ملتقى الفيزيائيين العرب - عرض مشاركة واحدة - الفائز بالمركز الثالث
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 20-09-2006, 18:39
الصورة الرمزية شادن ...
شادن ...
غير متواجد
فيزيائي مبدع
 
تاريخ التسجيل: Sep 2005
الدولة: السعودية
المشاركات: 438
افتراضي الفائز بالمركز الثالث

لطالما شدتني الكتب التي ترو ي تجارب إنسانية
وأنا حقيقة لا تعنيني مسألة ما جنسية صاحب التجربة أو دياناته أو ثقافته لأني لدي اعتقاد راسخ أن جذور الإنسانية ومعانيها جميعنا نحملها مهما اختلفت هذه القوالب
ولذلك لا يوجد ما يمنع ان نتعلم من بعضنا البعض
أحيانا أقرأ وأقول فعلا هذا ما أحسست به....... لكن الفرق انه استطاع تجسيد هذه الأحاسيس حتى تكاد ان تكون ملموسة
المهم ... كنت أقرأ القصة التالية والتي لا أخفيكم سرا أني كنت أقرائها وأنا اشعر بمنتهى الملل واصبر نفسي على إنهائها من باب ( نشوف وش آخرتها معاهم )
لكن حقيقة تفاجأت بالنهاية لآني لم أتصورها بهذا الجمال
أدعكم مع القصة- قبل ما تملون مني .......ولي تعليق أخير:

[align=center]الفائز بالمركز الثالث[/align]



كان الشاب مجهدا ولكنه كان مصرا خفض رأسه وأخذ يردد لنفسه مرة بعد مرة ( تستطيع ان تفعلها تستطيع ذلك تستطيع ان تنجح ))
هذه الكلمات التي رددها ليشجع نفسه ويطمئنها وجدت في نفس الوقت صدى في فلبه
اخذ يبحث عن خط النهاية وقال ليؤكد لنفسه (( إنه هناك في مكان ما ))
وكان حط النهاية بعيدا جدا ولكن قلب كريس بيرك كان متعلقا بالوصول إليه.
وبعد مجهود كبير وصل هو أيضا الى خط النهاية وعند وصوله كانت جموع الصحفيين والمصورين قد تجمعت بالفعل حول الشاب صاحب المركز الأول .
وأخذت الكاميرات تقترب وتصور والميكرفونات تمتد لتتلقف كلمات الفائز .
واتسعت ابتسامة كريس حتى لكأنها وصلت إلى أذنيه وانحنى الشاب بمنتهى الابتهاج
ووقف بفخر إلى جانب الفائز ولف ذراعه حول الشاب الذي في مثل عمره والذي لم يره قط في حياته .
وأخذ كريس ينتظر بصير ووجهه تنيره البهجة أن ينتهي المذيع لقاءه مع الفائز
وانتظر كريس بكل ما يستطيع من صبر وهو يعيش لحظة إثارة كبيرة من وجهة نظره - في حين أعيش أنا في هذه اللحظات قمة الملل من التفاصيل الكثيرة-
وعندما استدار المذيع أخيرا إلى الكاميرا ليلقي التعليق الأخير تقدم كريس ودفع إليه بيده ليصافحه ويتلقى منه التهنئة
وأخذ كريس يصيح وهو لا يستطيع ان يخفي حبوره : (( يا إلهي أنا فقط أريد أن أقول لكم إن المسابقة كانت مثيرة جدا وإنني سعيد جدا لأني حصلت على المركز الثالث ))
ولم يكن بوسع المذيع إلا أن يستجيب إلى هذا الرياضي الجذاب المتحمس الذي يريد أن يهنئه الناس هو أيضا
كان المذيع مأخوذا بالمفاجأة لكن الطبيعة الطيبة جعلته يقول (( نعم .... أخبرنا عن شعورك ))
فقال كريس (( ياه ... أشكرك على طلبك التحدث معي لقد كان عظيما جدا , حسنا أنا سعيد جدا لأنني هنا فهو شرف عظيم بالطبع أنا نلت المركز الثالث سيئا , ليس سيئا , أليس كذلك ؟ ( كنت اردد في نفسي ليس سيئا, تفاعلا معه )
لم ينتظر إجابة فهو لا يحتاج إجابة ولكنه استدار بوجهه المليء بالحيوية ليراه العالم كله
وقال ببهجة تفوق بهجة كل من عرفت (( أشكركم على مشاركتي هذه اللحظة الخاصة والآن وقت الاحتفال ))
وعندما استدار كريس أربعة عشرا عاما في هذا الوقت وكانت هذه هي الدورة الأولمبية لذوي الاحتياجات الخاصة .
فلم يكن هناك إلا ثلاثة متسابقين فقط .
الكاتبة / بيتي ، يونجز


انتهت القصة علما بأني اختصرت سطرين منها رحمة بكم
والحق يقال ان الكاتبه كانت امينة جدا جدا في نقل التفاصيل والتفصيلات عموما احد الخصائص الإبداعية والتي بكل تأكيد لا امتلك هذه الخاصية.
نعود للموضوع الأساسي
لم يهزني في هذ القصة ان كريس كان من ذوي الاحتياجات الخاصة لأنه طالما أذهلت هذه الفئة الإنسانية بأنجازتهم التي تفوق كثيرا من الأصحاء
لكن ما أعجبني وشدني كثيرا هو مفهوم النجاح عند كريس
فمن الناحية الواقعية كريس لم يكن منتصرا لأنه الثالث في سباق من ثلاثة أفراد
لكن نظرة كريس كانت راائعة وصحيحة في مفهومه نحو النجاح
فهو نظر إلى هذا النجاح الى انه تنافس مع شخص مهم اسمه كريس
فقد كان يتنافس مع ذاته
كريس قبل السباق وكريس بعد السباق مختلف ارتفع درجه مع ذاته
فقد صهر ارادته من اجل الوصول لخط النهاية وحقق ذلك ولاشك ان ذلك جعله اكثر ثقة نفسه في قدرته على الإنجاز واكثر صلابة في تحقيق الأهداف.
لم ينظر كريس اين أنا واين الأخرون ثم قاس نجاحه على قدر المسافة بينه وبين الآخرين
وانما كان أكثر عمقا وقاس المسافة بينه وبين ذاته
ان النجاح الحقيقي ان تقيس المسافة التي قطعتها كل يوم بين ذات الأمس وذات اليوم
لأن ذلك يشعرك بالتقدم ويعطيك حافز للاستمرار نحو الأفضل
ان النجاح الحقيقي هو ان تتنافس مع نفسك
وتقارن نفسك ايضا بنفسك
لأن هذه النجاحات الصغيرة هي التي تشعرك بتميزك
وتصنع لك ما يسمى بالدافعية الذاتية

بل ان قياس مدى نجاحنا بمقارنة أنفسنا بالأخرين مقارنة خاطئة جدا
لأنها قد تشعرنا بالعجز والتقهرر للوراء وأننا لا شيء
بل أكثر من ذلك قد ينسينا هذا بأن الله عزوجل ميز كل منا بميزة تختلف عن الأخر
فنحن مختلفون ولسنا متشابهون
مختلفون في القدرات والإمكانيات
وما تنجح انت فيه قد افشل فيه انا والعكس صحيح
لكن ذلك ليس نقيصه بل ميزة وضعها الله في البشر
ليكملوا بعضهم البعض
ان نجاح الناجحين هو نموذج يفترض بنا دراسته
لنستقي منهم خطة النجاح ,و ليس نموذج يشعرنا بالتقزم
واليأس
دمتم ناجحين ومتميزين .

إضاءة أخيرة :
ايام قليلة ويقبل علينا رمضان – اللهم بلغنا رمضان ونحن بأتم الصحة والعافية–
ترى ماهو التحدي الذي رسمته في عقلك لتقطع مسافة أكثر تقربا من الله بين ذاتك في رمضان هذا العام وبين ذاتك في رمضان السابق
ترى كم هي المسافة ؟
كل رمضان وانتم الى الله اقرب

اختكم / شادن
رد مع اقتباس