ملتقى الفيزيائيين العرب - عرض مشاركة واحدة - نقطة لابد من ان نناقشها( وتوضيحها) للمتخصصين فقط
عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 07-10-2006, 04:05
الصورة الرمزية ابو غازي
ابو غازي
غير متواجد
فيزيائي قدير
 
تاريخ التسجيل: Aug 2005
المشاركات: 1,273
افتراضي مشاركة: نقطة لابد من ان نناقشها( وتوضيحها) للمتخصصين فقط

السلام عليكم


موضوع رائع

السلام عليكم

الفراغ هل نحن نعلم الفراغ حقا

إن نظرة العلماء حاليا، هي أن الفراغ Vacuum يختلف عن اللاشيء Nothingness،
فالمكان الذي تزيل عنه كل ما هو مادي (أثاث، هواء، ذارت، فوتونات) يسمى فراغا، و لكن يبقى فيه شيء لا تستطيع أن تزيله و هو ما يسمى بالطاقة المعتمة (السوداء/المظلمة) Dark Energy، أو الطاقة الفراغية و هي التي تسبب التسارع في توسع الكون.

العلماء يعتقدون الآن، بناءً على أدلة رصدية، أن الكون -المشاهد- يتكون:
4% مادة باريونية (ذرات)
26% مادة معتمة Dark Matter
70% طاقة معتمة Dark Energy.

العلماء يتفقون أن الفراغ ليس خاليا.

و لكن، لا بد أن تتنبه جيدا إلى أن فرضية ديراك "بحر ديراك" لا تتفق مع ما يعتقده العلماء الآن،
فمحاولة ديراك لوصف الفراغ كانت محاولة لتفسير نتائج معادلته، فالفراغ حسب فرضياته هو الحالة الكمية لعدة-أجسام و التي تشغلها كل الحالات الذاتية eigenstates للالكترونات ذات الطاقة السالبة (أي أن الفراغ مليء بعدد لا نهائي من الجسيمات)
ثم افترض أن الحالات الذاتية الشاغرة (لا توجد بها الكترونات) هي ثقوب موجبة شاغرة (تنتظر أي الكترون لكي يشغل حيزها) ثم افترض أنها البروتون. و لكن كان من الواضح جدا أنه لا يمكن أن يكون بروتونا لأن كتلته أكبر من الالكترون بـ1800 مرة. و على أية حال بقيت فكرة ديراك و ثيت مفهوم الثقوب الشاغرة.

و لكن وصف الفراغ بأنه بحر لا نهائي من الالكترونات ذات الطاقة السالبة (بحر ديراك) يواجه مصاعب كثيرة، من ضمنها أن هذه الفرضية تتطلب عدة مبادئ غير منطقية و هي:

1. عدم مساهمة الطاقة السالبة للالكترونات في الطاقة الكلية للفراغ و زخمه؛ و إلا فإنها ستصبح لا نهائية.
2. لا ينشأ عن تلك الالكترونات ذات الطاقة السالبة مجال كهربي، و في المقابل فإنها تتأثر بالمجالات الكهربية الخارجية.

و هذه المصاعب أدت إلى ترك فرضية "بحر ديراك" على اعتبار أنها غير صالحة لوصف الفراغ لاحتوائها على عدة مصاعب جوهرية، و من ثم أصبح العلماء يبحثون عن حلول أخرى...

من أجل ذلك جاءت نظرية الحقول الكمية لتعيد صياغة معادلة ديراك بطريقة تسمح بمعاملة البوزترون على أنه جسيم حقيقي و ليس ثقبًا شاغرًا، و حافظت الصياغة الجديدة على كل ما تتنبأ به معادلة ديراك كتفاني الالكترونات و البوزترونات بعضهما ببعض عندما يلتقيان على شكل طاقة (فوتونات).
أيضا حلت نظرية الحقول الكمية مسألة تكوُّن الفضاء من عدد لا نهائي من الجسيمات، و أصبح الفضاء هو حالة عدم وجود أي جسيم. لأنه هذا هو الشيء المشاهد و المعروف تجريبيا.

لذلك فإن ما أريد أن أشدد عليه هو أن فرضية ديراك تختلف اختلافا جوهريا عن مفهوم العلماء اليوم عن الفراغ، كما أن افتراضات ديراك انبثقت عن معادلته و كانت في سبيل البحث عن تفسير لتلك الطاقة المعاكسة التي تفرضها حلول معادلته.
أما مفهوم الفراغ الذي يتصوره العلماء الآن نابع عن أدلة رصدية و عن الثابت الكوني في النظرية النسبية العامة التي تختص بمعالجة الفضاء و هندسته و علاقته بالكتل و الطاقات التي يحويها.

كما أن الجسيمات التي افترضها ديراك هي جسيمات باريونية نعرفها جيدا. لكننا لا نشاهدها في الفراغ. و غير صحيح أنها قد تتطابق مع الافتراضات الحالية، لأن ما افترضه ديراك بأنه يملأ الفراغ كله.. يعتقد العلماء أنه لا يشكل سوى 4% من مجموع الفضاء، و أنه ليست له أي علاقة بالفراغ. و الأمر نفسه ينطبق على المادة المعتمة. الشيء الوحيد الذي يرتبط بالفراغ في نظرة العلماء الحالية هو الطاقة المعتمة.

على أية حال، المادة المعتمة و الطاقة المعتمة هي أمور تنتظر نوعا جديدا من الفيزياء لكي تفسرها.

لذلك فإن الفيزياء الأساسية الآن في حالة ترقب للنتائج التي سوف تظهر من مصادم الهادرونات الكبير LHC الذي سيبدأ العمل في العام القادم إن شاء الله، لأنه إما أن يثبت بعض النماذج (كالنموذج العياري/القياسي) أو أن ينفيه، أو أن يثبت التناظر الفائق أو لا يجيب عنه.. و في كل الأحوال فإن العلماء اليوم على اقتناع تام بأننا في حاجة إلى فيزياء جديدة.. فيزياء ما بعد النموذج العياري... قد تلك الفيزياء هي فيزياء التناظر الفائق، و قد تكون في نظرية الأوتار و الأوتار الفائقة... و قد تكون في غير ذلك...
لذلك فإننا في شوق إلى معرفة النتائج... و معرفة مصير النظريات الحالية، و معرفة الطريق الذي سوف تسلكه الفيزياء... ابتداء من العام القادم إن شاء الله.

المصدر
رد مع اقتباس