-
من الآفاتِ الخفيّة العامّة
أن يكونَ العبدُ في نعمةٍ أنعمَ الله بها عليهِ و اختارَها له، فيملُّها و يطلبُ الانتقالَ منها إلى
ما يزعُم - لجهله - أنهُ خيرٌ له منها،
و ربُه برحمتهِ لا يخرجُه من تلكَ النعمة، و يعذرَه بجَهله و سُوء اختيارهِ لنفسِه، حتى إذا ضَاق ذرعا بتلكَ النعمةِ و سخِطَها و تبرَّم و استَحكم مللهُ لها؛
سلبهُ الله إيّاها. فإذا انتقلَ إلى مَا طلبَه و رأى التّفاوتَ بينَ ما كان فيهِ و صَار إليه،
اشتدَّ قلقُه و ندمُه و طلبَ العَودة إلى مَا كان فيه.
فإذا أرادَ اللهُ بعبدِه خَيرا و رُشدا؛ أشهَده أنّ ما هوَ فيهِ نعمةٌ من نِعمِه عَليه و رضّاه بهِ
و أوزَعه شكرٌ عليه،
فإذا حدّثتهُ نفسُه بالانتقالِ عنهُ؛ استخارَ ربَّه استخارةَ جاهلٍ بمصلَحته عاجزٍ عنها،
مفوّضٍ إلى الله طالبٍ منهُ حسنَ اختيارِه ..
* ابن القيم