رد: صور من حياة أستاذ الرياضيات جفري لانج حين أسلم وكتبه وبعض روابط محاضراته

ولذلك فقد فوجئت حينما أهدى إلى ترجمة لمعانى القرآن الكريم من الأخ الأصغر ،
وبعض الكتب عن الإسلام . كنت أعرف أنهم مرتبطين بعقيدتهم ،
ولكنهم لم يكونوا ملتزمين بها بدقة ،
كما أنهم لم يكونوا على صلة بأحد من ذلك الصنف .
لا أعلم من هو الذى بدأ الفكرة لإعطائى الترجمة .
فعمر كانت لديه الروحانية ، وراجيا عندها الشفقة ، كما أن محود يعرفنى جيدا .
هل ذلك لأنهم أحسوا بعدم سعادتى ؟؟؟ على كل حال قبلت الهدية ،
وشعرت أنها مشاركة شخصية منهم .
وفى المقابل سأقرأه وأحاول أن أفهم ما وراءه .
لا تستطيع أن تقرأ القرآن إلا إذا كنت جادا فى قراءته .
إما أن تستسلم له ، وإما أن تدافعه .

من البداية القرآن يهاجمك بعناد ، وبشكل مباشر ، وشخصى ،
ويناقشك ، وينتقدك ، ويضع العار عليك ، ويتحداك .
من البداية يبدأ معك المعركة ، وقد كنت معه فى الجانب الآخر .
لقد كنت فى الجانب الضعيف ، فالمؤلف يعرفنى أكثر من نفسى .
الفنان قد يرسم العين تتابعك أينما ذهبت ،
ولكن كيف يتسنى لمؤلف كتاب مقدس أن يتابع أفكارك ،
ويتوقعها فى تقلباتك اليومية ؟؟؟
القرآن الكريم دائما يسبق ما أفكر فيه ،
يزيل حواجز وضعتها أمامه منذ سنين طوال ، ويجيبنى على أسئلتى .
كنت كل ليلة ، أضع أسئلة واعتراضات ، وفى اليوم التالى أجد فيه الإجابة عليها .

الظاهر أن المؤلف كان يقرأ أفكارى ،
ويضع الإجابة عنها فى الأسطر التالية التى سأقرأها !!!
لقد وجدت نفسى خلال صفحات القرآن الكريم ، وكنت مرتعبا لما أراه .
وجدتنى مدفوعا لزاوية لا أستطيع فيها إلا خيارا واحدا !!!
لابد أن أتكلم مع أحد ... ولكن ليس عائلة قنديل ...
أكلم أحدا لا يعرفنى حتى لا يكون لديه أى توقعات . وفى يوم السبت ،
كنت فى حديقة البوابة الذهبية ، متجها للخلف لمرتفعات دياموند ،
وذلك بعد رياضة المشى اليومية .،
وخطر لى حل : أن أذهب لمسجد الطلبة المسلمين فى يوم الإثنين . .
تشكل كنيسة سانت إجناتييس ، الواقعة فى قمة جولدن جيت بولفارد ،
مصدرا للفخر لجامعة سان فرانسيسكو .
ويحتوى كتالوج الجامعة على عدة صور لها من زاوايا مختلفة .
فى أحد يوم الأربعاء ، وقد كان يوما مشرقا عليل النسمات ،
وقفت خارج المركز العلمى هارنى ، حيث يقع فيه مكتبى ، أنظر إلى الكنيسة .
وفى خلف هذه الكنيسة بالسرداب ، يقع مسجد للمسلمين ،
فقد كان اليسوعيون يسمحون للطلبة بإقامة الصلاة فيه
(فى الواقع فقد كان غرفة صغيرة) .
وعكس ما كنت أخطط له ، فلم أذهب بعد للمسجد .
بل ما زلت مترددا ، هل قرارى هذا سليم ، أم أنى تسرعت فيه ؟؟؟
وفى النهاية ، قررت الإقدام على تنفيذه ،
واضعا فى اعتبارى ، أننى فقط سألقى بعض الأسئلة لا أكثر .
وراجعت فى نفسى المقدمة التى سأبدأ بها ،
وذلك أثناء تقدمى لموقف السيارت للكنيسة . الدرج المؤدى للمسجد إلى أسفل كان للشمال ،
كما سبق أن وضحه لى أحد الأمريكان من فترة ،
ملقيا و وجهى بعض النكات ، قائلا
"هناك إشاعات تقول بأنهم بعض يحفظون يعض الجثث ملقاة هناك" .

وصلت إلى أعلى الدرج ، وألقيت نظرة على الباب بالأسفل ،
وكانت عليه كتابة باللغة العربية ، لا شك فى هذا .
وشعرت بنبضات قلبى تتسارع ، مما زاد فى قلقى .
وقررت أن أسأل أحدا فى الكنيسة ، إذا كان هذا هو المكان الصحيح للمسجد .
وذهبت إلى المدخل الجانبى ، وقد كان الظلام يغطى المكان .
مررت بجوار صورة المسيح ، ولكنى لم أركع له .
عجيب أن مناقشة الأفكار سابقا ، قد انطبعت فى تصرفاتك . .
سألت شخصا ، "هل تدلنى على المسجد أين هو ؟؟؟" .
كنت مضطربا ، فقد كانت انطباعاته مزيجا من الدهشة والإمتعاض .
ولم أنتظر إجابته ، وعندما خرجت من المكان ، تنهدت مرتين ،
كم جميلا أن تعود للشمس مرة ثانية . كنت فى حاجة للراحة بضع دقائق .
وحمت ثانية حول الكنيسة لأرى إن كان هناك مدخلا آخر للمسجد .
وفعلا وجدت المدخل ، ولكن الباب كان موصدا .
وبذلك عدت كما بدأت ، بجوار التمثال .
كنت قلقا ، ومتضايقا بعض الشئ وأن أنزل الدرج ،
وفى منتصف الطريق كان صدرى يضيق ، وقلبى يسارع فى النبض ،
وحاولت صعود الدرج مرة ثانية .
"مهلا دقيقة" ، وأنبت نفس ! ماذا أنت فاعل ؟؟؟
تريد أن تنتعش بالشمس المشرقة ، وفى كل يوم وأنت ذاهب لمكتبك ،
وهناك طلبة فى هذا المكان المظلم ، يطلبون وجه الله !!! .

أخذت نفسا عميقا ، وبدأت فى النزول أسفل الدرج مرة ثانية .
وفى منتصف الطريق كان الأسوأ !!! حينما وصلت للأسفل ، شعرت بانقباض .
قدماى التى كانت تسير يوميا سبعة أميال ، تضعف أن تتحملنى الآن .
وصلت لمقبض الباب . يداى ترتجفان . العرق يتزايد . عدت أدراجى للأعلى .
تسمرت هناك وظهرى للمسجد . لا أعلم ماذا أفعل .
شعرت بالخجل والهزيمة . وبدأت فى العودة لمكتبى .
مرت بعض الثوانى وأنا أحملق فى السماء ، كانت واسعة ،
غامضة و مريحة . لقد حاربت عشر سنين فى التوجه إلى الله ودعائه ،
ولكن مقاومتى إنهارت الآن .
فقلت "يا إلهى ! إذا كانت إرادتك لى أن أنزل إلى مكان المسجد ،
فامنحنى القوة لفعل ذلك" . وانتظرت . لا شئ !
كنت أتمنى أن تميد الأرض من تحتى ، أن أتلقى وميض ضوء ...
وإذا بى أدور 180 درجة عائدا للمسجد ، وفتحت الباب ودخلت .

يتبع
أشكر كل من يتابع
__________________
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم
|