يقول الله تعالى في سورة الكهف في سياق قصة موسى والخضر -عليهما السلام- على لسان الخضر :{ أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها }الكهف:79
ويقول في شأن الغلام :{ وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين } إلى أن يقول { فأردنا أن يبدلهما ربهما .... }الكهف:81
ويقول في شأن الجدار واليتيمين:{فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما} الكهف:82
إن القارئ لهذه الآيات يلحظ التنويع في التعبير في الآيات الثلاث ففي الأولى { فأردت}وفي الثانية { فأردنا} وفي الثالثة { فأراد ربك }
ولا شك أن لهذا سراً وحكمة فما الحكمة منه يا ترى ؟
ذكر العلماء أن سبب التنويع هنا هو أن الأمر المراد في الآية الأولى هو :عيب السفينة وهو وإن كان في مآله خيرا إلا أنه في ظاهره شر مكروه ؛ولذا ناسب أن يتلطف الخضر فينسب إرادته إلى نفسه وهذا من التأدب مع الله سبحانه .
وأما في الآية الثالثة في شأن الجدار فالأمر المراد خير ظاهر وهو بلوغ الأشد واستخراج الكنز ولذا نسبه إلى الله جل جلاله .
وأما في الآية الثانية في شأن الغلام فالأمر المراد وهو إبدال الغلام بخير منه يتضمن أمرين هما :1-إهلاك الغلام الأول الكافر 2- رزق الأبوين الصالحين خيراً منه .فالأمر الأول في ظاهره شر مكروه وإن كان مآله للخير والأمر الثاني أمر خير ولأن الإبدال يتضمن الأمرين نسبت الإرادة للطرفين ــ لله وللخضر .....
وهذا التنزيه لله عن نسبة الشر إليه أمر ملحوظ كما قال الله تعالى في سورة الجن على لسان الجن { وأنا لا ندري أشراً أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشداً }(سورة الجن:10) فنسبوا إرادة الرشد إلى الله ونزهوه عن نسبة الشر إليه ــ سبحانه وتعالى ــ فجعلوا الفعل في إرادة الشر للمجهول { أريد } مع أن الخير والشر من تقدير الله وإرادته الكونية .
من كتاب تأملات على ضفاف آيات .. لماجد الطريف .