رد: علماء المسلمين ومخطوطاتهم
مخطوطة كاملة في كيفية الإظلال لإبن الهيثم
أبو على الحسن بن الحسن البصري الشهير بابن الهيثم،
أحد أنبغ العقول التى أنجبتها الحضارة العربية الإسلامية، ولد في البصرة سنة 354 هـ على الأرجح
ودرس هناك الرياضيات والفلك والفلسفة، وذاع أمره هناك.
ثم انتقل إلى مصر وسعى لإقامة سد جنوبى النيل، فلم يستطع.
ترك مجموعة كبيرة من المؤلفات التى أهمها كتابه الرائد (البصريات)
الذى أسس فيه قواعد متينة لهذا العلم،
وله من وراء ذلك عشرات الكتب والرسائل فى مجالات الرياضيات والفلك والفلسفة.
امتازت بحوثه العلمية بمنهجية صارمة واعتناء شديد بالملاحظة والتجربة،
وقد عدهُ كثيرون رائداً للمنهج التجريبي الذى يعزى لفرنسيس بيكون،
مع أن ابن الهيثم سبقه بخمسه قرون.
مؤسس علم الضوء
لا بد أن نقر أن الحضارة الإسلامية أضافت إلى كافة العلوم،
ولكن الذي أعلى قدرها بحق هو إبداعها لعلوم غير مسبوقة، ومن هذه العلوم علم الضوء ،
وصاحب السبق والفضل فيه هو ابن الهيثم بلا منازع،
وقد وضع أسس هذا العلم في كتابه الفريد المناظر.
وقد ألف هذا الكتاب عام 411هـ/ 1021م، وفيه استثمر عبقريته الرياضية، وخبرته الطبية، وتجاربه العلمية،
فتوصل فيه إلى نتائج وضعته على قمة عالية في المجال العلمي،
وصار بها أحد المؤسسين لعلوم غيّرت من نظرة العلماء لأمور كثيرة في هذا المجال حتى لقبه العلماء ( أمير النور ).
زعم بطليموس أن الرؤية تتم بواسطة أشعة تنبعث من العين إلى الجسم المرئي، وقد تبنى العلماء اللاحقون هذه النظرية.
ولما جاء ابن الهيثم نسف هذه النظرية في كتاب المناظر،
فبين أن الرؤية تتم بواسطة الأشعة التي تنبعث من الجسم المرئي باتجاه عين المبصر.
بعد سلسلة من اختبارات أجراها ابن الهيثم بيّن أن الشعاع الضوئي ينتشر في خط مستقيم ضمن وسط متجانس.
اكتشف ابن الهيثم ظاهرة انعكاس الضوء، وظاهرة انعطاف الضوء أي انحراف الصورة عن مكانها في حال مرور الأشعة الضوئية
في وسط معين إلى وسط غير متجانس معه. كما اكتشف أن الانعطاف يكون معدوماً إذا مرت الأشعة الضوئية وفقاً لزاوية قائمة
من وسط إلى وسط آخر غير متجانس معه.
وضع ابن الهيثم بحوثاً في ما يتعلق بتكبير العدسات، وبذلك مهّد لاستعمال العدسات المتنوعة في معالجة عيوب العين.
وكان ابن الهيثم أول من درس العين دراسة علمية وعرف أجزاءها وتشريحها ورسمها
وأول من أطلق علي أجزاء العين أسماء آخذها الغرب بنطقها أو ترجمها إلى لغاته ومن هذه الأسماء
: القرنية (Cornea ) ، والشبكية ( Retina ) ، والسائل الزجاجي (Viteous Humour ) ، والسائل المائي ( Aqueous Humour) .
توصل ابن الهيثم إلى اكتشاف وهم بصري مراده أن المبصر، إذا ما أراد أن يقارن بين بعد جسمين عنه أحدهما غير متصل ببصره
بواسطة جسم مرئي، فقد يبدو له وهماً أن الأقرب هو الأبعد، والأبعد هو الأقرب.
مثلاً، إذا كان واقفاً في سهل شاسع يمتد حتى الأفق، وإذا كان يبصر مدينة في هذا الأفق (الأرض جسم مرئي يصل أداة بصره بالمدينة)،
وإذا كان يبصر في الوقت نفسه القمر مطلاً من فوق جبل قريب منه (ما من جسم مرئي يصل أداة بصره بالقمر)،
فالقمر في هذه الحالة يبدو وهماً أقرب إليه من المدينة.
فنون أخرى برع فيها
ولابن الهيثم رسائل عديدة في علم الفلك تزيد على عشرين رسالة، عرف منها ثلاث رسائل:
تبحث في مائية الأثر على وجه القمر، وفي ارتفاع القطب، وفي هيئة العالم.
ويستدل من هذه الرسائل أنه استنبط طريقة جديدة لتعيين ارتفاع القطب أو عرض المكان على وجه التدقيق.
وهي تدل على مقدرته العلمية الفلكية ومقدرة رياضية فائقة، إذ استطاع أن يلجأ إلى التحليل الرياضي.
فكانت بحوثه ونتائجه خالية من الغلط والأخطاء.
وبسط ابن الهيثم سير الكواكب وتمكن من تنظيمها جميعًا على منوال واحد.
فكانت هذه بمثابة آراء جديدة أدخلها إلى العلوم الفلكية، وهي لا تقل أهمية عن الآراء الجديدة التي نوه عنها في الضوء،
حيث أدخل خط الإشعاع الضوئي بدلاً من الخطوط البصرية.
وكانت هذه الآراء الجديدة التي أتى بها ابن الهيثم عاملاً من عوامل تقدم الفلك وخطوة لابد منها في تطور هذا العلم.
وقد درس الأستاذ الفلكي "محمد رضا" بعض رسائل ابن الهيثم في الفلك فخرج بالقول:
"... وإذا أردنا أن نقارن ابن الهيثم بعلماء عصرنا الحاضر فلن أكون مغاليًا إذا اعتبرت الحسن بن الهيثم في مرتبة تضاهي العلامة أينشتين في عصرنا هذا...".
بعض من مؤلفاته :
لابن الهيثم عدد كبير من المؤلفات شملت مختلف أغراض العلوم. وأهم هذه المؤلفات:
كتاب المناظر، كتاب الجامع في أصول الحساب، كتاب في حساب المعاملات،
كتاب شرح أصول إقليدس في الهندسة والعدد، كتاب في تحليل المسائل الهندسية، كتاب في الأشكال الهلالية،
مقالة في التحليل والتركيب، مقالة في بركار الدوائر العظام، مقالة في خواص المثلث من جهة العمود، مقالة في الضوء،
مقالة في المرايا المحرقة بالقطوع، مقالة في المرايا المحرقة بالدوائر، مقالة في الكرة المحرقة، مقالة في كيفية الظلال،
مقالة في الحساب الهندي، مسألة في المساحة، مسألة في الكرة، كتاب في الهالة وقوس قزح، كتاب صورة الكسوف،
اختلاف مناظر القمر، رؤية الكواكب ومنظر القمر، سمْت القبلة بالحساب، ارتفاعات الكواكب، كتاب في هيئة العالم.
ويرى البعض أن ابن الهيثم ترك مؤلفات في الإلهيات والطب والفلسفة وغيرها.
.وتوفي عام 430 هـ
ومنها يتجلى للقارئ الخدمات الجليلة التي أسداها إلى هذه الميادين والمآثر التي أورثها إلى الأجيال والتراث النفيس الذي خلفه للعلماء والباحثين،
مما ساعد كثيرًا على تقدم علم الضوء الذي يشغل فراغًا كبيرًا في الطبيعة والذي له اتصال وثيق بكثير من المخترعات والمكتشفات،
والذي لولاه لما تقدم علماء الطبيعة والفلك تقدمهما العجيب.
وهو تقدم مكن الإنسان من الوقوف على بعض أسرار المادة في دقائقها وجواهرها ،
وعلى الاطلاع على ما يجري في الأجرام السماوية من مدهشات ومحيرات.
__________________
ما دعوة أنفع يا صاحبي *** من دعوة الغائب للغائب
ناشدتك الرحمن يا قارئاً *** أن تسأل الغفران للكاتب
|