بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مقتطف من شرح الأربعين النووية للشيخ صالح آل الشيخ ،،
لحديث الثامن عشر " اتق الله حيثما كنت .... "
قال -عليه الصلاة والسلام- : وأتبع السيئة الحسنة تمحها .
أتبع الفاعل أنت ، والسيئة هي المتبوعة ، والحسنة هي التابعة ،
يعني: اجعل الحسنة وراء السيئة -بعد السيئة-، إذا عملت سيئة فأتبعها بحسنة ؛ فإن الحسنات يذهبن السيئات ، كما قال -جل وعلا- :
{وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ } (114) سورة هود
وفي الصحيح ، صحيح البخاري -رحمه الله- وغيره
أن رجلا من الصحابة نال من امرأة قُبلة فأتي النبي وأخبره بالخبر
مستعظما لما فعل ، فيسأله عن كفارة ذلك ، فنزل قول الله -جل وعلا- :
{وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ
يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ } (114) سورة هود
فقال له -عليه الصلاة والسلام- هل صليت معنا في هذا المسجد؟
قال : نعم . قال : فهي كفارة ما أتيت .
وهذا يدل على أن المؤمن يجب عليه أن يستغفر من السيئات ،
وأن يسعى في زوالها ، وذلك بأن يأتي بالحسنات ، فالإتيان
بالحسنات يمحو الله -جل وعلا- به أنواع السيئات .
وكل سيئة لها ما يقابلها ، فليس كل سيئة تمحوها أي حسنة
فإذا عظمت السيئة وكبرت فلا يمحوها إلا الحسنات العظام؛ لأن
كل سيئة لها ما يقابلها من الحسنات .
ولهذا جاء أن الرجل إذا غلط أو جرى على لسانه كلمة : والكعبة أو
أقسم بغير الله فإن كفارة ذلك من الحلف بالآباء وأشباه ذلك أن يقول
لا إله إلا الله؛ لأن ذاك شرك ، وكفارة الشرك أن يأتي بالتوحيد ،
وكلمة لا إله إلا الله هي من الحسنات العظام ، كلمة التوحيد من
الحسنات العظام .
إذن فالسيئات لها حسنات يمحو الله -جل وعلا- بها السيئات ، وهذا
يدل على أن السيئة تمحى ، ولا تدخل في الموازنة ، وظاهر
الحديث : أن هذا فيمن أتبعها يعني: أنه إذا أتى بسيئة أتبعها بحسنة
بقصد أن يمحو الله -جل وعلا- منه السيئات ؛ لأنه قال وأتبع السيئة
الحسنة تمحها فإذا فعل سيئة سعى في حسنة لكي تمحى عنه
تلك السيئة .
والحديث الذي ذكرنا ، وعموم الآية :{وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ } يدل على عدم القصد ، فالحديث هذا دل على القصد ، يعني: أن يتبعها قاصدا ، والآية والحديث ؛ آية هود وحديث ابن مسعود الذي في البخاري تدل على عدم اعتبار القصد ،
فهل هذا في كل الأعمال؟ أم أنه يحتاج إلى أن يتبع السيئة الحسنة حتى يمحوها الله -جل وعلا- عنه بقصد الإتباع ؟
هذا ظاهر في أثره ، فأعظم ما يمحو الله -جل وعلا- به السيئات أن
يأتي بالحسنة بقصد التكفير ، فهذا يمحو الله -جل وعلا- به الخطيئة
؛ لأنه جمع بين الفعل والنية ، والنية فيها التوبة والندم على تلك
السيئة ، والرغبة إلى الله -جل وعلا- في أن يمحوها الله -جل وعلا- عنه .
إذن فهي مرتبتان :-
المرتبة الأولى : أن يقصد -وهي العليا- أن يقصد إذهاب السيئة بالحسنة التي يعملها ،
وهذا معه أن القلب يتبرأ من هذا الذنب ، ويرغب في ذهابه ، ويتقرب إلى الله -جل وعلا-
بالحسنات حتى يرضى الله -جل وعلا- عنه ففي القلب أنواع من
العبوديات ساقته إلى أن يعمل بالحسنة ؛ ليمحو الله -جل وعلا-
عنه بفعله الحسنة ما فعله من السيئات .
والمرتبة الثانية : أن يعمل بالخير مطلقا ، والحسنات يذهبن السيئات بعامة ،
كل حسنة بما يقابلها من السيئة ، فالله -جل وعلا- ذو الفضل العظيم .
إذا تقرر ذلك,,
فالحسنة : المقصود بها الحسنة في الشرع ،
والسيئة هي : السيئة في الشرع ، والحسنة في الشرع : ما يثاب عليه ،
والسيئة في الشرع : ما ورد الدليل بأنه يعاقب عليه .
إذن فالسيئات هي المحرمات من الصغائر والكبائر ،,
والحسنات هي الطاعات من النوافل والواجبات .,.......) انتهى كلامه
جعلنا الله واياكم ممن يتبعون السيئة الحسنة ,, اللهم امين
منقول