قال الله -جل وعلا- في كتابه العظيم في سورة طه: قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى* وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (123-124)سورة طـه.
قال ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- في الآية, تكفل الله لمن اتبع هدى الله أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة, والمعنى أن من اتبع الهدى واستقام على الحق الذي بعث الله به نبيه محمد -عليه الصلاة والسلام- فإنه لا يضل في الدنيا بل يكون مهتدياً مستقيماً ولا يشقى الآخرة بل له الجنة والكرامة, وهدى الله هو ما دل عليه كتابه العظيم –القرآن- وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- من فعل الأوامر وترك النواهي وتصديق الأخبار التي أخبر الله بها ورسوله، والإقامة عند حدود الله وعدم تجاوزها. هذا هو الهدى، فاتباع الهدى هو تصديق الأخبار وطاعة الأوامر وترك النواهي والوقوف عند حدود الله، فلا يتعدَّ ما حد الله له ولا يقع في محارم الله -عز وجل- فمن استقام على هذا طاعةً لله وإخلاصاً له ومحبة له وتعظيماً له وإيماناً به وبرسله فإنه لا يضل في الدنيا بل هو على الهدى, ولا يشقى في الآخرة بل هو سعيد في الدنيا والآخرة، ومن أعرض عن ذكر الله يعني عن كتابه وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- ولم يتبع الهدى فإن له معيشة ضنكاً, والله -جل وعلا- يبتليه بالمعيشة الضنك وهي ما يقع في قلبه من القلق والضيق والحرج ولو أوتي الدنيا كلها فإن ما يقع في قلبه من الضيق والحرج والشك والريب هو العيشة الضنك, وهذا من العقاب المعجل وله يوم القيامة العذاب الأليم في دار الهوان في دار الجحيم, ومع هذا يحشره الله أعمى يوم القيامة, فعلى العبد أن يحذر معصية الله وأن ينقاد لشرع الله وأن يستقيم على هداه الذي جاء به كتابه الكريم وسنة رسوله الأمين وأن يستقيم على الحق أينما كان فهذا هو اتباع الهدى والله سبحانه هو الموفق لعباده, فعلى المسلم والمسلمة أن يتضرع إلى الله, كل مؤمن ومؤمنة يضرع إلى الله يسأله سبحانه التوفيق والهداية يجتهد في التفقه في الدين والتعلم والتبصر فيتدبر كتاب الله ويكثر من تلاوته حتى يستقيم على الأوامر وينتهي عن النواهي وحتى يصدق أخبار الله عما كان وما يكون وهكذا يعتني بالسنة سنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- حفظاً ودراسة ومذاكرة مع العلماء وطلبة العلم حتى يستقيم على الحق، ويسأل عما أشكل عليه, فالذي لا يعلم يسأل أهل العلم ويتبصر ويتفقه حتى يستقيم على هدى وحتى يكون سيره إلى الله عن علم بما قاله الله ورسوله إما بطلبه العلم واجتهاده في الخير وإما بسؤاله أهل العلم