراف
وقال أيضا : {فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ} (88) سورة طـه
الموطن الثالث : في سورة الأنبياء قال تعالى : { وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَّا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ} (8) سورة الأنبياء
فهذه الآية رد على مشركي مكة لما أنكروا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم – مشيه في الأسواق وأكله الطعام فبين الله أنه ليس بِدعا من الرسل حيث لم يجعلهم الله أجسادا هامدة لا روح فيها بل هم رجال أحياء ذوي أجسام متحركة .
الموطن الرابع والأخير: قول الله تعالى : {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ} (34) سورة ص
فالآية تتحدث هنا عن جسد ألقي على كرسي سليمان – عليه السلام – لا روح فيه ميتا كان أو غير كامل الخلقة .
هذا وقد فصَّـل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قصة المولود الجسد الميْت ...
فقد روى البخاري عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ : لأطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى سَبْعِينَ امْرَأَةً تَحْمِلُ كُلُّ امْرَأَةٍ فَارِسًا يُجَاهِدُ في سَبِيلِ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَلَمْ يَقُلْ وَلَمْ تَحْمِلْ شَيْئًا إِلَّا وَاحِدًا سَاقِطًا أَحَدُ شِقَّيْهِ فَقَالَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ قَالَهَا لَجَاهَدُوا في سَبِيلِ اللَّهِ .
هذه هي المواضع الأربعة التي ذكرتها وليس لها في القرآن خامس التي استعمل القرآن فيها كلمة ( جسد ) ومراده منها الهياكل التي لا روح فيها... فهي صفة للجماد وللميْت ونُـفِـيَـت عن الأنبياء الأحياء المتحركين .
ولا يفوتني أن أنبه على كلمة (بدن ) والتي أطلقها الله على فرعون عقيب موته قال تعالى : {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ ...} (92) سورة يونس
ثانيا : كلمة ( جـسـم ) ولم ترد في القرآن إلا مرتين :
الأولى :عند الحديث عن نبي الله ( طالوت ) ملك بني إسرائيل في قول الله تعالى : {.... قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (247) سورة البقرة
والثانية عند الحديث عن المنافقين في عصر النبوة في قول الله تعالى : {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ ...} (4) سورة المنافقون
والملاحظ : أن الآيتان تتحدثان عن الأحياء فطالوت ملك حي ، والمنافقون أحياء يتكلمون .
وخلاصة القول : أن الجسد يطلق على كل هيكل لا روح فيه أو على بدن الإنسان بعد وفاته وخروج روحه .
والجسم يطلق على البدن الذي فيه حياة وروح وحـــركة .
فسبحان مَن هذا كلامه !!!!