[محبه للعلم والتعلم]

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
إنها لأيام مباركة أعدها الله لاستقبالة ضيوفه الوافدين إليه من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروه بالتلبية ، قد نزعوا لباس المخيط ولبسوا ثوب التذلل لرب السموات والأرضين ، طلقوا الدنيا وما تحوي من زينة تمثلت بالمال والبنين ، وكل ما فيه متاع يشغلهم عن التوجه للرب العظيم ، أحرموا عن المُباح فضلاً عن المُحرم ، بعد أن اغتسلوا وأزالوا الدرن عن أبدانهم ، وغسلوا قلوبهم من رسوبات الذنوب ، ليكونوا بذلك مهيأين لتلبية النداء الإلهي والذي خاطب به نبيه إبراهيم حيث قال في كتابه الحكيم وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ 27 سورة الحج
قد ركبوا رواحلهم على اسم الله قاصدين بيته العتيق ، تاركين كل ما يبهج نفوسهم من بناء شامخ وأهلٍ وأقربين ، ساعين إلى ساحة الخشوع ، بالإحرام مُبتدئين ليقفوا في عرفات على صعيدٍ واحد مجتمعين ، تهفوا نفوسهم إلى جلال الله وتُحلق أرواحهم في ملكوت الله وتبدوا أبدانهم كما لو أنهم في محشر يوم الدين ، لباسهم واحد وذكرهم واحد وقلوبهم تخفق كقلبٍ واحد خاشعين أذلاء للعفو طالبين وللمغفرة ساعين وللرحمة راغبين ، وبمرضاة الله متوسمين ، قد غيرت الشمس ملامحهم ، وأبدى التعب ذبولهم لكنهم غير عابئين ، كل ما يهمهم التوجه لمعبودهم ليكون راضياً عنهم ليجزيهم الأجر العظيم ، وبعد أن يُنهوا شعيرتهم هذه يتوجهوا زُرافات إلى المزدلفة لأجل المبيت ،وجمع الجمار التي بها يرمون الغوي اللعين ، ليتوجهوا بعدها إلى منى قاصدين المبيت ورمي الشيطان الرجيم ، ثم يطوفوا ويقصروا وينحروا الأضاحي مُتوجين أعمالهم وزينة عبادتهم بالعيد السعيد ، ليبدأوا بأعمال أيام التشريق ويختموها بالتهليل والتكبير فرحاً على ما من الله به عليهم من قبوله لضيافته لهم وتفضله عليهم بأعظم زاد ألا وهو غفران الدنوب العظام واستبدالها بالأجر العظيم
أدعو الله لكل حاج أن يوفق لأعمال هذه الفريضة من دون نقصان وأن يعود إلى أهله حاملاً معه رضا الرحمن بحج مبرور وسعي مشكور وذنب مغفور

من كتابات والدي
صــ آل محمد ــداح