أفران المايكروويف بين أمان الغذاء وخطورة الموجات. أين الحقيقة؟
رغم مضي أكثر من نصف قرن على استخدام الميكروويف إلا أنه مازال السؤال الحائر طائراً .. ترى هل هو آمن؟
مادامت أفران الميكروويف تسخن الطعام فمن الطبيعي أنها تسخن أنسجة أجسامنا إذا تعرضنا لموجاتها.
هناك اشتراطات صارمة مطبقة منذ عام 1971 على مصانع الميكروويف للتأكد من سلامتها، وهناك متابعة دقيقة لذلك في أمريكا بمجرد إيقاف تشغيل الفرن فإنه لن يتبقى أشعة في الجو أو داخله , طول الاستخدام وعدم النظافة والإهمال وعدم الصيانة كلها أمور لها حديث خاص.
في عام 1946 وأثناء تجارب على أنبوب مجال مغناطيسي لاحظ بيرس اسبنسر، أن قطعة الشوكولاتة التي كان يحملها في جيب سترته قد انصهرت رغم أنه لم يكن يشعر بأي حرارة على جسمه أو سترته. وقد كان هذا الاكتشاف هو بداية تطوير الأدوات المطبخية في الولايات المتحدة والذي أفاد من هذا التأثير الحراري واكتشف الميكروويف. وفي عام 1952م نزل إلى الأسواق أول فرن ميكروويف لاستخدامه في المنازل بترخيص تجاري لشركة ريتيون.
رغم أنه قد مضى أكثر من نصف قرن منذ أن اخترع الدكتور ( سبنسر) فرن الميكروويف، وحوالي 45 سنة على استخدامه في المنازل (1955م) وثلاثين سنة على وضع القوانين الضابطة لتصنيعه من قبل إدارة الأغذية والأدوية الأمريكية (1971م) إلا أنه مازال هناك شك وريبة لدى الكثير من الناس حول درجة الأمان التي يعطيها هذا الفرن لمستخدمه. ومازالت الأسئلة الحيرى تطرح في المجالس والصحف والمجلات بل وحتى عبر الإنترنت.
هل الموجات المستخدمة في الميكروويف آمنة؟
هل تسبب السرطان؟
ماذا عن الغذاء المطبوخ أو المسخن فيه؟ هل هو آمن؟ هل حدث له تعديل أو تبديل جعله مضراً بالصحة؟
هل يسبب السرطان؟ أم ينتج طفرات وراثية؟
هل حقاً ما يقال من أنه لا يقضي على الميكروبات؟
هل نشتريه؟
وإذا اشتريناه.. يقال أنه يسرب أشعة؟
ويقال أن هذه الأشعة تسبب تلفاً في الأطراف تقود إلى الحاجة إلى بترها؟
أين الحقيقة؟
الحقيقة موزعة.
إن شأن هذا الفرن عجيب مع الإنسان، شأنه شأن بقية المخترعات التي تصدر أشعة.
وإن أمر الإنسان مع الأشعة لعجيب أيضاً.
كيف وهو يسمع ما تحدثه أشعة المفاعلات النووية من تشوه للأجنة ودمار للبشرية وطفرات وسرطانات.
كيف وهو يرى ويسمع ما تثيره وسائل الإعلام عن أشعة «تشرنوبل» ومازال يسمع.. ويسمع.. ويحذر من الأشعة السينية! إن العجب يمتد في جانبه الآخر بجهل بعضنا عن حقيقة الأشعة نفسها..! فما كل أشعة مؤينة أو نووية..!
أمور عدة.. ولا تداخل
عند حديثنا عن الميكروويف وتأثيره على الصحة ترد إلى الذهن عدد من القضايا والأمور وهي:
أولاً: وببساطة إذا كنا نشاهد الميكروويف يسبب تسخيناً للغذاء فهذا يعني أنه يمكن أن يسخن أي جزء من أجسامنا يتعرض له بالصورة نفسها، وهذا أمر حقيقي لانقاش فيه. وعليه فإن التعرض لأشعة الميكروويف تسبب تلفاً للأنسجة.
ثانياً: الضرر الذي تسببه الأشعة مقتصر على تلف الأنسجة وحرقها إذا كانت الجرعات كبيرة أو التعرض لها مباشرة. ماذا لو كانت بصورة بسيطة أو غير مباشرة، هل ثمة ضرر كما يقال؟
مثلاً يقال أنها تسبب السرطان.. فما حقيقة هذا الأمر؟
ثالثاً: الأفران التي نستخدمها في منازلنا هل تسرب أشعة غير مباشرة أم أنها آمنة. وكيف نعرف ذلك؟
رابعاً: لو لم تسرب أشعة ولم تتعرض أجسامنا لها، ماذا عن الغذاء المسخن والمطبوخ في الميكروويف، هل هو آمن صحياً؟
حول هذه المحاور الأربعة سيكون تحقيقنا في هذا الموضوع.
بداية هذه الاشتراطات
لقد أدركت كثير من الحكومات المصنعة لأفران الميكروويف المنزلية خطورة تسرب الأشعة من الفرن إلى جسم الإنسان(من منطلق تسخين الجسم) فوضعت مواصفات واشتراطات تمنع تسرب الموجات الكهرومغناطيسية منه إلى خارجه المحيط به.
ومن تلك الاشتراطات التي وضعتها إدارة الأغذية والأدوية الأمريكية (FDA) فمن ذلك: الاشتراطات التي تحدد كمية الموجات التي لابد للفرن ألا يسرب أكثر منها في حالة استخدامه خلال عمره الزمني. فكان الشرط ألا تتجاوز الأشعة 5 مللوات لكل سنتمتر مربع لبعد مداه الأعلى بوصتين من سطح الفرن، وهذا الرقم أقل بكثير جداً جداً من الرقم الذي يحدث ضرراً بصحة الإنسان. وهذا يعني أنه كلما ابتعدت عن الفرن أكثر من بوصتين (أي 5 سنتيمترات فقط)، فإنك ستتعرض لأقل من واحد من الواحد في المئة من الأيونات. أي أنه يضعك في الأمان شبه المطلق.
إن جميع الأفران التي أنتجت في أمريكا بعد أكتوبر 1971 لابد أن يكون لها شهادة تثبت أنها خاضعة لتلك الاشتراطات.
كما ألحقت تلك الاشتراطات التوزيع والبيع لأفران الميكروويف بين الحين والآخر.
وفي حالة اكتشاف أي خلل من قبل أي مصنع ومخالفة للاشتراطات فإنها تلزم المنتج بتعديل الخلل فوراً لجميع الأفران التي سوقت وإصلاحها بدون إلزام المشتري بأي مقابل مادي لذلك.
ولكن تبقى قضية المتابعة الدورية بعد استخدام الفرن لمدة طويلة أو سوء استخدام أو عدم نظافة الباب لفترات طويلة قابلة للتساؤل خصوصاً عندنا !
إن في طيات تحقيقنا هذا شيئاً من الحلول العملية، ولكن قبل هذا مازال هناك سؤال أولي مهم وهو:
ما هي الموجات التي تستخدم في أفران الميكروويف؟ وما هي حقيقتها؟
إنها مفيدة وخطيرة أيضا.
يتبع