ملتقى الفيزيائيين العرب - عرض مشاركة واحدة - التدريس بالنظرية البنائية
عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 29-03-2011, 22:31
الصورة الرمزية عادل الثبيتي
عادل الثبيتي
غير متواجد
مشرف منتدى المواقع العلمية والمرحلة الثانوية والمسائل والتمارين الفيزيائية
محاضر في الدورة الثانية لتعليم الفيزياء
 
تاريخ التسجيل: Sep 2006
الدولة: السعودية - الطائف -
المشاركات: 10,344
افتراضي رد: التدريس بالنظرية البنائية

• وتقوم البنائية على افتراضين أساسيين هما:
الافتراض الأول
إن المعرفة لا تكتسب بطريقة سلبية نقلاً عن الآخرين، ولكن يتم بناؤها بطريقة نشيطة من خلال الفرد الواعي كون الأفكار والمعتقدات لا تنتقل إلى عقولنا عن طريق إرسالها من الآخرين كما لو كانت طرداً بريدياً مرسلاً من قبل فرد لآخر. وبالتالي فإنه لا ينبغي لنا أن نضع الأفكار في عقول التلاميذ، وإنما يجب أن يبنوا معانيهم بأنفسهم . فالاتصال الذي نجريه مع الآخرين لا يؤدي إلى انتقال أفكارنا إليهم بنفس المعنى الموجود في عقولنا، بل إن تعبيراتنا يمكن أن تثير مضامين مختلفة لدى كل فرد من التلاميذ . (ويتلي Wheatly ، 1991: 11 ) . ولذلك فإن البنائيين ينكرون مبدأ نقل المعرفة ( Knowledge Transmission )، باعتبارها أداة و مصدراً لاكتسابها، خاصة المنظر الكبير فون جلاسر سفيلد، وذلك "بقوله: " لا يوجد سبيل أمام منظري البنائية لنقل المعرفة ، فكل فرد عليه أن يبنيها بنفسه لأن الكائن المعرفي يفسر الخبرة وبتفسيره هذا لها يشكل عالما منتظما " ٍstructured Word " ( زيتون ، وزيتون 1992 : 91 )
وهذا هو الافتراض الرئيسي الذي يتبناه كل البنائيين، وهو يهدف عموماً إلى خلق تراكيب معرفية تناسب العالم التجريبي.
الافتراض الثاني للمعرفة :
إن وظيفة العملية المعرفية ( Cognition Process ) هي التكيف ( Adaptive ) مع تنظيم العالم التجريبي تنظيم العالم التجريبي وخدمته، وليس اكتشاف الحقيقة الوجودية المطلقة Experiential World .
فالبنائيون يرون أن وظيفة المعرفة أو صحة المعرفة لا تنبع من كونها تطابق الحقيقة الوجودية، بل في كونها نفعية Viable، وتكون على ذلك النحو عندما تساعد الفرد في تفسير ما يمر به من خبرات حياتية .
فالفرد لا يمكن أن يدرك ويكون فهما للأشياء وللمعرفة الجديدة إلا عندما تكون المعرفة المسبقة ملائمة للمعرفة الجديدة، ولا يستطيع أن يقول إن إدراكه للحقيقة هي ما يطابق الواقع فعل.اً فهو يعتمد على معرفته المسبقة ليفسر التجربة التي يتعرض لها، فيبني معرفة تناسبها؛ وقد تكون هذه المعرفة عرضة للخطأ؛ ولا يمكن للفرد أن يكون متأكداً من تطابق المعرفة للواقع. و بدلا من ذلك فإن المعرفة هي تفسير ذو معنى لخبرات الشخص الفردية. وكلمة ذو معنى تعني أن التفسير يكون خارجيا محدوداً بالخبرة، وداخليا بما لديه من بنية معرفية سابقة. (كوبرن، Cobern ، 1996: 303).
• والبنائية من المذاهب الفكرية التي برزت في العصر الحديث ، وشكلت ثورة في الدراسات الإنسانية والاجتماعية ، وطرق التعامل مع المعرفة ، امتد أثرها بشكل بارز إلى ميدان التربية لتصبح منهجاً ونشاطاً تربوياً يمارس من قبل الطالب بشكل خاص للوصول إلى المعرفة .
• وتعد المدرسة البنائية من أكثر المداخل التربوية التي ينادي بها التربيون في العصر الحديث، وهي تتداخل مع الإدراكية في كثير من النقاط إلا أنها تتميز عنها بتأكيدها على توظيف التعلم من خلال السياق الحقيقي، والتركيز على أهمية البعد الاجتماعي في إحداث التعلم. والمدرسة البنائية لها أكثر من منظور في التعلم وهي بشكل عام تؤكد على أن الفرد يفسر المعلومات والعالم من حوله بناء على رؤيته الشخصية، وان التعلم يتم من خلال الملاحظة والمعالجة والتفسير أو التأويل ومن ثم يتم الموائمة أو التكييف للمعلومات بناء على البنية المعرفية لدى الفرد، وان تعلم الفرد يتم عندما يكون في سياقات حقيقية واقعيه وتطبيقات مباشره لتحقيق المعاني لديه. (Anderson and Elloumi, 2004)
• وللبنائية في التعلم أوجه متعددة، حيث أكدت أعمال بياجيه (Piaget,1960) وبرونر (Bruner ,1990) على فكرة انه ما يحصل في العقل يجب أن يكون قد تم بنائه بالفرد عن طريق المعرفة بالاكتشاف، مع التركيز على عملية التمثيل assimilation والتكييف accommodation للمعرفة، ويكون الإحساس بالمعنى متلازم مع التفسير الذاتي للفرد.
• بينما يؤكد ديوي Dewey على أن المعرفة تتم من خلال النشاط والخبرة وفي ربط الأشياء والتي يتم فيها التفاعل مع البيئة بما فيها الشق الاجتماعي، والتعلم عملية نشطة للبناء وليست اكتساب للمعرفة، وان المعرفة لا تقتصر على الحالة العقلية mental state بل تتجاوز ذلك إلى الخبرة في علاقات الأشياء ببعضها وليس لها معنى خارج هذه العلاقات (Dewey, 1910/1981, p. 185). وفي منظور آخر يقدم فيجوتسكي Vygotsky التعلم البنائي الاجتماعي Social constructivism والتي يؤكد فيها على السياق الثقافي والاجتماعي للتأثير على التعلم من خلال تفاعل الأطفال مع اقرأنهم والآباء والمعلمين في التطوير الإدراكي cognitive development،
• ويرى هانج Hung أن البنائية تركز على التالي: - التعلم هو عملية بنائية نشطة ولا تتم عبر اكتساب سلبي للمعرفة.
- يمكن أن تبنى المعرفة في سياق اجتماعي.
- أن تفسير المعرفة يعتمد على عاملين وهما المعرفة والاعتقادات السابقة في الذاكرة. وعلى السياق الثقافي والاجتماعي الذي تبنى من خلاله (Hunge, 2001, 283) .
• النظرية البنائية هي نظرية تهتم بالعمليات المعرفية الداخلية للمتعلم وتهيئ بيئة التعلم لتجعل الطالب يبني معرفته بنفسه خلال مروره بخبرات كثيرة تؤدي إلى بناء المعرفة الذاتية في عقله ، أي أن نمط المعرفة يعتمد على الشخص ذاته ، فما يتعلمه (علي) عن موضوع معين يختلف عن ما يتعلمه (سعيد) عن نفس الموضوع بسبب اختلاف الخبرات التي مر بها كل من (علي وسعيد) وما يمتلكه كل منهما مسبقا عن الموضوع ، وبعد وصول المعلومة للطالب يبدأ يفكر فيها ويصنفها في عقله ويبوبها ويربطها مع مشابهاتها إن وجدت وهكذا إلى أن يصبح ما تعلمه ذا معنى ومغزى وفي هذه اللحظة نقول بأن الطالب تعلم شيئا ، وبالتالي يصبح الطالب أو الفرد قادرا على استخدام هذه المعلومة في حياته أو توليد معرفة جديدة، فيصبح الطلاب منتجين للمعلومة لا مستهلكين لها فحسب
• والمتعلم في ضوء البنائية يبني المعرفة بصورة تتسم بالفردية الشديدة معتمدًا علي معارفه الموجودة بالفعل ، ومعتمدًا على خبرات التدريس الرسمية ، ويركز هــذا الاتجاه أيضـًا علي أن التعلم ذا المعني يعتمد علي الخبرة الشخصية ، وأن المعلومة يزداد احتمال اكتسابها والاحتفاظ بها واسترجاعها مستقبلاً إذا كانت مبنية بواسطة المتعلم ومتعلقة به ، ومتمركزة حول خبراته السابقة .
• والبنائية تنظر للمتعلمين على أن لهم دوراً فعالاً في بناء معانيهم الخاصة إلى حد ما طالما أن الإفراد يقومون بذلك من منطلق معتقداتهم وخبراتهم الماضية
• ويعتبر التعلم وفق البنائية عملية مستمرة غير محدودة وغير مرتكزة على المدرسة كمصدر أساسي للمعرفة.
• وتعتبر البنائية أن جميع أنواع المعرفة الجديدة من الضروري بناؤها من خلال المعرفة السابقة .
• وتصبح التربية ضمن مفهوم البنائية نشاطاً من أجل المعرفة، والتي تحدث عندما يقوم الشخص في اختبار مضامين الخبرة الجديدة، وتوظيف جميع الجوانب الذهنية والجسمية والنفسية والعاطفية.
• والمتعلم في البنائية يتحمل مسؤولية عملية التعلم، فهو العنصر الأساسي في تلك العملية، ونشاطه يوجه ذاتياً وبشكل ينسجم مع إمكانياته وميوله وخبراته. .
• وقد اختلفت النظرة إلى مفهوم البنائية ، فهناك من يرى أن البنائية " مذهب فلسفي " يسعى إلى الشمول ، ويستهدف تقديم تفسير موحد لمجموعة كبيرة من المشكلات ، ويضم مجالات معرفية متعددة في إطار نظرة واحدة إلى العالم وإلى طبيعة الأشياء (زكريا،1980) . ويرى زكريا نفسه (1980،ص9) أن البنائية " نظرية في العلم تؤكد أهمية النموذج أو البناء في كل معرفة علمية ، وتجعل للعلاقات الداخلية والنسق الباطن قيمة كبرى في اكتساب أي علم " ،
• بينما يؤكد ناصر (2001،ص422) على أن البنائية هي " منهج تحليلي تركيبي يعمد إلى تحليل كل بناء إلى جزئياته التي يتكون منها للكشف عن العلاقات الموضوعية التي تربطها بعضها ببعض ، ثم إعادة تركيبها في بناء كلي جديد يكون أرقى من البناء السابق وأكثر تقدماً " ، فيما يرى فضل (1985،ص205) أن البنائية " نشاط إنساني يتضمن تتابع منتظم لعدد من العمليات العقلية الدقيقة ، فهو يهدف إلى إعادة تكوين " الشيء " بطريقة تبرز قوانين قيامه بوظائفه " ، والإنسان البنائي يتناول الواقع ويفككه ويحلله ثم يقوم بتركيبه مرة أخرى .
• وأدى اختلاف النظرة لمفهوم البنائية إلى تعدد استخداماتها وتطبيقاتها في العلوم المختلفة كل بما يناسبه ، إلا أن هناك إطاراً عاماً يتفق عليه جميع البنائيين ويعتبر نقطة الانطلاق في الدراسات البنائية المختلفة ، وهو النسق الكلي للظواهر المختلفة ، والتركيز على العلاقات التي تربط أجزاء هذه الظواهر .
• والنظرية البنائية تستند على فكرة أن هناك دافع إنساني يقود الفرد لفهم العالم بدلاً من استقبال المعرفة بشكل سلبي ، وهذا ما يؤكده صادق ( 2003م : 156) حيث يرى أن المعرفة تبنى بنشاط المتعلمين بواسطة تكامل المعلومات والخبرات الجديدة مع فهمهم السابق (المعلومات السابقة) ، في حين يرى الوهر ( 2002م : 96) أن النظرية البنائية تنظر إلى التعلم بأنه عملية بناء مستمرة ونشطة وغرضية ، أي أنها تقوم على اختراع المتعلم لتراكيب معرفية جديدة أو إعادة بناء تراكيبه أو منظومته المعرفية اعتماداً على نظرته إلى العالم ،
• افتراضات التعلم المعرفي عند البنائيين
هذه الافتراضات تعكس ملامح الفلسفة البنائية وهي كالتالي:
أولاً : التعلم عملية بنائية نشيطة ومستمرة، وغرضية التوجه؛ ويتضمن هذا الافتراض مجموعة من المفاهيم كالآتي :
1- التعلم عملية بنائية Constructive Process
والمقصود بها أن المعرفة تتكون من التراكيب المعرفية السابقة حيث يبني المتعلم خبراته للعالم الخارجي من خلا رؤيته من الأطر أو التراكيب المعرفية التي لديه، حيث ينظم ويفسر خبراته مع العالم المحسوس المحيط به.
2- التعلم عملية نشطة
ويعني ذلك أن يبذل المتعلم جهداً عقلياً للوصول لاكتشاف المعرفة بنفسه . ويتم ذلك عندما يواجه مشكلة ما، فيقوم ـ في ضوء توقعاته ـ باقتراح فروض معينة لحلها، ويحاول أن يختبر هذه الفروض، وقد يصل الى النتيجة ( معرفة جديدة ). غير أنه قد يراجع هذه النتيجة محاولاً فرض فروض جديدة أخرى وهكذا . ويرى البنائيون أنه لكي يكون النشاط تعليمياً لابد أن يكون بنائيا،ً أي يبني المتعلم المعرفة بنفسه .
3- التعلم عملية غرضية التوجه
يقصد بذلك أنه لكي تكون عملية التعلم عملية بنائية نشيطة يجب أن تكون غرضية التوجه. فالتعلم في رأي البنائيين تعلم غرضي يسعى خلاله الفرد لتحقيق أغراض معينة تسهم في حل المشكلة التي يواجهها. أو تجيب عن أسئلة محيرة لديه، أو ترضي نزعة ذاتية داخلية لديه نحو تعلم موضوع ما ، وهذه الأغراض هي التي توجه أنشطة المتعلم، وتكون بمثابة قوة الدفع الذاتي له، وتجعله مثابراً في تحقيق أهدافه .
ثانياً : تتهيأ للتعلم أفضل الظروف عندما يواجه المتعلم بمشــكلة أو مهمة حقيقية .
وفي ذلك يشير (ويتلي Wheatly، 1991: 13) إلى أهمية التعلم القائم على حل المشكلات Problem Centered Learning. فهو يرى أن هذا النوع من التعلم يساعد التلاميذ على بناء معنى لما يتعلمونه وينمي الثقة لديهم في قدراتهم على حل المشكلات . فهم الآن يعتمدون على أنفسهم، ولا ينتظرون أحداً لكي يخبرهم بهذا الحل بصورة جاهزة . فضلاً عن أن التلاميذ يشعرون أن التعلم هو صناعة المعنى وليس مجرد معلومات عقيمة . كما أن البنائيين يؤكدون دوماً على أهمية أن تكون مهام المتعلم أو مشكلات التعلم حقيقية، أي ذات علاقة بالخبرات الحياتية كي يرى المتعلم علاقة المعرفة بحياته .

ثالثاً : تتضمن عملية التعلم إعادة بناء الفرد لمعرفته من خلال عملية تفاوض اجتماعي مع الآخرين .
أي أن الفرد لا يبني معرفته عن معطيات العالم التجريبي المحيط به إلا من خلال أنشطته الذاتية معها فقط ، والتي يكون من خلالها معان خاصة بها في عقله فحسب، وإنما قد يتم من خلال مناقشة ما وصل إليه من معان مع الآخرين، وذلك من خلال تفاوض بينه وبينهم . ومن ثم فقد يعدل الفرد الواحد هذه المعاني من خلال تفاوضه على معنى هذه الظواهر .

رابعاً : المعرفة القبلية للمتعلم شرط أساسي لبناء تعلم ذي معنى .
يؤكد البنائيون على أهمية المعرفة القبلية لدى المتعلم في بناء معنى كون التفاعل بين معرفة المتعلم الجديدة ومعرفته القبلية اللبنة الأساسية في عملية التعلم ذي المعنى، فقد تكون بمثابة الركيزة التي تعبر عليها المعرفة الجديدة إلى عقل المتعلم أو قد تكون عكس ذلك حيث تعمل بمثابة العقبة التي تمنع مرور هذه المعرفة إلى عقل المتعلم .

خامساً : الهدف من عملية التعلم الجوهري إحداث تكيفات تتواءم مع الضغوط المعرفية الممارسة على خبرة الفرد .
وفيه يقوم الفرد بالتكيف مع الضغوط المعرفية التي يتعرض لها عن طريق إحداث تغيرات في التراكيب المعرفية، كأن يطورها أو يوسعها أو يبدلها لتتواءم مع هذه الضغوط المعرفية أو يهملها. والضغوط المعرفية هي عناصر الخبرة التي يمر بها الفرد، والتي لا تتوافق مع توقعاتنا ومن ثم تعيقنا عن الحصول على النتائج التي نريدها . (سعودي، 780 : 1998 – 782).
• ومن أهم ما تتسم به النظرية البنائية إعادة بناء الفرد لمعرفته، وهذا ما تؤكـده أمنية الجندي (2003م : 3) حيث ترى أن النظرية البنائية تتضمن إعادة بناء الفرد لمعرفته من خلال تفاوض اجتماعي مع الآخرين، ويعتبر التأكيد على دور المعرفة المسبقة أحد الدعائم التي يرتكز عليها الفكر البنائي بهدف بناء تعلم ذي معنى ، فعملية التعلم ناتجة عن التفاعلات بين المفاهيم الموجودة والخبرات الجديدة، أي أنه إعادة بناء للمعاني الموجودة لدى المتعلم بدلاً من كونه اكتساب معلومات
• إن محور الارتكاز في النظرية البنائية كما يشير زيتون ( 1998م : 84) يتمثل في استخدام الأفكار التي تستحوذ على لب المتعلم لتكوين خبرات جديدة والتوصل لمعلومات جديدة ، ويحدث التعلم عند تعديل الأفكار التي بحوزة المتعلم، أو إضافة معلومات جديدة إلى بنيته المعرفية ، أو بإعادة تنظيم الأفكار الموجودة في تلك البنية ، وهذا يعني أن البنائية تركز على البنية المعرفية للفرد وما يحدث فيها من عمليات.
• وطريقة التدريس وفقاً للنظرية البنائية تعتمد على مواجهة الطلاب بمشكلة ما ومحاولتهم إيجاد الحلول المناسبة لهذه المشكلة من خلال البحث والتنقيب ومن خلال التفاوض الاجتماعي . واستخدام أفكار النظرية البنائية في غرفة الصف يعد من التطورات الحديثة في تدريس العلوم والمعارف .
• ويصفها أحد أعلام الفكر التربوي في أوروبا Renders Duit بقوله أنها: "صيغة فكرية حديثة، وأنها ذات نفع كبير لترشيد البحث التربوي، وتصويب الممارسات التعليمية".
وليس بمستغرب أن تتعدد المصطلحات التي تشير إلى النظرية البنائية، إذ يشار إليها أحياناً بمصطلح البنائيةConstructivism ، ومصطلح البنائية الاجتماعية Social Constructivism، ومصطلح البنائية النفسية Psychological Constructivism، ومصطلح البنائية الراديكالية Radical Constructivism
• ترفض البنائية في صورتيها الاجتماعية والفردية اتخاذ النظرية السلوكية مدخلاً وحيداً للتربية. وتؤكدان أن السلوكية تمثل تصورات خاطئة للوظائف العقلية التي تنبثق وتُمارس في عمليات التعلم والتدريس.
وأمثلة هذا الخطأ كثيرة منها: الخطأ في تقدير الدافعية الداخلية، وتسييد السلوكيات التي يمكن ملاحظتها على ما عداها من سلوكيات باطنة داخلية؛ بحجة أنها لا يمكن قياسها أو استنتاجها بطريقة مباشرة، والاعتماد على اختبارات التحصيل أكثر من اعتمادها على اختبارات التفكير، والاعتماد – أيضاً- في الاختبارات المقننة على أن هناك إجابة واحدة صحيحة، واللجوء إلى اختبارات الأداء Performance منعزلة عن اختبار الكفاءة Comptence.
• - تؤمن البنائية بوجهيها الفردي والاجتماعي بأن فكرة المعرفة الموضوعية الصحيحة، والإجابة الوحيدة للتساؤلات في مجالات الحياة ليست هدفاً مرغوباً فيه في شأن العالم الحسي المشهود، ويستبدلان بهما هدفاً آخر، لكونه أكثر ملاءمة لطبيعة الفرد في السياقات الاجتماعية، وهو الفهم Understanding سواء أُريد به عملية الفَهم Process أو نواتج الفَهم Productions.
4- تعارض البنائية في صورتيها الفردية والاجتماعية الفكرة القائلة إن المعارف تكتسب بطريقة التشبع السلبي Passive Absorbtion وتقترح أن يُعتمد في التعلم على تفعيل "القبليات العرفانية" لدى المتعلم الفرد ولدى مجموعة المتعلمين، وعلى أن يبذل المتعلمون جهوداً نشطة تنبع من قرارة أنفسهم؛ لأن نواتج مثل هذا التعليم تكون أكثر خصباً، وأعظم نفعاً للفرد وللمجتمع، وتستند البنائية في هذا إلى أن الإنسان مفطورٌ على البحث بدوافع داخلية، تستهدف أن ينشئ المعاني، ويسقط التركيبات العقلوجدانية على العالم الذي يكتنفه في سياقاته الزمكانية والاجتماعية؛ ليتيسر له التعامل معه في سياقات اجتماعية.
5- تؤكد البنائية في وجهيها أن التعلم الذي يبذل فيه جهد ذاتي داخلي في مناشط التعلم العقلوجدانية والاجتماعية يخلق لدى المتعلم التزامات جديدة تجاه بنية الفرد العقلية Interamental وتجاه البنية الذهنية الاجتماعية التي تكتنف جماعة المتعلمين Intermental.
6- تتفق الصورتان: الفردية والاجتماعية على أن المناهج التي تحدد أهدافها - مسبقاً- خارج الموقف التعليمي يجب ألا تفرض على الطلاب بوصف أنها السيد المطاع؛ وإنما يجب أن ينظر إليها على أنها لا تعدو أن تكون فروضاً، قد تُثبت الممارسة العملية في المواقف التعليمية بطلانها، وقد تؤصل الممارسة ضرورة تعديلها بالحذف أو الإضافة أو تقديم فروض بديلة لها. والفروض – في هذه الحالة- لا تعدو أن تكون مقولات تعبر عما يتوقعه من وضعوها – مهما أحسنت صياغتها، وأجيد سبكها- في رموز لغوية أو رقمية. أي أن الجهد الذي يبذل في صياغة الأهداف الإجرائية، ومثلها المعايير القومية التي تشغل بعض المسئولين عن التعليم في الدول العربية منذ عام مضى- هذه الأهداف وتلك المعايير ليست ضماناً لجودة العمليات التعليمية التي تلي وضع الأهداف وصياغة المعايير. لمــاذا؟
لأن أهداف التعليم، وما يقال عن معايير لمفردات نظام التعليم (الأهداف- المناهج- الكتب الدراسية- المعلمون- التدريس والتعلم- الامتحانات) لا تخضع تمام الخضوع للأهداف والطموحات والرغبات التي يصوغها من يضعون الأهداف، ومن يحددون المعايير ويصكونها؛ بسبب أن الروابط المِفصلية بين مكونات النظام التعليمي مفاصل رخوة وهشّة، وليست متماسكة أو صلبة على النحو الذي نجده في نظم الصناعة والإنتاج (مصانع السيارات، ومصانع الأسلحة، ومصانع الأغذية، ومصانع الأحذية) ففي تلك النظم تكفل جودة المدخلات الخارجية – كماً ونوعاً في الأعم الأغلب- جودة المخرجات إذا أُحسنت عمليات النظام.
أما نظام التعليم ففيه مُدخلات داخلية؛ تؤثر في عمليات النظام ونواتجه، ومن هذه المدخلات مستوى دافعية المتعلم، والمعرفة القبلية، ومستوى دافعية المعلم للتعليم، ومدى رضاه عن مهنته، والأساليب التي يستخدمها المعلم في التدريس، ومدى فَهمه لاستراتيجيات التعليم الذي يؤدى إلى الغاية النهائية لنظام التعليم؛ وهي التعلم. وهذه المدخلات لا يتأتى لواضعي الأهداف وصائغى المعايير التنبؤ بها؛ وإنما تنبثق هذه المدخلات من خلال تبادل التأثير Transaction في الموقف التعليمي ذاته، وهي المتغيرات الحاسمة في نواتج التعليم
__________________
http://twitter.com/phys4arab

صفحة ملتقى الفيزيائيين العرب على تويتر
رد مع اقتباس