-
مَن تفكَّرَ في عواقبِ الدُّنيا ؛ أخذَ الحِذرَ ، و مَنْ أيْقنَ بِطولِ الطَّرِيقِ ؛ تأهَّبَ لِلسَّفَرْ ! .
ما أعجبَ أمرَكَ يا مَنْ يُوقِنُ بِأمرٍ ثُمَّ يَنسَاه ، و يتَحَقَّقُ ضَررَ حَالٍ ثُمَّ يغشَاه ، وَ تَخشَى النَّاسَ
و اللهُ أحقُّ أنْ تَخشَاهْ !
تَغلِبُكَ نَفسُكَ عَلَى ما تظُنّ ، وَ تَغلِبُها على ما تَستَيقِنْ !
أعجَبُ العجائِبِ : سُرُورُكَ بِغرورِك ، وَ سَهوُكَ فِي لَهوِكَ عمَّا قدْ خُبِّئَ لك !
تَغتَرُّ بِصحَّتِكَ وَ تَنسَى دُنُوَّ السُّقمِ ، و تَفرَحُ بِعافِيَتِكَ غافِلا عنْ قُربِ الألم !
لقدْ أرَاكَ مَصرَعُ غيرِكَ مَصرَعَك ، وَ أبدى مضجِعُ سِواكَ قبلَ الممَاتِ مَضجِعَك ! ،
وَ قدْ شَغَلَكَ نَيلُ لذَّاتِكَ عنْ ذِكرِ خَرَابِ ذاتِك ! .
كَأنَّكَ لمْ تَسمَعْ بِأخبَارِ مَنْ مَضَى ** وَ لمْ تَرَ فِي البَاقِينَ مَا يَصنَعُ الدَّهرُ !
فإنْ كُنتَ لا تَدرِي ؛ فَتِلكَ دِيَارُهُم ** مَحَاها مَجَالُ الرِّيحِ بَعدَكَ وَ القَبرُ ! .
* أبُو الفرَج عبدُ الرَّحمَنِ بنْ الجَوزِيّ رحمَهُ الله