ثم قال الله جل وعلا بعد ذلك من باب التدرج في ذكر أخلاق المنافقين : "أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ "[النور:50]،
فهذه الثلاث مجتمعة فيهم، وليس المقصود التساؤل: هل فيهم مرض؟ هل فيهم ارتياب؟ هل فيهم خوف من الله؟ فهذا غير مقصود وإنما هذه الصفات الثلاث كلها موجودة بينهم، ففي قلوبهم علل وأمراض شك، وأعظم علتهم أنهم غير موقنين بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم رسول من عند الله، ونجم عن هذا ريب، ونجم عن هذا الريب خوفهم من أن يجور النبي صلى الله عليه وسلم عليهم؛ لأنهم إذا كانوا غير مقتنعين بنبوته فبدهي أن يرموه عليه الصلاة والسلام بالجور والظلمفالمهم أن الآية ليس المقصود منها إلا التدرج في وصف أخلاقهم، حيث قال تعالى بعد ذلك: "بَلْ أُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ "[النور:50]،
والمعنى: أن هذه الأخلاق كلها فيهم، وبيان ذلك بصورة ميسرة أنه قد يكون إنسان يحسدك، وبينك وبينه عداوة، وهو كاذب، فعندما يحيف عليك في أمر فإنك لا تدري لأي شيء صنع بك ذلك الأمر، هل حسداً، أم للعداوة المتأججة، أم لكذبه الذي اعتاد عليه، ولا يعني هذا نفي إحدى تلك الصفات،
ولكن السؤال: أين الباعث على هذا الأمر!!!
فجاء الجواب القرآني: "بَلْ أُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ "[النور:50].