لن تحب في الله حتى تحب الله !
{ والذين آمنوا أشد حباً لله }البقرة:165
كثيراً ما نسمع قول القائل : أحبتي في الله ،أو قوله إخوتي في الله. أو نسمع قول القائل : محبكم في الله فلان .
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول " أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله " ويقول صلى الله عليه وسلم : " ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان .. ( وذكر منهن ) أن تحب المرء لا تحبه إلا في الله " .
ولكن حب العباد في الله لا يأتي إلا بعد أن يمتلئ القلب بحب الله ذاته سبحانه .
فالنفس الإنسانية مجبولة على أن تحب المبدأ ثم تحب كل ما يتعلق به ، فالإنسان إذا أحب علماً من العلوم مثلاً أحب المنتسبين إليه ، وإذا أحب قبيلته مثلاً أحب من ينتسب إليها .
وإذا أحب المرء حركة قومية أو ثورية أو علمية مثلاً أحب من يدعوا إليها ، وهكذا في كل أمر إذا أحب المرء المبدأ أدى به إلى حب كل من ينتسب إليه ، وإذا كان حبه للمبدأ غير صادق فلن يحب فيه ولن يبغض فيه .
ولهذا إذا كان الانتساب للدين ضعيفاً ، والانتساب للقبيلة قوياً غلب حب القبيلة حب الدين ، فأحب المرء أفراد قبيلته وتعصب لهم ، ولو خالفوا أهل دينه وتلك العصبية هي الحالقة التي تحلق الدين كما ورد في الحديث.
ولا مجال لرسوخ محبة المرء لأهل دينه في الله إلا إذا أحب العبد الله حباً يقدمه على كل حب ، حباً يؤنس وحشته ويملأ حياته .
والعبد يعرف قلبه فإذا ملأ حب الله جوانح فؤاده ، وقدم حب الله على كل حب ، فحينها سيجد نفسه منساقة إلى حب كل ما يرضي الله وإلى حب كل من يطيع الله ، ولو كان من يطيع الله من أبعد الناس عنه .
وسيجد العبد إذا ملأ حب الله جوانح فؤاده أنه يبغض بشكل طبعي كل من يعصي الله ولو كان أقرب قريب ، بل لو كانت نفسه .
فإن المؤمن ينفر من نفسه إذا عصت الله ، وذلك أن المؤمن إذا ملأ حب الله جوانحه لا يحتمل أن يرى من يعصي ربه ولو كانت نفسه.
هذا هو الحب الحقيقي ..