بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا،وإن سألت: عن يوم المزيد ، وزيارة العزيز الحميد ، ورؤية وجهه المنزه عن التمثيل والتشبيه كما ترى الشمس فى الظهيرة والقمر ليلة البدر كما تواتر النقل فيه ،عن الصادق المصدوق ، وذلك موجود في الصحاح ، والسنن المسانيد ، ومن روايةجرير ، وصهيب ، وأنس ، وأبي هريرة ، وأبي موسى ، وأبي سعيد ، وفاستمع يوم ينادي المنادي:
يا أهل الجنة
إن ربكم -تبارك وتعالى- يستزيركم فحي على زيارته ، فيقولون سمعاً وطاعة ، وينهضون إلى الزياره مبادرين فإذا بالنجائب قد أعدت لهم ، فيستوون على ظهورها مسرعين ، حتى إذا انتهوا إلى الوادي الأفيح الذي جعل لهم موعداً ، وجمعوا هناك ، فلم يغادر الداعي منهم أحداً ، أمر الرب- تبارك وتعالى- بكرسيه فنصب هناك ، ثم نصبت لهم منابر من نور ، ومنابر من لؤلؤ ، ومنابر من زبرجد ، ومنابر من ذهب ، ومنابر من فضة ، وجلس أدناهم- وحاشاهم أن يكون بينهم دنئ- على كثبان المسك،ما يرون أصحاب الكراسي فوقهم العطايا،حتى إذا استقرت بهم مجالسهم واطمأنت بهم أماكنهم ، نادى المنادي:
يا أهل الجنة
سلام عليكم.. فلا ترد هذه التحية بأحسن من قولهم : اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام . فيتجلى لهم الرب-تبارك وتعالى-يضحك إليهم ، ويقول:
يا أهل الجنة
فيكون أول ما يسمعون منه تعالى-: أين عبادي الذين أطاعوني بالغيب ولم يروني ، فهذا يوم المزيد . فيجتمعون على كلمة واحدة : أن قد رضينا ، فارض عنا ، فيقول:
يا أهل الجنة
إني لو لم أرض عنكم لم أسكنكم جنتي ، هذا يوم المزيد ، فاسألوني فيجتمعون على كلمة واحدة : أرنا وجهك ننظر إليه .
فيكشف الرب-جل جلاله-الحجب، ويتجلى لهم، فيغشاهم من نوره ما لولا أن الله-سبحانه وتعالى-قضى أن لا يحترقوا لاحترقوا . ولا يبقى في ذلك المجلس أحد إلا حاضره ربه- تعالى - محاضرة، حتى أنه يقول : يا فلان ، أتذكر يوم فعلت كذا وكذا ، يذكره ببعض غدراته في الدنيا ، فيقول : يا رب ألم تغفر لي ؟ . فيقول : بلى بمغفرتي بلغت منزلتك هذه.
فيا لذة الاستماع بتلك المحاضرة. ويا قرة عيون الابرار بالنظر إلى وجهه الكريم في الدار الآخرة . ويا ذلة الراجعين بالصفقة الخاسرة (. وجوهٌ يومئذٍ ناضرة، إلى ربها ناظرة،ووجوهٌ يومئذٍ باسرة، تظن أن يفعل بها فاقرة}(القيامه22-25) .
فحي على جنات عدنٍ فإنها
منازلك الأولى وفيها المخيم
ولكننا سبي العدو فهل ترى نعود إلى أوطاننا ونسلم
المشتاقون لدخول الجنة.
الإمام ابن القيم الجوزية رحمه الله.