ملتقى الفيزيائيين العرب - عرض مشاركة واحدة - { مُمَيّز } " نبض الصورة " وُ " وحي القلم "( 4 ) ..
عرض مشاركة واحدة
  #158  
قديم 25-07-2011, 08:44
الصورة الرمزية ربانة
ربانة
غير متواجد
مشرفة أقسام المنتديات الخاصة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2006
الدولة: المملكة العربية السعودية
المشاركات: 4,993
افتراضي كتبتها في ساعةٍ كنتٌ فيها كظيمة ,منحنية الظهر من غربة , ولا أعتكز سوى الشوق .









منذ وقتٍ لم أكتبني , منذُ...منذ أن فقدتك ؟!
أبي تسمعني ؟ تسمع حسيس صوتي البعيد أم أن الفراغ قد تاجر بصوتي بعيدا فلاتسمعني ؟
أبي ياسندي منذ وقتٍ لم يعد رأسي يظفر بيديك لتمسحه وتكث عنه سخام انهزامي على صخور جدارك, أينك لم أرك منذ وقتٍ ؟! لم أجس حرارة يديك بيدي منذ وقت , ولا بشفتي أقبلهما أو أمرغ وجهي بهما , عل حرارتيهما تدركني فــ تشعل الشمع الذابلة فتائله في يدي فاأراك .

منذ وقت لم أركَ ولا المصباح الذي بين مسافتينا قد اشتعل , صار الظلام يدفق سيله في كل الاتجاهات بُعيد مغادرتك ليعثر عودتي إليك .
أبي إني أفقدني فانجدني ..حاورني , تكلم؟! مابك ؟! لا أسمع صوتك لا يصلني .
لاتتركني وسط الزحام إني أضيع ,أبي أينك ؟! أمسك يديا ,إني أضيع يا أبي كالتائهين الصغار الــــــ ليس أمامهم سوى البكاء بصوت مزعج , وبأفواه مفتوحة ؛ ينهبها الصمت اللامبالي , وحيرتهم تنثر فتات خبزها ؛ فوق خطوات أضاعتهم من ذويهم , ومن أياديهم التي يعرفون , فمسّكتهم يد الذين لايعرفون فأين يدك يا أبي ؟!
خرائط الطريق نسيتها أقول لك , والطريق المعفر بضحكنا وبزهونا ذاكرتي قد فقدته , أبي إني فقدتُ درب البيت فكيف السبيل إليه؟أجبني وحل معضلتي . أبي عينيّ يثقبها الدرب الذي خلفتني عند نهايته , كل يوم هذا اللعين لا يتجاوب معي كلما سألته عنك خز عيني بمثقابه.
أبي..لاتدري ؟ !.. كم طويتُ فضل ثيابي مستعظمة موقفي من هذا الطاغوت الرحيل هذا الذي لم تسلم يده من طعنة هذا أوتلك , لم يسلم احدا من وباشته , و كنت أحسبني بغبائي خلف ردائك بعيدة عن عينيه , والآن أنا تحت رحمة يديه , فأينك ؟!
أينك لتدركني وتبعدني عن قبضتيه ؟!

أبي ..صوت العجلات المسرعة ,الغبار , زمور العربات, كلها تنبهني أنك رحلت, كم مخيف أن تنبعث رائحة الفقد من كل هذا المحيط الغريب بكل تفاصيله من الإشارات ومن العابرين الكسالى أوالمتعجلين , من عمال النظافة المتعبون أو من عامل البنزين من أسماء الدكاكين من الشوارع الضيقة او الواسعة من البيوت من تراصها , من مؤذن المسجد القريب صوته صوت قراءة الإمام كلها تذكرني أنك رحلت , منهم كلهم أتذكر أني لا أعرفهم وأن الطريق قد خلفتني فيه وحدي .
انتهى صوتك أبي بعد أن مضيت .
لم يتبقى إلا الرنين الذي أدسه في أذني عنك عن هذا التشتت الذي يمرني ليهشم صوتك بتشويشه ,منذ وقت فقدت صوتك الأجش يرتلني وينسكب في أذني شلالا يشعرني بلأمان .أسمعه ويرن في طبلة أذني فذاك هو الامان . والله منذ وقت لم اسمع صوتك قربي يهزني وينفض عني هذا الوجوم الذي تلبسني بعد أن لم تعد تدركني .
صحيح يا أبي كما تحكي لي أن العصافير تطير بعيدا عن أغصان الشجر الذي تعشعش به وفي أحضانه , بعيدا بما يكفي أن لاترى سوى طريقا منحنيا صغيرا كأفعى ملتوية ,تتذكر أنه درب الوطن الذي كانت تعرفه كلما مرت به , لكني والله لم اعتد هذا , لم اعتد الرحيل بعيدا فما عساني أفعل بكل هذا الحنين الذي يشتتني؟! صرت قريبة من التهتة .

أبي ..
منذ وقت لم أرَ عينيك ولا ابتسامك يلفني منذ وقت , فأينك؟!
أنسيتني ؟
!
ـ
__________________
https://twitter.com/amani655
رد مع اقتباس