الميكانيك الكمومي..عانينا كثيراً في فهم ماهيته...
واليوم أصبح بالإمكان ان نراه وهو يعمل!!...
استطاعت الميكانيكا الكلاسيكية في القرون الأربع الماضية وبفضل جهود بعض الرواد أمثال نيوتن، كيبلر وغاليلي أن تصبح مرحلة حاسمة في تاريخ التطور العلمي . لم يكن من الصعب تقبل هذا الفرع من العلوم وهو يفسر كل الأشياء من حولنا بطريقة من أروع وأدق ما يكون، إنها تجمع بين النظرية والتجربة لتقدم نتائج تقطع الشك باليقين..على الرغم من هذا النجاح الباهر إلا أن بعض العلماء في أواخر القرن التاسع عشر عانوا بعض الصعوبات في تفسيرا بعض الظواهر العلمية كتلك المتعلقة بالاشعاعات الصادرة عن الجسم الأسود، واستمر الوضع على ماهو عليه بل وازداد سوءا في السنوات الأولى من القرن العشرين .أدرك البعض حينها انه لابد من منطق جديد يخرجهم من حالة التخبط التي يعشونها، وبالفعل بُذلت الجهود لإيجاد حل لهذه المشكلة إلى أن تمكنت أخيرا من تطوير مايعرف الآن بميكانيكا الكم.
ميكانيكا الكم...تلك الفيزياء التي تعالج الأجسام المتناهية الصغر كالذرات التي قد تكون اصغر من حبات الرمل بملاين بلاين المرات. ميكانيكا الكم...ذلك الفرع من العلوم الذي مضى على ولادته قرن من الزمان، استطاع أن يرسم ملامح أخرى للعالم وشيئا فشيئاً أصبحنا معه جيلاً أكثر تميزاً؟!!.
مؤتمر سولفاي الشهير عام 1927 م ، جمع عمالقة الفيزياء، أصحاب الفكر المهيمن في العالم واللذين ساهموا في ترسيخ دعائم ميكانيكا الكم.
التحـدي الكـبير!
في عام 1924م أعطى العالم الفيزيائي الهندي ساتندرا ناث بوز( Satyendra Nath Bose ) تقريباً إحصائياً لاشتقاق قانون بلانك لإشعاع الجسم الأسود [1]، كان ذلك اثناء دراسته للفكرة القائلة بان الضوء يأتي من جزيئات منفصلة من الضوء (فوتونات)، ولان بوزلم يكن حينها عالماً معروفاً بالقدر الكبير بين أوساط الجاليات العلمية لم يتمكن من نشر أفكاره في المجلات المعروفة. بعد برهة من الزمان قاده تفكيره العميق إلى إرسال رسالة للعالم الشهيراينشتاين ( Alber Einstein ) يطلعه فيها على عمله ويطلب منه مد يد العون والنصيحة ما أمكن، وبالفعل أدرك اينشتاين أهمية هذا العمل وقام من فوره بدعم عملية النشر وأضاف ملاحظة مفادها أن الإحصائيات الجديدة ممكن أن تمتد من الفوتونات لتطال الجزيئات ذات الكتل الكبيرة.
صورة للعالمين الشهيرين : اينشتاين (على اليمين) وبوز.
في عام 1925 م [2] نشر اينشتاين الإحصائيات الناتجة والتي سميت لاحقا "إحصائية بوز اينشتاين" حيث وجد أن غاز من البوزونات يتصرف بشكل مختلف عن اي غاز كلاسيكي عند درجات الحرارة المنخفضة وبالخصوص عند الدرجة الحرجة منها حيث يشغل جزء عياني من الذرات حالة كمية واحدة وهي ما يطلق عليه الآن بتكاثف بوز اينشتاين (BEC) .
الجدير بالذكر أن ما فكر به اينشتاين كان مرفوض في بادئ الأمر من قبل الكثير من الفيزيائيين حيث عقدت آنذاك الكثير من النقاشات التي لم يكن نتاجها غير علامات تعجب كبيرة تجر ورائها ذيول الخيبة والخسران. نعم لا تستغرب كثيرا لكونه فكر مرفوض على الرغم من أن مصدره عالم فذ ومرموق كاينشتاين ،الحقيقة انه لم يكن أمام فطاحلة الفيزياء حينها ما يمكنهم من ملاحظ هذه الظاهرة تجريبيا .
ما هي كُثافة بوز- اينشتاين (BEC)؟
" تُعد كُثافة بوز اينشتاين الغازية حالة جديدة للمادة عند درجات حرارة هي الأبرد في الكون..."[3]
في عام 1998م ورد في واحدة من المجلات الرائعة تعريف لهذا الشكل الجديد من المادة استنادا على الطبيعة الموجية للجزيئات [4]، ورد في المجلة انه متى ما بردت الذرات وأصبحت قريبة من بعضها بشكل كافي، فان أطوالها الموجية ستبدأ بالتداخل (انظر الشكل) ومن ثم بالترابط لتصبح موجة واحدة مشتركة بين الذرات.هنا يحدث تكاثف بوز اينشتاين (سحابة كثيفة ومتماسكة من الذرات تحتل نفس الحالة الكمية [5]).