طريقة عمل أفران الميكروويف.
إن الأساس العلمي لعمل أفران الميكروويف بسيط جداً: هناك أنبوب إلكتروني في الفرن، يسمى الماقنترون (صمام مفرع يكون تدفق الإلكترونات فيه خاضعاً لتأثير مجال مغناطيسي خارجي). هذا الأنبوب أو الصمام يقوم بتوليد مجال قوة متناوب. فعند التأثير فإن جزئيات الطعام، خصوصاً جزيئات الماء القطبية والأحماض الأمينية وأيضاً جزئيات الدهون والبروتينات، فإنها تنظم نفسها مع هذا المجال الكهربائي المتناوب. وتتذبذب الجزئيات حول محورها استجابة لانعكاس المجال الكهربائي الذي يحدث حـوالي 5 بليون مــرة في الثانية!
هذا التذبذب ينتج مقداراً هائلاً من الاحتكاك بين الجزئيات والذي يؤدي إلى توليد الحرارة. وهكذا يتم تسخين الطعام من الداخل ونحو الخارج وتبقى الأطباق والفرن نفسه بارداً لأنها لا تسخن مباشرة بالميكروويف. وهذا عكس طريقة تسخين الطعام بواسطة الأجهزة التقليدية والذي يتم فيه نقل الحرارة بالحمل من الخارج ونحو الداخل. ومن أجل تجنب التداخل بين التطبيقات المختلفة لموجات التردد العالي فقد تم اختيار تردد محدد وطول موجة ثابتة لتطبيقات الميكروويف في الصناعة وفي النواحي الطبية والمنازل.
بتسرب الأمواج..
حجم الخطر
لو انتقلنا من الحديث العام عن الأمواج الكهرومغناطيسية وحددنا حقيقة هذا النوع من الأمواج في أفران الميكروويف.. ما هو حجمها؟ وماذا لو حدث تسرب في الفرن لسبب أو لآخر، وتعرض الإنسان له؟ هل يعتبر مثل هذا التسرب خطراً؟.
بداية، لتحديد المدى الذي تعمل فيه أفران الميكروويف يمكن القول بأن أفران الميكروويف تعمل على تردد 2450 ميجاهيرتز بطاقة تصل إلى 700 وات للأنواع المنزلية و2كيلو وات للأنواع المستخدمة في بعض المطاعم الكبيرة. وتحدد أغلب المواصفات العالمية التسرب المقبول من الجهاز ب 1 مل وات لكل سنتمتر مربع على بعد خمسة سنتمترات من الجهاز عند التصنيع، و5 مل وات لكل سنتمتر مربع بعد ذلك.
وقد يحدث .. إلا أنه مختلف..!
وقد أجري العديد من الأبحاث (في الولايات المتحدة مثلاً) على تسرب الموجات الكهرومغناطيسية من تلك الأفران. وقد دلت النتائج على أن غالبية تلك الأفران تصدر موجات تقل شدتها عن الحد الأعلى. وفي المقابل دلت دراسة أخرى على أن بعض الأفران المستخدمة في المطاعم تنتج موجات كهرومغناطيسية تزيد شدتها عن الحد المأمون، وأرجعت ذلك إلى عدم صيانة تلك الأجهزة وإلى قلة النظافة. وتوجد في بعض الدول أنظمة تطلب إجراء قياسات دورية (كل ثلاث سنوات) على الأفران المستخدمة في المطاعم للتأكد من تحقيقها لشروط السلامة ومتطلباتها.
وقد راجعت إحدى الدراسات مستوى السلامة لمستخدمي أفران الميكروويف في مدينة الرياض، وخلصت إلى أن تسرب الموجات الكهرومغناطيسية من تلك الأفران هو أقل من الحدود المأمونة في نقاط قياس قريبة جداً من الفرن، وأن شدة المجالات الناتجة عن ذلك التسرب تكون ضعيفة جداً في الأمكنة التي يقف فيها مستخدمو تلك الأفران. حيث إن المستخدم لأفران الميكروويف يقف على مسافة تبعد حوالي 0.7 متر عند استخدامه لمدة دقيقة وتصل تلك المسافة إلى مترين عند استخدام الجهاز لمدة 30 دقيقة أو أكثر. ومتوسط المسافة يتراوح بين 1.2 و1.5 متر. فإذا كان التسرب من الفرن هو 5 ملي واط/سم2 على بعد 5 سنتمترات من الفرن(الحد الأعلى للتسرب)، فإن ذلك يعني تعرض الشخص الموجود على بعد 0.7 متر لكثافة تساوي 0.02 ملي واط/ سم2. وذلك أقل بكثير جداً من المقاييس المحددة التي قد تشكل خطراً عند التعرض المستمر للموجات الكهرومغناطيسية.
وقد يبلغ مقدار التسرب في بعض الأفران ( أقل من 1 ملي واط سم2) وعليه فإنه يمكن القول بأن 50% من الأفران العاملة حالياً تسربها لا يزيد على 0.062 واط/سم2. كما أن احتمال زيادة التسرب عن 5 ملي واط/ سم2 هو أقل من 0.05%.
ومن الدراسة الميدانية لقياس شدة الموجات الكهرومغناطيسية المتسربة من أفران الميكروويف المستخدمة في مطاعم مدينة الرياض، وجد أن نسبة التسرب تزداد في الأفران التي تستخدم مقبضاً يدوياً لفتح باب الفرن.
والشاهد!!
إذا أخذنا في الحسبان أن تلك المقاييس وضعت بكثير من التحفظ يمكننا القول أنه لا يوجد هناك ما يدعو إلى القلق تجاه تلك الأفران في حال استخدامها بشكل طبيعي. خصوصاً أن التسرب المشار إليه هو على بعد 5 سم من الجهاز، في حين أن المستخدم يقف عادة على بعد 30 إلى 60 سم من الجهاز، حيث تقل شدة الموجات المنبعثة من الجهاز بشكل كبير.
وهذه الأفران معزولة تماماً بحيث لا يتأثر المستخدم منها، ولكن مع طول الاستخدام قد يختل باب الجهاز أو يصيب زجاجة الباب شعر ما قد يسبب تسرباً لتلك الموجات فتسبب أضراراً للمستخدم. لذا ينصح بمعايرتها كل سنتين على الأقل، وخصوصاً تلك المستخدمة بكثرة مثل الأجهزة المستخدمة في المطاعم.
ومع ذلك .
ومع كل ما ذكر عن الموجات الكهرومغناطيسية وأفران الميكروويف فلابد من التنويه هنا إلى أنه ليس المقصود من هذا تهويل خطر الموجات الكهرومغناطيسية المستخدمة في الميكروويف، ولكن المقصود هو لفت النظر إلى احتمال تعرض بعض أبناء المجتمع إلى ذلك الخطر. وأنه ينبغي أخذه في الحسبان وإعطاؤه حقه من الدراسة والتمحيص.
مع ملاحظة أن بعض شرائح المجتمعات الحديثة قد تتعرض لموجات كهرومغناطيسية غير مأمونة، بسبب أخطاء في التصميم، أو تشغيل بعض الأجهزة الكهربائية، أو ربما بسبب إهمال احتمال وجود مثل تلك الموجات أصلاً.
وختاماً..
يمكن الإشارة إلى عدد من الملحوظات لمستخدمي الميكروويف.
* بالنسبة للمطاعم والأمكنة العامة لابد من من إلزام مستخدمي أفران الميكروويف بإجراء قياسات دورية كل ثلاث سنوات للتأكد من عدم إشعاع تلك الأفران لموجات تؤثر على سلامة العاملين بجوارها.
* بالنسبة للمستخدمين في المنازل ومن مازال عنده شكوك حول دقة هذه المعلومات ينصح بالتالي:
- التجاهل التام للموضوع وكأن أحداً لم يتحدث حوله وذلك حتى إشعار آخر يتم فيه القطع بالنتائج؛ لأن بعض الناس قد يصابون بالأمراض فقط من كثرة الوسوسة بالأمور المعنية ومنها تلك القضية. وعلى هذا فالاعتدال في التفكير والوسطية أمران جيدان، خصوصاً عندما تكثر الأراجيف والشائعات.
- أخذ مبدأ الاحتياط المعقول مع عدم المبالغة خصوصاً إذا كان هذا الاحتياط لا يكلف.
- أخذ قرار صارم وفوري حول الموضوع وأخذ جميع الاحتياطات الممكنة.
أشعة الميكروويف والخطر المحتمل ... وجهة النظر الأخرى .
هنالك وجهة نظر أكثر تشدداً في نظرتها للموجات الكهرومغناطيسية التي تبعثها أفران الميكروويف، وقبل طرح حيثيات هذه الوجهة لابد من التأكيد على أن الهدف من طرحها هو اكتمال الصورة وطرح الحقيقة كاملة للقارئ العزيز. ثم ورغم تشددها فهي مازالت تدور حول التسرب المحتمل للأشعة من الأفران (فيما لو حدث التسرب أصلاً). علماً بأن وجهات النظر هذه لا تستند في غالبها إلى توثيق علمي حقيقي.