ملتقى الفيزيائيين العرب - عرض مشاركة واحدة - فراشة في طوكيو تحدث اعصارا في نيويورك
عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 10-10-2005, 10:51
الصورة الرمزية غازي
غازي
غير متواجد
فيزيائي قدير
 
تاريخ التسجيل: Sep 2005
المشاركات: 1,272
افتراضي مشاركة: فراشة في طوكيو تحدث اعصارا في نيويورك

نظرية الفوضى:

ولم يلبث العلم إلا قليلا حتى كشف لنا عن ظواهر أخرى عجيبة لعبت دورًا مهما في تصورنا عن مستقبل العلم وبالذات فيما يخص عقيدة الحتمية العلمية. وسميت هذه الظواهر بالظواهر «الفوضوية» نسبة إلى «نظرية الفوضى Chaos theory» وسيرى القارئ أنها أبعد ما تكون عن الفوضى وأقرب ما تكون إلى النظام والانضباط(يبدو أن العقلية الغربية «العلمية» قررت منحها هذا الاسم حتى يكون ذلك ردعًا لها ولأمثالها من الظواهر الأخرى التي تستعصي على فكرة تأليه الإنسان وقدرته على «قهر» الطبيعة والسيطرة عليها), ولكنني مضطر لاستخدام المصطلح نفسه بعد أن أصبح عَلَمًا على هذه الظاهرة. ويمثل اكتشاف الظواهر الفوضوية الضربة الثانية والقاضية على عقيدة الحتمية العلمية بعد مبدأ عدم التحديد, ورغم أن اكتشاف هذه الظواهر يرجع إلى العام 1903م على يد العالم الرياضي بوينكير Poincare, إلا أن الفضل في تسليط الضوء عليها وإحياء البحث فيها من جديد يعود إلى عالم الأرصاد إدوارد لورنز Edward Lorenz الذي أعاد اكتشافها في العام 1961م حينما كان يعمل على صياغة نموذج رياضي للتنبؤ بحالة الطقس. حاول لورنز باستخدام حاسبه البدائي أن يتنبأ بحركة الريح في الأيام المقبلة وذلك بواسطة نموذج يحتوي على عدد من المعادلات الرياضية - جريًا على ما يحدث عادة في السلاسل الزمنية - بافتراض وجود علاقة بين حركة الريح اليوم وحركتها في اليوم التالي. وبعد صياغة هذه العلاقة رياضيا, فإنه يمكن تغذية الحاسب بالبيانات المتوفرة حول حركة الريح اليوم, لنحصل على تنبؤ بالحركة في اليوم التالي. وباستخدام النتيجة المتنبأ بها لحركة الريح في الغد يمكن التنبؤ بالحركة ليوم بعد غد, وهكذا فإنه بتغذية الحاسب ببيانات اليوم يمكن التنبؤ بحركة الريح على مدى شهر أو أكثر, كانت الأمور تسير على ما يرام - في تصور لورنز على أقل تقدير - إلى أن أراد ذات يوم أن يدرس جزءًا معيّنًا من السلسلة الزمنية التي لديه بشيء أكثر من التفصيل, وحيث إنه قد أنتج هذه السلسلة من قبل كما أسلفنا, فإنه قرر أن يأخذ رقما من منتصف السلسلة ويغذي به الحاسب الآلي مفترضا أن التنبؤات التي سيحصل عليها ستكون موافقة تماما لما حصل عليه من قبل لأن هذه العملية هي التي كان يفعلها الحاسب الآلي تلقائيا ليحصل على قيم التنبؤات السابقة, الفرق الآن فقط هو أنه قام بإدخال المعلومات يدويا بدلًا من أن تكون تغذيتها تلقائيا. توقع لورنز أن يحصل على نفس النتائج السابقة والمتعلقة بالفترة التي يدرسها.. غير أن الذي حدث شيء آخر تماما! لاحظ لورنز أن النموذج بدأ يعطي نتائج مختلفة قليلا - في أول الأمر - عن النتائج السابقة.. وأن هذا الاختلاف يزداد شيئا فشيئا حتى لا يكاد يلمس أي تشابه بين النتائج الحالية والنتائج السابقة, وبعد البحث والتحري اكتشف لورنز أن الفرق الوحيد الذي يمكن أن يعزى إليه هذا الاختلاف الكبير في النتائج يكمن في البيانات الأولية التي غذيت بهما التجربتان. لقد كانت البيانات المدخلة في التجربة الأولى تؤخذ تلقائيا من الحاسب الآلي وهذا يعني أنها صحيحة لستة أرقام عشرية، بينما كانت البيانات المدخلة في التجربة الثانية, لأن الطابعة المتصلة بالحاسب كانت لا تطبع أكثر من 3 أرقام عشرية، لقد كان التقريب طفيفا جدًّا. لم يكن يتصور أن هذا التقريب سيكون له أي أثر
رد مع اقتباس