ملتقى الفيزيائيين العرب - عرض مشاركة واحدة - التدريس بالنظرية البنائية
عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 29-03-2011, 22:29
الصورة الرمزية عادل الثبيتي
عادل الثبيتي
غير متواجد
مشرف منتدى المواقع العلمية والمرحلة الثانوية والمسائل والتمارين الفيزيائية
محاضر في الدورة الثانية لتعليم الفيزياء
 
تاريخ التسجيل: Sep 2006
الدولة: السعودية - الطائف -
المشاركات: 10,344
افتراضي رد: التدريس بالنظرية البنائية

• البنائية كمفهوم ظهرت قديماً ولعبت دوراً في العلوم الطبيعية ، إلا أن الالتفات لها كمنهج للتطبيق في كافة العلوم لم يتبلور إلا في عصرنا الحديث ، وكان أحدث مجال غزته البنائية هو مجال التربية ، حيث برزت فيه بثوب جديد يتمثل في التطبيق العملي والاستراتيجيات التدريسية التي تهدف إلى بناء المعرفة لدى المتعلم .
• تشتق كلمة البنائية Constructivism من البناء Construction أو البنية Structure، والتي هي مشتقة من الأصل اللاتيني Sturere بمعنى الطريقة التي يقام بها مبنى ما (فضل،1985،ص175) .
• وفي اللغة العربية تعني كلمة بنية ما هو أصيل وجوهري وثابت لا يتبدل بتبدل الأوضاع والكيفيات (ناصر،2001،ص420) .
• ويعرف فضل (1985،ص176) البنية بأنها " كل مكون من ظواهر متماسكة ، يتوقف كل منها على ما عداه ، ولا يمكنه أن يكون هو إلا بفضل علاقته بما عداه " .
• .وبناءً على ذلك يرى البنائيون أن كل ما في الوجود ( بما في ذلك الإنسان ) هو عبارة عن بناء متكامل يضم عدة أبنية جزئية بينها علاقات محددة ، وهذه الأبنية الجزئية لا قيمة لها في حد ذاتها بل قيمتها في العلاقة التي تربطها بعضها ببعض والتي تجمعها في ترتيب يؤلف نظاماً محدداً يعطي للبناء الكلي قيمته ووظيفته (ناصر،2001) .
• ويعرفها المعجم الدولي للتربية ( 1977 ) International Dictionary of Education ، بأنها: رؤية في نظرية التعلم ونمو الطفل، قوامها أن الطفل يكون نشطاً في بناء أنماط التفكير لديه، نتيجة تفاعل قدراته الفطرية مع الخبرة. وبتعبير فلسفي فإن البنائية تمثل تفاعلاً أو لقاء بين كل من التجريبية Empiricism والجبلية Notivism (زيتون، و زيتون، 1992 : 1 ) .
• ويعرفها سيجل ( Sigle ) بأنها : عملية البناء المعرفي التي تتم من خلال تفاعل الفرد مع ما حوله من أشياء وأشخاص؛ وفي أثناء هذه العملية يبنى الفرد مفاهيم معينة عن طبيعته؛ ولذلك يوجه سلوكياته مع كل ما يحيط به من أشياء وأشخاص وأحداث .
• وظهرت البنائية " كمنهج " للتفكير منذ زمن بعيد ، عندما أحدث ديكارت (1596-1650) نقلة في دراسة العلوم الطبيعية بتطبيق النموذج الرياضي على الظواهر الطبيعية ، فيعد ذلك العلم الحديث بنائياً لأنه استهدف الاهتداء إلى " البناء " الكامن وراء الظواهر الطبيعية والتعبير عن هذا البناء بلغة رياضية (زكريا،1980) ، كما تحدث الفيلسوف الإيطالي جيامبتسا فيكو (1668-1744) عن بناء المعرفة حين عبر عن فكرة أن عقل الإنسان يبني المعرفة بقوله : " إن الإله يعرف العالم لأنه هو الذي خلقه ، وما يستطيع الكائن البشري أن يعرفه هو ما صنعه بنفسه فقط " فكانت هذه العبارة أول بيان رسمي للبنائية ، ثم كتب إيمانويل كانط (1724-1804) في كتابه " نقد العقل الخالص " يقول : يستطيع العقل الإنساني أن يفهم فقط ما أنتجه هو نفسه وفقاً لخططه الخاصة به " (فون جلاسرسفيلد،2001،ص198) وهكذا يظهر أن البنائية باعتبارها " مذهباً " فلسفياً ظهرت عند كانط ، فالبنائية - مثل فلسفة كانط – تبحث عن الأساس الشامل اللازماني الذي ترتكز عليه مظاهر الحياة ، وتُعمل العقل في سبيل ذلك ، وتثق به أكثر من الحواس . فهي – مثل فلسفة كانط – تترفع عن النظرة التجريبية ، وتؤكد أن تقدم المعرفة لا يتم عن طريق وقائع تجريبية ، بقدر ما يتم عن طريق إعادة النظر في بناء ظواهر موجودة بالفعل ولكنها تتخذ مظهراً جديداً في كل عصر . والفرق بين فلسفة كانط والبنائية أن كانط كان يركز على العلوم الرياضية والطبيعية ، بينما يركز البنائيون على العلوم الإنسانية والاجتماعية (زكريا،1980)
• ولاقت البنائية اهتماماً كبيراً في النصف الثاني من القرن الماضي ، حيث ظهرت كردة فعل على الوجودية التي انبعثت من جوف الحروب العالمية لتبحث مشكلة الحرية وعلاقتها بالمسئولية والقلق والتمرد ، وتصل إلى عزلة الإنسان وانفصامه عن واقعه والعالم الذي يعيش فيه وشعوره بالإحباط والضياع والعبثية من جراء الحروب (الرويلي والبازعي،1995) ، أما وقد تغيرت ظروف أوروبا وعادت إلى السعي والبناء والتعمير شعر المجتمع الأوروبي بالحاجة إلى اتجاهات فكرية جديدة مفتوحة غير مغلقة،مرنة غير جامدة،تساعد على البناء وتساير التقدمية (ناصر،2001) فظهرت الأصوات التي تنادي بالنظام الكلي المتكامل والمتناسق الذي يوحد العلوم ويربطها بعضها ببعض . من هنا جاءت البنائية كمنهجية شاملة توحد جميع العلوم في نظام إيماني جديد من شانه أن يفسر الظواهر الإنسانية كلها بشكل علمي ، وارتكزت مرتكزاً معرفياً يؤكد على كون العالم حقيقة واقعة يمكن إدراكها ، ولذا توجهت البنائية توجهاً شمولياً إدماجياً ينظر للعالم بأكمله بما فيه الإنسان(الرويلي والبازعي،1995).
• وقد كان علم اللغة الأرض الخصبة التي نما فيها المنهج البنائي وترعرع ، حيث درس علماء اللغة وعلى رأسهم العالم السويسري " فرديناند دي سوسير " ، عناصر اللغة والسمات المميزة لعلاقاتها بوصفها أنساقاً لا علاقة لها بالعالم الذي تعبر عنه . ونجاح اللغويات كعلم إنساني في بلوغ مرتبة العلم المنضبط كان عاملاً مشجعاً للباحثين في الميادين الإنسانية والاجتماعية الأخرى على الاقتداء بهذا العلم الناجح في منهجه . وهكذا انتقلت البنائية من اللغويات إلى الانثربولوجيا على يد العالم البنائي " كلود ليفي ستراوش " الذي نقل علم الانثربولوجيا إلى ميدان العلوم المنضبطة (زكريا،1980) .
• ثم تتابع انتقال البنائية إلى ميادين وعلوم أخرى ، حيث كان " جاك لاكان " رائد البنائية في التحليل النفسي ، و " رولان بارت " في النقد الأدبي ، و " ميشيل فوكو " في الفلسفة ، وأخيراً " جان بياجيه " من خلال نظريته البنائية في المعرفة ، والتي كان لها الدور الأكبر في انتقال البنائية إلى ميدان التربية ..
• و تؤكد ذلك سلطانة الفالح (2003م ، ص85) بأن النظرية البنائية الحديثة قد ظهرت منذ أكثر من عشرين عاماً، وسادت بالتدريج الأفكار البنائية وانتشرت، وأدى ذلك إلى تطبيق هذه الأفكار في مجال تدريس العلوم ؛ لذا تعتقد طائفة كبيرة من التربويين في عالمنا المعاصر في فكرة أن المعرفة يتم بناؤها في عقل المتعلم بواسطة المتعلم ذاته. حيث تمثل هذه الفكرة محور النظرية البنائية ، في حين يرى صـادق (2003م : 155) أن النظرية البنائية ظهرت كنظرية بارزة للتعلم في العقد الماضي نتيجة لأعمال ديوي Dewey ، وبياجيه Piaget ، وبرونر Bruner ، وفيجوتسكي Vygotsky ، الذين قدموا سوابق تاريخية للنظرية البنائية والتي تمثل نموذج للانتقال من التربية التي تستند على النظرية السلوكية إلى التربية التي تستند على النظرية المعرفية .
• وقد ظهرت البنائية الحديثة حديثاً في أواخر القرن الماضي، حيث تؤكد ذلـك منى سعـودي (1998م : 779 - 784 ) بقولها " إن البنائية الحديثة قد ظهرت منذ أكثر من عشرين سنة على يد مجموعة من الباحثين أمثال: أرنست Arnest ، فون جلاسرسفيلد Von Glassersfel، ليس ستيف Lees Steaf ، نيلسون جودمان Nelson Goodman . وبالتدريج سادت الأفكار البنائية، وانتشرت إلى أن تم تعديل للنموذج البنائي في صورته الحديثة القائم على البنائية الحديثة بواسطة سوزان لوك هورسلي (1990م) Susan Loucks Horsley ، وتعتبر الفلسفة البنائية من الفلسفات الحديثة التي يشتق منها عدة طرق تدريسية متنوعة ، وتقوم عليها عدة نماذج تعليمية متنوعة ، وتهتم الفلسفة البنائية بنمط بناء المعرفة وخطوات اكتسابها.
• والبنائية في رأي كثير من أهل الرأي هي المقابل العربي لمصطلح في الإنجليزية هو Constructivism، ويلتبس هذا المصطلح في أذهان بعض الناس بنظرية أخرى هي البنيوية Structuralism وهي نظرية مغايرة للبنائية في النشأة، وفي المغزى، وفي التضمينات والتطبيقات
__________________
http://twitter.com/phys4arab

صفحة ملتقى الفيزيائيين العرب على تويتر
رد مع اقتباس