رد: صور من حياة أستاذ الرياضيات جفري لانج حين أسلم وكتبه وبعض روابط محاضراته

أما الملحد فلا يسمح لنفسه بهذا الفضل ، ويذكر نفسه بسخافاته .
الملحد يتخذ هواه ليكون إلهه ، وينظر إلى نفسه على أنها هى محور الكون ، وما أصغره من كون !!!
فحدود هذا الكون لا يتعدى تصوراته هو ، وهى آخذة فى الإضمحلال .
الرجل المتدين ، يؤمن بأشياء خارجة عما يحس به أو يتصوره ،
بينما الملحد ، لا يثق فى هذه الأمور . تقريبا ، لا شئ حقيقى عنده ، حتى ولا الحقيقة نفسها .
مفاهيمه للحب ، والعاطفة ، والعدالة ، دائما متقلبة حسب ميوله ،
والنتيجة أنه هو ومن حوله ، ضحايا عدم الإستقرار . ينطوى على نفسه ، محاولا لملمة الأمور بعضها لبعض
ليصل إلى حالة من التوازن ، حتى يستطيع أن يجد لها معنى . فى نفس الوقت ،
يتصارع مع القوى الخارجية التى تنافس مفاهيمه ، هذه العلاقات الإنسانية التى لا يستطيع التحكم فيها ،
والتى تقتحم عالمه . هو يحتاج للبساطة ، والخلوة ، والعزلة ،
ولكنه يحتاج أيضا إلى أن يمد نفسه إلى أبعد من نفسه . كلنا يرغب فى الخلود .
إشكالية رجل الدين محلولة بخلود الآخرة ، الجنة ، أما الملحد ،
فهو يبحث له عن وسيلة تحقق له هذا الخلود ، الآن وفى هذه الدنيا !!!
يبحث عنها فى العائلة لتكون امتدادا له ، فى تأليف كتاب ، فى اكتشاف ما ،
فى عمل بطولى ، ليظل باقيا فى أذهان الناس . هدفه النهائى ليس ليذهب للسماء ،
بل مجرد أن يذكره الناس .
بالرغم من ذلك ، إلى ماذا سيؤدى هذا الإختلاف ؟؟؟ ...
الإنسان دائما يتطلع إلى الكمال ، هذه رغبة داخلية فيه ، وهى التى تدفعنا إلى العمل .
هل سأصبح يوما ما ، عالم رياضيات مرموق ، عداء ، طباخ ، عالم إنسانيات ،
أب فاضل ؟؟؟ بالنسبة للملحد ، لا شئ من هذا يلبى رغباته ، لأنه لا يؤمن بالكمال ولا بالمطلق .
النقطة التالية ، هى الإستقرار !!!
الأمثلة الإجتماعية التى ذكرتها ، ليست لأنى أفضلها ، ولكن لأنها وظيفية ونافعة .
بعد الإنتهاء من دراستى الجامعية ، تزوجت .
وانتقلت أنا وزوجتى لغرب لافايت "West Lafayette" بإنديانا ،
وذلك لألتحق بجامعة بوردو ، مدرسة الخريجين . ورغم أننا حديثى الزواج ،
إلى أننا اتفقنا على أن زواجنا لن يكون ارتباط دائم ، وأن يتم الإنفصال بالتفاهم
فى حالة وجود فرصة أفضل لأحدنا ، ولكن فى الوقت الحالى فإن هذا الزواج له فوائد عملية .
كنا أصدقاء ولكن بلا عواطف ، وكما توقعنا حدث الطلاق بعد ثلاث سنوات ،
بشروط جيدة . وعلى غير المتوقع ، وجدتنى ملئ بالحزن لهذا الطلاق .
ليس لأنى فقدت حبى أو الشخص الذى يمكننى أن أعيش معه ،
ولكن لأنى تركت وحيدا مرة ثانية مع نفسى . وعندما فكرت فى الوضع ،
اتضح لى أنى كنت وحيدا مع نفسى فى كلتا الحالتين ، سواء كنت متزوجا أو أعزبا .
كانت زوجتى رائعة ، ولكن لم يكن لدى فى مكان لأحد فى حياتى .
لقد كنت فى السنوات الثلاثة ، أتمنى هذه اللحظة . وفى اليوم الذى تركتنى فيه ...
علما بأن زوجتى هى التى طلبت الطلاق ... تبين لى أن الجامعة أصبحت سجنا لى ،
ومكان لأختفى فيه ، ولكنى لم أتبين من أى شئ أهرب !!!
لم يكن من السهل على أن أبقى إلاها بعد كل هذا !!!
فى هذه اللحظة ، أردت بشدة أن أستريح ، أردت أن أكون كل شئ للناس ،
وأصبحت أهتم نظرتهم لى ، بالرغم من أنى كنت أنكر هذا لنفسى . كلنا يهتم بهذا الأمر ،
وأن يثبت كل منا نفسه وكيانه ، وإذا لم يهتم بك أحد ، ولم تشعر بقيمتك ،
إذا فما هى قيمة الحياة بالنسبة لك ؟؟؟ ولماذ تبقى فى هذه الحياة ؟؟؟
ووجدت فى علم الرياضيات الذى أمارسه ضالتى ، فانكببت عليه لأنهى دراستى .
وخلال الدراسة ، كنت أمارس بعضا من الرومانسيات فى السنتين التاليتين ،

هنا حدث شئ غريب جدا . قدمت أطروحتى لنيل درجة الدكتوراه ،
وكنت أجلس خارج الغرفة التى تجتمع فيها اللجنة للوصول إلى قرار .
خمسة سنوات من الإنكباب على موضوعى ، استنزفت فيها كل عواطفى .
وإذا بباب الغرفة يفتح ، لتتم تحيتى "مبروك دكتور لانج" .
ولكن أثناء عودتى لشقتى ، بدأت بهجتى تتلاشى من داخلى ،
وكلما حاولت إعادتها ، تغلبت على الكآبة والإحباط والمرارة ،
وقارنت بين شعورنا ونحن كبار بالكريسماس ، ومحاولة الإبتهاج به ،
ولكننا لا نستطيع لأننا لم نصبح أطفالا . ربما تكون الحياة هى إعلانات تلفزيونية متتابعة ،
هذا ما فكرت فيه ، ولهذا فنحن شغوفين لتحقيق الأشياء الطائشة .
نخدع أنفسنا بأننا لنا قيمة ما ، والحقيقة أننا نوع آخر من الحيوانات نحاول أن نعيش .
هل هذه هى الحياة التى نحياها ؟؟؟ ... إنتصار صناعى يخلفه إنتصار آخر .
بدأت أعيد ترتيب أوراقى من جديد .
ــــ

يتبع
أشكر كل من يتابع
__________________
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم
|