الحمد لله الذي رفع شأن العلم والعلماء فقال:
(هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون).
الحمد لله الذي جعل في الناس بقية تدل على الخير وترشد إليه.
وأشهدُ ألا إله إلا الله شهادة تنجي صاحبها من المهلكات، وتوصله إلى أعلى الدرجات وتبوئه الجنات
يا رب حمداً ليس غيرك يحمدُ = يا من له كلُّ الخلائقِ تصمدُ
أبوابُ كلِّ ملك ٍقد أُ وصِدَت = ورأيتُ بابك واسعاً لا يُوصدُ
وأشهدُ أن محمدا ًعبده ورسوله صلى الله عليه وسلم خير الأنام ومعلم الإنس والجان والمرسل إليهم بأكمل بيان
صلّى عَليك اللهُ يا علم الهدى = واستبشرت بقدومك الأيام
هتفت لك الأرواحُ من أشواقها = وازَّيَّنت بحديثك الأقلامُ
ورضي الله عن آله الكرام وأصحابه مصابيح الدجى في الظلام ومن تبعهم بإحسانٍ بلا توانٍ وإمهال.
أما بعد:
أيها المسلم:
فهذه رسالة من طالب أُرسلها.
فعلى ماذا تدور؟ وعن ماذا تتحدث؟ ولمن وجهت إليه يا ترى؟؟؟ ؛؛؛
فهل هي من رسائل الحب والغرام التي بدأت تعج بها الساحة؟ أم رسالة تطلب مصلحة من مصالح الدنيا؟، فإذا بالجواب يقول: لا.
أم هي رسالة من ولدٍ لوالده؟، أم موجهة لمسؤول؟ فإذا بالجواب: لا.
إذن ما هو خبرها؟ وما سبب إرسالها؟.
وإذ بالرسالة قد خرجت من قلب هذا الطالب إلى من كان سبباً في سعادته الحقيقية بعد الله تعالى بنماء عقله وتفتح ذهنه وزيادة علمه. رسالة إلى من عايش معه شطراً َمن حياته، فاقتبس فيها هدياً من هديه وسمتاً من سمته واقتفى أثراً من أثره، رسالة لمن كان سبباً بعد اللهً في علمه وتعلمه، من كان يمضي معه ما يقرب من ست(6) ساعات فلا تفارق عينه عينه ولاهيئته خياله.......
أو تراك قد عرفت المرسل إليه؟ إنها رسالة من طالبٍ قد تخرََّج وأنهى مرحلة التعليم وانتقل إلى مرحلة أخرى، أرسلها وفاءً وشكراً إلى ذلك المعلم الكريم المبارك. الذي طالما سكب دم روحه من أجل تعليمه حيث قال كاتبها...
(بسم الله الرحمن الرحيم)
أستاذي الكريم ومعلمي الفاضل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد: فهذه رسالة من قلبٍ طالما غرست فيه بعض غراسك وزرعت فيه بعض زرعك، فرويته بمعالم فضلك ووهبته جميل هباتك
أستا ذي ومعلمي: كم كنتُ أغبطك على هذه المهنة العظيمة ذات الشرف في الدنيا والآخرة، كيف لا وهي مهنة الأنبياء وطريق المرسلين، ولقد كنتُ أتأمل قوله تعالى (هل يستوي الذين يعلمون والذين لايعلمون). فقلتُ في نفسي هنيئاً لك هذا الفضل.
فإذا جاء الناس يوم القيامة بالشاة والبعير والعمارات والعقارات والأموال والمراكب الفارهة التي جمعوها في الدنيا جئت أنت تحمل معك البقرة وآل عمران وأُناساً اهتدوا بهديك وتعلموا من علمك ونهلوا من فضلك قد نورت بصائرهم ونفيت عنهم الجهالات وأبعدتهم عن الفضلات. فكم حاربت إبليس وأبعدت طلابك عن التلبيس وخشيت عليهم من أن يكونوا مفاليس وبشراك
بشراك بحديث رسولك ومصطفاك، حيث قال:
(إن الله وملائكته، حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت في البحر، ليصلون على معلم الناس الخير).
رواه الطبراني في الكبير والضياء عن أبي أُمامة وصححه الألباني في صحيح الجامع.
وأحسبك أنك منهم إن شاء الله تعالى بصدق نيتك وإخلاصك لله تعالى.
معلمي الفاضل: إنك من المجاهدين بكل حقٍ وحقيقة فأنت على ثغرة من ثغور المسلمين فلئن كان المجاهد في ثغور البلاد يحميها من تسلط العابثين،
ودخول المعتدين الذين يُزعِزعون أمنها ويولدون الرعب لها فأنت من أعظم المجاهدين فمن يحمي العقول من عبث العابثين ولوث العلمانيين وتحريف الغالين وينفي شُبه الزائغين.....
إنه أنت يا أستاذي الكريم فالقرآن أمامك والتوحيد سلاحك والتفسير بيانك والفقه إمامك
والتاريخ سندك والجغرافيا دليلك و الإنجليزي رموزك وألغازك وأساس كشف أسرار أعدائك و الجيولوجيا وعلم الأرض فهما مجال تطبيق علمك والرياضة قوتك ونشاطك
والمؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف.
والفيزياء والكيمياء هما مصدر الابتكار والاختراع من أجل القوة والغلبة
ولا أنسى الرياضيات منمية العقول و الفهوم والإدراك إذ لا حراك إلا بوقود
وهي وقودٌ للعقول العاملة والأفهام الثاقبة وقبل الختام
فالحاسوب هو جهاز التكنولوجيا والذي أصبحت ترى العالم كله من خلاله وتخاطب من شئت بواسطته......
أيها المجاهد: استمع لكتاب الله تعالى وهو يخبر عنك
(ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيراً فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهاداً كبير).
أستاذي الكريم معلمي الفاضل:
لإن افتخر المهندس برونق إنشائه وجمال إبداعه. وبرز الطبيب بفرط ذكائه وخفة أدائه لأعماله وارتفاع صيته وشهرته وازدحم الناس على عيادته، وظهر المخترع والمبتكر بجمال ابتكاره وذاع صيته في كل أرجاء بلاده،
فلا أنسى ذخيرتك العظمى التي تدر عليك الحسنات مدراراً وتسجلها في ميزانك بلا عدٍ ولاحسبان، ذلك العالم الرباني وطالب العلم الهمام الذي قصد المصادر الربانية
و المنح الإلهية فحفظها وقام للناس موجهاً وللجهال معلماً وللمتعلمين معضداً
فقام بالحق وبه يعدل. وذاك الشاعر الفصيح، واللغوي الرصين الذي نافح برصانة كلماته
عن الإسلام وأثار حماس أهل الجهاد فكان بحقٍ حسانَ عصره وعليَ زمانه
ومهما أطلعنا الفلكي على بعض اكتشافاته وعظيم استنتاجاته ومهما اعتلى الطيار في السماء،
أو أجاد السباحة في الهواء والفضاء وتما يل بطيارته كتمايل طير الحمام بفرح الخروج مع ضوء النهار وبالغدو والإبكار.
وذالكم القائد العسكري الذي أخذ العهد على نفسه بحماية دينه ومليكه ووطنه سواء ً كان في البر أو البحر أو الجو.....
فيا استاذي: حُقًّ لك أن تفخر فهؤلاء ِكلهم وغيرهم كثير ٌو كثير بعض نتاجك
(قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خيرٌ مما يجمعون).
فلئن تقاعد أي موظف عن عمله وانقطعت عنه تبعاته ونسي متطلباته واندثرت في الغالب بعض صلاته... فلا تنقطع صلاتك ولا تنتهي سنوات خدمتك فالكل لاينسى فضلك وإبداعك، فأنت مربي الأجيال لتعمر الديار وينتشر الأمان بسبب انتشار العلم وسعة الفهم وقوة البيان.....
أستاذي الكريم:
طالما طاردتُ الذكريات كلما تجاوزت مرحلة من المراحل لا تنسى فقد عشت معك سنوات الابتدائية الجميلة وغمرتني فيها بعطفك وحنانك وحظك لي على التعلم وأنت تكرر أول ما أرسل الله به رسوله صلى الله عليه وسلم قال له:
(اقرأ بسم ربك الذي خلق () خلق الإنسان من علق *اقرأ وربك الأكرم*الذي علم بالقلم *).
فنميت في قلبي حب التعليم وغرست فيه البر والمثابرة،
ولما انتقلتُ إلى المتوسطة كانت وسطاً لحياتي فحظيتُ بالتوجيه، خصوصاً أني في مستقبل فتوتي وشبابي
ولما انتقلت إلى الثانوية عرفتُ أن الحياة بلا علم ثانوية،
فتعلمتُ منك أنها بداية الانطلاق والاختراع وأنها بلا إبداع تصبح عذاباً
ولما انتقلتُ إلى الجامعة حظيتُ منك بكل معلومة جامعة بل ومانعة
فبارك الله في علمك يا أستاذي وكساك الله حلل الكرامة........
فأنت يا معلمي:
زاد الطريق في ظمأ العلم وفشو مرض الجهل وسياج الأمان في كثرة السباع وسوء الأفهام و الحصن الحصين بإذن رب العالمين عند انتشار الشياطين،
فالعلماء كواكبُ في السماء، فهم ورثة الأنبياء وسادة الشهداء تستغفر لهم حيتان الماء، وطيورالسماء،
وتدعو لهم النملة وتستغفر لهم النحلة......
هذا هو العلم لاطينٌ ولاحجرٌ = ولاخيلٌ ولاعيسٌ ولابقرٌ
هو النجاةُ هو الرضوانُ فاحظَ به = وما سوى العلم ِلاعينٌ ولاأثرُ
فيا أستاذي الكريم:
يا من حملت راية العلم سنين وسنين حُقَّ لك هذا الوسامُ من الملك العلام
(ومن يؤتَ الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً).
أستاذي ومعلمي:
يا من أكن له خالص شوقي واحترامي ولذلك خط له بناني،
لقد راجعتُ سجل الذكريات على مر المراحل والأعوام في تلك الليالي المظلمات
فحظيت ببعض الأمور التي هي والله لسعي طالب الكمال لا لتلمس العيوب في الحديث والمقال
وتصيد الأخطاء التي قد مضى بها غابر الزمان.
فيا أستاذي الكريم: لم أنسَ ذلك الأسلوب الجميل الذي تعوّدناه منك ألا وهو:
رحم الله امراً أهدى إليّ عيوبي
وطالما كُنتَ تُشنّف آذاننا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه مسلم عن أبي رُقية تميم بن أوس الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة، قال لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم).
فإذا كان أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالنصح لعامة المسلمين فكيف بمعلميها وناصحيها
فلا تنسَ يا أستاذي أن أسرتي أسلمت لك مضغتها ودما ًمن دمها
فاتقِ الله فيها صنها بالخوف من الله وعلمها مراقبته فبأخلاقك تتخلق وبسمتك تتسم
يتبع
v
v