بحساب قوى الجذب بين هذين الجسمين يتبين لنا أن الإلكترون سوف يحدث انحرافا في مسار الكرة مقداره 1×10-99 درجة, أي فاصلة وأمامها الرقم واحد يسبقه تسعة وتسعون صفرًا من الدرجة, لو كانت هذه الكرة تسير في خط مستقيم فإن انحرافا بهذه الضآلة الشديدة لن يؤثر على تنبؤنا بمسارها. فلو سارت الكرة في خط مستقيم مسافة قدرها قطر الكون المعروف فلن يؤثر إهمال الإلكترون على تنبؤنا بمكان وصولها إلا بمسافة تقل كثيـرًا جدا عن قطر ذرة الهيدروجين! لكن الأمر يختلف كثيرا داخل طاولة البلياردو! والسبب في ذلك هو اللاخطية (Non-Linearity) التي تحكم الحركة والاصطدام داخل الطاولة والناشئة عن الانحناء في أسطح كرات البلياردو, الأمر الذي يختلف عن مجرد انطلاق الكرة في خط مستقيم من مكان إلى آخر. إن كل اصطدام يقع بين الكرة المرصودة وإحدى الكرات الأخرى على الطاولة سوف يضاعف من الخطأ الناشئ عن إهمال الإلكترون في حساباتنا بما يقارب العشر مرات. وهذا يعني أنه بعد مائة اصطدام سوف يصبح الخطأ في حساباتنا لمسار الكرة بمقدار درجة واحدة! وبعد الصدام التالي سيصبح 10 درجات والذي يليه سيحدث خطأ مقداره مائة درجة ثم ألفا, وهكذا! أي أننا سوف نفقد الأمل تماما في متابعة مسار الكرة بعد الاصطدام رقم 102 وذلك فقط بسبب إهمالنا لإلكترون في أقصى المجرة!! ولا شك إذا أننا لن نستطيع أن نتابع مسار الكرة إلى ما بعد ثلاث أو أربع اصطدامات بسبب العوامل الكثيرة المعقدة والتي تؤثر في هذا النظام المحدود. هذا فيما يخص التنبؤ بمسار كرة في طاولة بلياردو.. وبقي أن نقول: أن ما يدور في الكون أعقد «قليلاً» مما يدور على طاولة البلياردو!
الإنسان كائن فوضوي!
لنتصور أن رجلا يدعى «مُعمَّـرًا» كان موظفا في إحدى الشركات, كان معمر يستيقظ يوميا في الفجر فيؤدي الصلاة ثم يتناول طعام الإفطار ليذهب بعد ذلك إلى مقر عمله – في الثامنة صباحا, ويبقى هناك حتى الخامسة مساء ليبدأ رحلة العودة إلى منزله من جديد. لقد تعود على هذا النظام سنوات طويلة, غير أنه ذات يوم خرج في فرصة الغداء من عمله – على غير عادته – ليتناول شيئا من الطعام وفي الطريق وأثناء قيادته لسيارته غفل عن ملاحظة إشارة مرورية مما أدى إلى حادث مريع نجا منه هو لكن لم ينج منه الطرف الآخر الذي كان أبا لثلاثة أطفال. كان اسمه «عُميـرًا» وكان يسكن في مدينة أخرى ولكنه جاء إلى المدينة التي يقطنها معمر بغرض